العالم أمام مصير مشترك

16 مارس 2020آخر تحديث :
العالم أمام مصير مشترك

زهران معالي

استدعى الوضع الصحي العالمي الطارئ خروج مسؤولين في منظمة الصحة العالمية يوميا، بمؤتمر صحفي توضيحي لخارطة الفيروس الجديد الذي يتفشى في دول العالم.

وبموازاة الشرح المفصل الذي يقدمه مسؤولو المنظمة أمام العالم عبر شاشات التلفزة، تسير دول مختلفة في العالم على نهج الإجراءات الطارئة والسريعة لوقف تفشي فيروس “كورونا” كوفيد -19.

ويبدو العالم الآن وكأنه يسير بحذر شديد “تحت حبات المطر”، فأكثر من 150 دولة سارعت لاتخاذ إجراءات احترازية للحيلولة دون تفشي الفيروس، بعد أن قضى على أكثر من ستة آلاف شخص وأصاب 160 ألف آخرين، حسب إحصاءات المنظمة الدولية.

وبدت مطارات عالمية، تشهد حركة دراماتيكية عادة، خالية هذه الأيام، فيما خلت دور العبادة من روادها، وأغلقت مؤسسات تعليمية أبوابها في عشرات الدول، فيما شلت الحياة اليومية في إيطاليا بعد أن أجبر سكانها (60 مليون نسمة) على الخضوع للحجر الصحي، للحد من تفشي المرض.

فمن الشرق الأوسط إلى أميركا وأوروبا علقت آلاف الرحلات وأقفلت الأجواء مؤقتا، وفرضت دول إجراءاتها الاحترازية، فأغلقت المسابح وصالات السينما والرياضة، وفرض عزل ذاتي على جميع الوافدين من الخارج، في محاولة لكبح جماح “كوفيد 19”.

الأمين العام للأمم المتحدة السيّد أنطونيو غوتيريش، تحدث في رسالته المصوّرة حول الوباء العالمي الجديد قبل أيام، قائلا “نحن نواجه تهديدا صحيا لا مثيل له في حياتنا، يجب أن نعلن الحرب على هذا الفيروس”.

وكان رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، أعلن بداية الشهر الجاري، أن بلاده “في حرب” مع فيروس كورونا المستجد.

ورغم الأخبار السارة التي تفيد بتراجع أعداد المصابين يوميا وفق ما يصدر عن اللجنة الوطنية الصحية الصينية من مقاطعة “ووهان” مركز تفشي المرض، إلا أن الحالة الطارئة التي يشهدها العالم تظهر ضرورة العمل المشترك لمواجهة عدو غير مرئي، مازال يبحث العالم عن لقاح للجمه.

حالة الطوارئ تلك لم يعتد العالم عليها منذ أكثر من قرن، تحديدا في عام 1917-1918 عندما دب وباء “الانفلونزا الإسبانية” بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقضت على عشرات ملايين البشر حول العالم.

ولكن وفق حجم المؤشرات في العالم، فإنه من غير الممكن أن يخوض بلد الحرب ضد الفيروس بمفرده، وهو ما دعا إليه “غوتيريش”، حاثا الدول والحكومات إلى “التعاون لتنشيط الاقتصاد وتوسيع الاستثمار العام وتعزيز التجارة وضمان تقديم دعم محدد الوجهة بدقة للأشخاص والمجتمعات الأكثر تضررا من المرض أو الأكثر عرضة للآثار الاقتصادية السلبية، أو الأشخاص الأكثر عرضة للتداعيات السلبية على الاقتصاد، بما في ذلك النساء اللواتي يتحملن غالبا عبئا غير متناسب من أعمال الرعاية”.

وتسببت كورونا بهبوط في الأسهم العالمية ما كان له تداعيات على الاقتصاد العالمي، ويقدّر الاقتصاديون في الأمم المتحدة أن الفيروس سيكلّف الاقتصاد العالمي ما لا يقل عن تريليون دولار هذا العام، إن لم يكن أكثر.

ولعل التجربة الصينية مركز تفشي المرض، التي أظهرت إجراءاتها الاحترازية القدرة على الحد من انتشار الفيروس رغم عدم التوصل للقاح للعلاج حتى اللحظة، فرصة أمام العالم للتعاون معها وتطبيق تجربتها وتعميمها لوقف تفشي المرض.

وهذا ما أكد عليه الرئيس الصيني شى جين بينج خلال اتصاله مع غوتيريش وفق ما نقلت وكالة “شينخوا”، حيث حث المجتمع الدولي “على اتخاذ إجراء عاجل وعلى إقامة تعاون دولي فعال في إطار الوقاية والسيطرة المشتركين، لتشكيل قوة منسقة لهزيمة المرض، وأن الصين على أهبة الاستعداد لتشارك خبراتها مع البلدان الأخرى، وإجراء بحث وتطوير مشترك للعقاقير واللقاحات، وتقديم ما بوسعها من المساعدة للبلدان التي يتفشى فيها المرض”.

وأكد أنه يتعين “على المجتمع الدولي أن ينظر للبشرية على أنها مجتمع مصير مشترك، يعتني فيه كل طرف بالآخر، وتتعاون فيه جميع الأطراف في مواجهة المخاطر والتحديات وبناء كوكب رائع”.

وفي شهر يناير/كانون الثاني المنصرم، أعلنت الصين إجراءات غير مسبوقة لمكافحة الفيروس الجديد، تمثلت بوضع إقليم “هوبي” بأكمله بسكانه الذين يبلغ عددهم 56 مليون نسمة، تحت الحجر الصحي، وبناء مستشفى ميداني في عشرة أيام لعلاج المرضى.

وتبدو الإجراءات الجدية والصارمة التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية بعد الصين، قد حققت النتائج المرجوة منها حتى اللحظة، ما ساهم في حصر أعداد الإصابات ومنع انتشار الفيروس، وفق ما يؤكد رئيس الحكومة محمد اشتية.

واتخذت الحكومة الفلسطينية إجراءات مشددة في ظل إعلان حالة الطوارئ في البلاد في الخامس من الشهر الجاري، للحد من تفشي المرض.

وقال اشتية خلال مؤتمر صحفي يوم الأحد، إنه “تم إجراء فحوصات لـ21 مصابا مما مجموعه 38 من المصابين بفيروس كورونا، أثبتت أن 15 حالة منهم تظهر عليهم بوادر التعافي، وهذه البوادر ليست شفاء تاما بل تسير بالاتجاه الصحيح”.

وتجري جهود دولية وتعاون بين الدول في إطار مكافحة الفيروس، فقد عقد وزراء الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعًا، السبت الماضي، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، لمناقشة إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، اتفقوا خلاله على إنشاء غرفة عمليات مشتركة وعقد اجتماع أسبوعي لوكلاء وزارات الصحة في دول المجلس، لمتابعة المستجدات والتنسيق بشأن القرارات المشتركة.

ودعا قادة منظمة التعاون الإقليمي لجنوب آسيا ضمن اجتماع ضم قادة كل من من أفغانستان، وبنغلاديش، وبوتان، والهند، والمالديف، والنيبال، وسريلانكا، ووزير الصحة الباكستاني، إلى تعزيز التعاون بين بلدانهم لمواجهة فيروس كورونا، ولإيقاف انتشاره في المنطقة، واقترح رئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي، تأسيس “صندوق طوارئ كورونا”، لمواجهة انتشار الفيروس في بلدان جنوبي آسيا.

واتفق رئيس وزراء اليابان، شينزو آبي ونظيره البريطاني، بوريس جونسون على العمل عن كثب معًا لمواجهة وباء كورونا، طبقًا لما ذكرته هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية (إن.إتش.كيه) يوم الأحد.

كما أعلنت الصين استعدادها لبذل قصارى جهدها لمساعدة كل من إيطاليا وإسبانيا والفلبين في مكافحة مرض فيروس كورونا الجديد، وقدمت مساعدات طبية وأرسلت فرق طبية لدول عدة لمواجهة المرض.

الاخبار العاجلة