خسائر يومية بعشرات ملايين الدولارات.. العالم ينتظر من الصين فتح مصانعها، فهل سيسمح لها «كورونا» بذلك؟

9 فبراير 2020آخر تحديث :
خسائر يومية بعشرات ملايين الدولارات.. العالم ينتظر من الصين فتح مصانعها، فهل سيسمح لها «كورونا» بذلك؟

صدى الاعلام _ رام الله : تنتظر شركاتٌ كبرى من مختلف أنحاء العالم أن تُعاود الصين فتح مصانعها ومحطَّاتها يوم الإثنين، 10 فبراير/شباط. وإذا لم يحدث هذا، سوف تعاني كبرى العلامات التجارية وستصاب بالشلل، بدءاً من مصنِّعي السيارات وحتى عمالقة التكنولوجيا، في تصنيع منتجاتها.

ماذا يحدث؟

تقول شبكة BBC البريطانية، إن مخزونات هذه العلامات التجارية بدأت بالنفاد بالفعل بعد موجة إغلاقٍ واسعة النطاق للمصانع الصينية التي أُجبِرت على غلق أبوابها لمنع انتشار فيروس كورونا.

وتنهض الصين، المعروفة للعالم باسم «المصنع»، بدورٍ حيوي في سلاسل التوريد العالمية والاقتصاد العالمي.

ستكون شركة آبل الأمريكية إحدى العلامات التجارية التي قد تواجه نقصاً في سلعها إذا ما تأخَّر فتح المصانع، إذ يقع اثنان من كبار خطوط تجميع هواتف آيفون -وهما فوكسكون وبيغاترون- في الصين. وكانت آبل، عملاقة التقنية، قد أغلقت متاجرها ومقرها في الصين فيما تراقب تطوُّرات الوضع الحالي.

يحذر خبراء من امتداد تأثير كورونا إلى الاقتصاد العالمي/ Getty

يحذر خبراء من امتداد تأثير كورونا إلى الاقتصاد العالمي/ Getty

وقد طلبت السلطات الصينية من الشركات أن تمد عطلة السنة القمرية الجديدة حتى 10 فبراير/شباط، لاحتواء الفيروس المميت ومنع تفشيه لحدٍّ أبعد.

ماذا يعني استمرار غلق هذه المصانع؟

تقلق هذه الشركات الآن من تأخُّر فتح مصانعها لوقتٍ أطول، فيما تحثُّ بعض السلطات المحلية المصانع لإبقاء أبوابها موصدة.

يقول مايكل إيفري، مدير الأسواق المالية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشركة Rabobank الهولندية: «من المؤكدٌ بدرجةٍ كبيرة أنَّ إعادة فتح المصانع يوم الإثنين المقبل ليس احتمالاً واقعياً، حتى وإن كانت معطيات انتشار الفيروس تشير فجأة لإمكانية حدوث هذا فعلاً. يعتقد العديد من الناس أنَّ شهر أبريل هو المحتمل واقعياً أن يبلغ الفيروس ذورته فيه».

يمكن بالفعل رؤية أثر الإغلاق المطوَّل لقطاع التصنيع الصيني. قد اضطرَّت شركة هيونداي، وهي خامس أكبر مصنِّع للسيارات في العالم، لوَقف إنتاج سياراتها في كوريا الجنوبية لنفاد الأجزاء اللازم ورودها من الصين.

يواجه مصنِّعو السيارات الآخرون تحدياتٍ مشابهة، إذ حذرت شركات تسلا، وفولكس فاغن، وتويوتا جميعاً بأنَّها تتوقع اختلالاتٍ في عمليات التصنيع.

قالت آيرس بانغ، وهي عالمة اقتصاد مختصَّة بمنطقة الصين الكبرى لدى شركة ING المالية الهولندية: «يواجه كل مصنعٍ نفس المشكلة. لا يؤثر إغلاق المصانع على بعض الشركات فقط بل على عملية التصنيع ككل، إذ لم يتأكَّد بعد عدد عمَّال المصانع الذين سيعودون إلى عملهم بعد انتهاء إجازتهم المطوَّلة».

ما الضرر الذي يلحق بسلاسل التوريد العالمية؟

تمتد تداعيات تفشي فيروس كورونا لكل الأبعاد، إذ تضرب قطاع التصنيع الصيني، وكبرى خطوط الطيران، والآن سلاسل توريد السلع العالمية. وقد أُجبِرت مدن الملاهي وصالات الكازينو على إغلاق أبوابها، ومن بين هؤلاء متنزهات ديزني في شنغهاي وهونغ كونغ، التي تقرَّر إغلاقها لمدة شهرين.

 تمثل تلك المناطق التي تم إغلاقها بسبب كورونا نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني/ Getty

تمثل تلك المناطق التي تم إغلاقها بسبب كورونا نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني/ Getty

وهذا الأسبوع، طُِلب من صالات الكازينو في إقليم ماكاو الصيني، وهو أكبر مركزٍ للقمار في العالم، أن تُغلَق مؤقتاً، فيما كانت سلسلتا ستاربكس وماكدونالدز بين كبرى سلاسل الطعام التي أغلقت منافذها في الصين. وقالت شركة Wynn Resorts الأمريكية للعقارات إنَّها تخسر نحو 2.5 مليون دولار يومياً في ماكاو بإبقاء صالاتها هناك مُغلقة.

كيف سينعكس كل ذلك على الاقتصاد العالمي؟

مع استمرار تزايد أعداد ضحايا فايروس كورونا حتى أصبح يقتل العشرات كل يوم، يحذر خبراء من امتداد تأثير كورونا إلى الاقتصاد العالمي. وفي حين تشهد أجزاء من الصين شللاً اقتصادياً، يحذر خبراء من آثار سلبية للوباء على الاقتصاد العالمي، وعلى رأسه الولايات المتحدة.

وأعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين، السبت 8 فبراير/شباط 2020، عن مقتل 86 شخصاً بفيروس كورونا خلال يوم الجمعة فقط، ليرتفع بذلك عدد القتلى إلى 725 شخصاً، فيما سُجلت وفاة شخص من الولايات المتحدة بالفيروس، ليُصبح أول أمريكي يموت جراء الفيروس، كما أُعلن عن إصابتين جديدتين بالإمارات بالفيروس، في حين وصل عدد الإصابات بالصين وحول العالم إلى 34947 شخصاً.

وتبقى مدينة ووهان ومقاطعة هوباي (وسط)، بؤرة الفيروس، منقطعة عن العالم. ويمتد اتخاذ إجراءات مماثلة إلى مدن صينية أخرى بينها هانغتشو، حيث مقر شركة التبادل التجاري عبر الأنترنت الضخمة «علي بابا».

وطلبت السلطات في عدة مقاطعات، غالبيتها مقاطعات صناعية مثل غوانغدونغ (جنوب)، من المصانع والشركات «غير الأساسية» أن تبقي أبوابها مغلقة حتى 9 شباط/فبراير. وأوضح مكتب «أوكسفورد إيكونومكس» للتحليلات الاقتصادية «تمثل تلك المناطق 50% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني».

بالنسبة للولايات المتحدة، يقول محللون أمريكيون إن «ازدهار الصادرات» المنتظر بعد الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين يبدو أنه سيتأخر بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث أن إغلاق المصانع في الصين وتعليق حركة الملاحة الجوية لتفادي انتشار الوباء يمكن أن يولدا «عقدة في شبكة التموين» مع ارتفاع الأسعار وتكبد الشركات أرباحا فائتة.

ومن المخاطر الأخرى، التي تواجه الاقتصاد الصيني والتي ستؤثر على الاقتصاد العالمي، عدم الوفاء بمتطلبات الاتفاق التجاري مع واشنطن، حيث إن بكين طالبت أمريكا بالمرونة في تطبيق بنود الاتفاق، مع العلم أن هناك بنداً في اتفاق المرحلة الأولى، ينص على التشاور بين الطرفين، في حال حدوث كارثة طبيعية، أو حدث غير متوقع، إلا أن المؤشرات حتى الآن، لا تدل على أن الصين لجأت لهذا البند، كما أن التراجع المتوقع في حجم الصادرات، عامل ضغط إضافي على النمو الاقتصادي.

إلى جانب ذلك كله، هناك مجموعة من الإجراءات الأخرى التي يتوقع أن تلجأ إليها الصين لدعم الاقتصاد بعد هذه الكارثة، منها زيادة الحد الأقصى لعجز الموازنة، لتوسيع الإنفاق، وبيع المزيد من السندات الحكومية، وضخ المزيد من الأموال في النظام المالي.

الاخبار العاجلة