خطة “تنوفا” العسكرية الإسرائيلية الجديدة: جيش أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً!

23 فبراير 2020
خطة “تنوفا” العسكرية الإسرائيلية الجديدة: جيش أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً!
صدى الاعلام _ رام الله :  أصدر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، اليوم الأحد، تقريرا خاصا بعنوان ” خطة “تنوفا” العسكرية الإسرائيلية الجديدة: جيش أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً!”.

ويبين التقرير أن أهداف الخطة في الأساس هي جعل جيش الاحتلال الإسرائيلي “أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً”، وهو هدف وضعه رئيس هيئة أركانه الحالي أفيف كوخافي بعيد استلامه منصبه، حيث صرح أنه سيعمل على “جعل الجيش أكثر فتكاً، من خلال توسيع قوة النار التي يستعملها، وبصورة واسعة ومتعددة في البحر والجو واليابسة، وفي حرب السايبر والحرب الإلكترونية”.

وفيما يلي نص التقرير:

خطة “تنوفا” العسكرية الإسرائيلية الجديدة: جيش أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً!

يحاول الجيش الإسرائيلي منذ عقود أن يقوم بتغيير رؤيته القتالية وبنية الجيش بما يتلاءم مع تغيّر التحديات العسكرية من جهة، وتغيّر ما يسمى بـ”بيئة التهديدات” من جهة أخرى.

وخلال السنوات الأخيرة يلائم الجيش في إطار هذا التصور توجهاته القتالية من حيث التسليح، وأفضلية الوحدات القتالية على تنوعها، وذلك في عهد ما أسماه عالم الاجتماع الإسرائيلي، أوري بن إليعازر، بـ”الحروب الجديدة”.

ويمكن القول بناء على ذلك إن الجيش الإسرائيلي يسعى كل الوقت لأن يعيد بناء تصوره ووحداته وبنيته بحسب مرحلة الحروب الجديدة التي تتميز بالحروب غير المتجانسة، أي بين جيش نظامي أو جيش دولة وبين منظمة عسكرية أقل من جيش نظامي، وصعوبة الوصول إلى نقطة الحسم العسكري، فضلاً عن دخول الجبهة المدنية كجبهة مركزية، إضافة إلى أهمية الإعلام والصورة كجزء من الحرب أو المعركة. ولذلك قام كل رئيس هيئة أركان جديد ببناء تصور لما يراه مناسباً للجيش الإسرائيلي بموجب تغير بيئة التهديد وطبيعة الحرب. وهذا ما فعله مثلاً رئيس هيئة الأركان السابق، غادي أيزنكوت، عندما عرض خطته المسمى “جدعون” والتي وصلت ميزانيتها إلى حوالي 30 مليار شيكل.

ونشر رئيس هيئة الأركان الحالي، أفيف كوخافي، خطة سميت بـ”تنوفا” [رافعة أو اندفاعة]، تهدف إلى إعادة بناء وحدات الجيش وإنشاء وحدات جديدة فيه. وأشار إلى أن من أبرز أهدافها زيادة قدرة الكشف عن قوة “العدو” وزيادة قدرة التدمير لأذرع الجيش المتعددة.

وأشار الجيش إلى أن كوخافي عرض الخطة أمام كل من وزير الجيش ورئيس الحكومة وأمام جميع قادة الجيش الإسرائيلي، وأكد أن من أهداف الخطة زيادة قدرة تدمير أهداف “العدو” في بداية أي حرب بسبعة أضعاف القدرة الحالية، بالإضافة إلى تعزيز الهجمات السيبرانية والحرب الإلكترونية في ساحة القتال، ودعم ميدان المعركة بآلاف الطائرات المسيّرة الانتحارية والصواريخ المتطورة. كما أشير إلى أنه من المخطط إجراء تغييرات في مبنى القوى العسكرية، إذ سيتم تعزيز الفرق النظامية، وسيقوم الجيش بتجديد أسراب طائرات الهليكوبتر الكبيرة، وسيمتلك أسلحة دقيقة لسلاح الجو تضاعف الأجهزة المتوفرة حالياً. ووضع الجيش هدفاً يتمثل في إقامة بنية تحتية رقمية تسهّل التواصل بين الجميع وتمكّن من نقل معلومات بصورة فعالة وسريعة إلى الوحدات الجانبية. كما تنص الخطة على قيام إسرائيل بإطلاق قمر صناعي جديد إلى جانب استخدام أقمار صناعية صغيرة.

يمكن تلخيص خطة “تنوفا” في النقاط التالية:

أولاً: إضافة جنرالين إلى سلاح البرية يكونان مسؤولين عن تعزيز المناورة العسكرية وبناء القوة.

ثانياً: تقديم 2000 ضابط وضابطة إلى مناصب مهمة.

ثالثاً: بناء آلاف الطائرات الصغيرة الانتحارية، وصواريخ متقدمة للوحدات النظامية خلال هذا العام.

رابعاً: تأسيس وحدة لواء مرنة وسريعة، بدون معدات ثقيلة، تعتمد على وحدات “كفير” ووحدات احتياط.

خامساً: إقامة وحدتيّ طائرات مقاتلة جديدة، وإغلاق وحدات قديمة.

سادساً: إغلاق لواءين من المدرعات من نوع “مركفاه 2”.

سابعاً: حجم التسليح لسلاح الجو سوف يتضاعف مرتين.

قرر كوخافي نشر خطته للسنوات الخمس القادمة، قبل تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل.

وقد عقب مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على الخطة بأنه تم عرضها على رئيس الحكومة، وهو يدعم أغلب مركباتها، ولكنه طلب تعزيز القدرات الهجومية. غير أنه بسبب الميزانية الكبيرة التي تحتاجها الخطة، فإن إقرارها يتطلب موافقة المجلس الوزاري السياسي- الأمني المصغر وموافقة رئيس الحكومة. وحصلت الخطة على موافقة وزير الجيش الحالي نفتالي بينيت، لكن إقرارها كما ذكر لا يتعلق فقط بإقرار المجلس المصغر فحسب، بل أيضا بموافقة وزارة المالية، حيث أنه من المتوقع أن تكون تكاليف الخطة أعلى من الخطة السابقة (“جدعون”). ولا شك في أن تكاليفها ستكون مكان صراع بين الجيش ووزارة المالية، خصوصا وأن ميزانية الدولة سوف تشهد في الفترة القادمة تقليصات تصل إلى 20 مليار دولار بسبب العجز المالي الذي ارتفع في العام الماضي، ولن تقبل وزارة المالية بتمويل كل الخطة المعروضة، بل ستخضع لتسوية ما بين الطرفين، يتخلى فيها الجيش عن بعض مركبات الخطة أفقياً وعمودياً.

أهداف الخطة

تهدف الخطة في الأساس إلى جعل الجيش أكثر تكنولوجياً وأشدّ فتكاً، وهو هدف وضعه كوخافي بعيد دخوله إلى منصبه الحالي، حيث صرح بعد استلامه المنصب بأنه سيعمل على جعل الجيش أكثر فتكاً، من خلال توسيع قوة النار التي يستعملها، وبصورة واسعة ومتعددة في البحر والجو واليابسة، وفي حرب السايبر والحرب الإلكترونية. ويشكل الدفاع عن “الحدود “ركنا مركزيا في خطة كوخافي، غير أن خطته تعتمد على الاستثمار بالجيش بحيث يكون 70% للهجوم و30% للدفاع، ويشير محللون إسرائيليون إلى أن هذا التوجه قد لا ينسجم مع تصور نتنياهو حول رؤيته التي تركز في العقد القادم على السايبر، سلاح الجو والدفاع الجوي.

في عرضه لخطته الخمسية، قال كوخافي إن “تنفيذ الخطة متعددة السنوات “تنوفا” سوف يُمكن الجيش الإسرائيلي من اكتساب قدرات كبيرة، فالخطة تعزز القوة الفتاكة للجيش، سواء في الحجم أو الدقة، وتخلق ظروفاً لتقصير مدة المعركة، والتحديات حولنا لا تعطينا الامكانية للانتظار ولذلك وبرغم التعقيدات، فإن الخطة بدأت تُنفذ”.

ويعتقد قادة الجيش الإسرائيلي أن الفرصة مواتية لتنفيذ خطة “تنوفا” وذلك بسبب الفرصة التاريخية السانحة في الشرق الأوسط.

 ويكمن تحد آخر للخطة وتنفيذها، كما ذكرنا، في الثمن المالي الباهظ لها، فميزانيتها أعلى من ميزانية الخطة السابقة، وذلك يعود للغلاء، وبكل الأحوال فإن الجيش لا ينوي أن يحيد عن الميزانية التي وضعت له للسنة الحالية حسب اتفاق يعلون- كحلون (أي وزير الجيش السابق موشيه يعلون ووزير المالية موشيه كحلون).

ويشير محللون إسرائيليون إلى أن الجيش قادر على التغلب على العائق المالي، حيث أنه مع الزيادات الخاصة التي منحتها وزارة المالية للجيش وميزانيته، علاوة على الزيادة السنوية لميزانيته بمبلغ ملياري دولار، وفي حالة لم تندلع حرب في السنة القادمة، فإن الجيش يستطيع البدء بتنفيذ خطة “تنوفا”، بشرط أن تتشكل في إسرائيل حكومة ثابتة. 

الجيش الإسرائيلي مقتنع أن تنفيذ الخطة سوف يُمكنه من تحقيق أهدافه أمام سيناريو المواجهة المركزي الذي حدده لنفسه في السنوات الماضية، وهذا السيناريو يتمثل في المميزات التالية:

أولاً: قدرة الجيش على إدارة معركة على جبهتين في نفس الوقت.

ثانياً: أن تكون إحدى هاتين الجبهتين مركزية والجبهة الثانية هامشية.

ثالثاً: إدارة مواجهة عسكرية أمام “عدوين” مركزيين في ذات الوقت. 

وتشير التقديرات إلى أن الجيش صرف من ميزانيات خاصة 600 مليون شيقل لشراء معدات عسكرية سوف يتم استعمالها بعد نصف عام، وتشمل شراء طائرات صغيرة انتحارية، ووسائل رؤية ليلية، وصواريخ ضد الدبابات للوحدات العسكرية التي تعمل في الجبهات المتقدمة.

الموارد البشرية في الخطة

تنحو الخطة إلى عدم الاستثمار الزائد في وحدات الاحتياط، وإنما ستعمل على إبقاء الوضع كما هو عليه الآن؛ وذلك على الرغم من أن القوة البشرية للجيش الإسرائيلي لا تزال تعتمد على قوة الاحتياط وليس على القوات النظامية. وربما يمكن تفسير ذلك من خلال التوجه العام للجيش في السنوات الأخيرة، لا سيما في الخطة الحالية التي تركز على الوسائل القتالية الفتاكة، قوتها التدميرية ودقتها في إصابة الأهداف، بحيث ينحو الجيش إلى الاعتماد على التكنولوجيا الزائدة في حروبه وليس على القوة البشرية، وخصوصا قوة الاحتياط. وفي اعتقادنا، فإن الجيش يحافظ على قوة الاحتياط من أجل الحفاظ على نفسه كجيش الشعب من جهة، والحفاظ من جهة أخرى على شرعيته الكبيرة النابعة من كونه يمثل الإجماع في المجتمع الإسرائيلي وفيه تسود المساواة النسبية في الحراك داخله.

وفي إطار الخطة الجديدة لن يستثمر الجيش في تعزيز قوة الاحتياط، لا بل سوف يغلق بعض وحدات الاحتياط، كما تشير الخطة إلى أن التسلح الجديد الذي سيشتريه الجيش سيذهب بالأساس إلى القوى النظامية بالدرجة الأولى، وإلى الاحتياط بالدرجة الثانية. كما ينوي الجيش شراء 2500 شاحنة سوف يتم تقسيمها بداية على القوة النظامية وبعد ذلك على قوة الاحتياط. وظهر هذا التوجه في أعقاب عدم الرضا الذي يعبر عنه الجيش من التدريبات التي تحصل عليها قوى الاحتياط، مما يجعلها غير مستعدة كفاية للحروب القادمة. فضلا عن ذلك، يسعى الجيش للاعتماد على وسائل تكنولوجية متطورة للكشف عن عمليات ضد إسرائيل، وهو مشروع بدأ الجيش بالشروع به في الضفة الغربية كتجربة سوف يتم تعميمها على باقي القطاعات، ويؤدي ذلك إلى تقليص الحاجة إلى القوة البشرية، لا سيما الاحتياط في لعب دور في الحفاظ على الأمن في الضفة الغربية وباقي القطاعات.

كما سيتم إدخال منظومات جديدة من أسلحة “الدفاع”، مثل مقلاع داود، وغيرها من المنظومات “الدفاعية” المتطورة ضد الصواريخ والقذائف قصيرة المدى.

الاخبار العاجلة