تقرير بريطاني يكشف كواليس مفزعة عن انتشار فيروس ”كورونا“ في إيران

22 مارس 2020آخر تحديث :
تقرير بريطاني يكشف كواليس مفزعة عن انتشار فيروس ”كورونا“ في إيران

كشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية ”بي بي سي“ معلومات جديدة عن الأزمة التي تواجهها إيران مع تفشي فيروس كورونا المستجد، بعد ارتفاع أعداد المصابين إلى نحو 21 ألفًا، ووفاة أكثر من 1500 شخص، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة منذ ساعات.

وقالت ”بي بي سي“، إنه في الوقت الذي تحتفل فيه إيران بعيد النيروز، فإن مخاوف من أن حجم انتشار فيروس ”كورونا“ أكبر كثيرًا مما يتم الإعلان عنه، في ظل محاولات الحكومة الإيرانية للتقليل من شأن الأمر، الذي يمكن أن يتفاقم مع مرور الوقت.

أوضاع كارثية

يتحدث الأطباء الإيرانيون، عن الظروف المروعة التي يواجهونها، إضافة إلى الطريقة السيئة للغاية التي تعاملت بها حكومة طهران مع المرض.

وفي أقاليم غيلان وغولستان ومازاندرن، كشف أطباء إيرانيون حقيقة الوضع الصحي، حيث لا يوجد سوى عدد قليل للغاية من أجهزة اختبار الفيروس، إضافة إلى الإمدادات الطبية المحدودة، ونقص الأدوية الأساسية، أنابيب الأوكسيجين، والأقنعة المعقمة والقفازات الواقية.

وكشف أحد الأطباء أنهم لجأوا حاليًا إلى إقامة بعض المستشفيات الميدانية لمواجهة عجز المستشفيات أمام أعداد المصابين، كما تم تحويل ملعب كرة قدم إلى مقر لاستضافة المرضى.

وقالت طبيبة في أحد مستشفيات غولستان، إن المستشفى تستقبل 300 مريض على الأقل يوميًا، وإن ما حوالي 60 إلى 70% منهم مصابون بفيروس كورونا، ونظرًا لنقص الموارد، فإنه يتم السماح بدخول الحالات الحرجة فقط إلى المستشفى، وهؤلاء فقط هم من يتم تسجيلهم في الأرقام الرسمية.

يعمل الطبيب محمد، بلا هوادة لإنقاذ حياة المرضى في أحد مستشفيات إقليم جيلان شمال إيران، ولم ير أسرته منذ أكثر من 14 يومًا، وفقد الكثير من زملائه وأصدقائه، من بينهم مرشده الديني، ومدرسه في كلية الطب، الذين توفوا مؤخرًا متأثرين بفيروس كورونا.

ونقلت التقرير عنه قوله، ”الأمر لا يتعلق بهذا المستشفى فقط، تفشي الفيروس أدى إلى شلل كامل في النظام الصحي الإيراني.. معنويات الأطباء في الحضيض، وعائلاتنا تشعر بقلق شديد، ونحن نعاني من الضغوط في العمل“.

وتابع: ”لا يوجد لدينا ما يكفي من الأقنعة الطبية، الأطباء يموتون يوميًا، لا أعلم عدد الضحايا بالتحديد، ولكن الحكومة تحاول إخفاء الوجه الحقيقي للأزمة. لقد كذبوا كثيرًا منذ الأيام الأولى لتفشي الفيروس“.

الشيء المدمر أيضًا هو الوفيات التي تقع للأطقم الطبية في إيران، حيث سقط العديد منهم ضحايا لفيروس كورونا، ومن بينهم ممرضة ماتت في فبراير الماضي، وانتشرت صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الحكومة نفت أن الوفاة جاءت بسبب كورونا.

وفي 16 يومًا فقط انتشر فيروس كورونا في 31 إقليمًا بإيران، ويقول منتقدو السلطات الإيرانية، إن الحكومة تواصل التقليل من شأن تفشي المرض.

نظرية المؤامرة

في الإعلان الأول يوم 19 شباط/ فبراير الماضي، طالبت الحكومة الإيرانيين بعدم القلق من الفيروس، واتهم المرشد علي خامنئي، من وصفهم بـ“الأعداء“ بالتهويل فيما يتعلق بالتهديد الذي يمثله ”كورونا“.

بعد أسبوع، ومع تصاعد حالات الإصابة والوفيات، سار الرئيس الإيراني حسن روحاني على نهج المرشد الأعلى، وحذر من ”المؤامرات، وسياسة نشر الخوف من جانب الأعداء“، وأشار إلى أن هدفهم هو تعطيل مسيرة إيران، وطالب المواطنين بالمضي قدمًا في أعمالهم كما هو معتاد، ومواصلة حياتهم اليومية بصورة طبيعية.

مؤخرًا، أشارت شبكات التلفزة الحكومية الإيرانية، إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يكون سلاحًا بيولوجيًا أمريكيًا، في الوقت الذي غرّد فيه خامنئي حول ”هجوم بيولوجي“. في وقت وصل فيه عدد الوفيات إلى 1300 شخص، إضافة إلى إصابة 18 ألفًا آخرين، بحسب وزارة الصحة الإيرانية، وهو رقم يعني أن إيران أصبحت الآن ثالث أسوأ دولة يضربها المرض بعد الصين وإيطاليا.

كارثة ”قم“

ورصد تقرير ”بي بي سي“ الوضع الكارثي في إيران، والذي تسببت فيه إلى حد كبير مدينة ”قم“ الشيعية، التي تحولت إلى مركز تفشي الوباء في إيران.

تعتبر المدينة وجهة دينية مهمة للشيعة، ومقرًا لأبرز رجال الدين الإيرانيين، وتجتذب أكثر من 20 مليون سائح من الداخل إضافة إلى 2.5 مليون سائح من خارج الدولة سنويًا، يتدفق الآلاف منهم على المدينة أسبوعيًا، ويقومون بزيارة المزارات الشيعية وتقبيل ولمس الأضرحة المنتشرة هناك.

وقالت ”بي بي سي“ في تقريرها: ”انتشر المرض بقوة في المدينة، وبدلا من أن تقوم السلطات بفرض إجراءات العزل الطبي عليها، فإن المسئولين ساروا في الاتجاه العكسي تمامًا، وقام ممثلون للمرشد الأعلى، مثل محمد سعيدي، بدعوة الحجاج إلى زيارة قم، والمضي قدمًا في تنفيذ جدول رحلاتهم المعتاد“.

ونقلت عن ريتشارد برينان، مدير عمليات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، والذي عاد مؤخرًا من المدينة، قوله: ”نتيجة الطبيعة الدينية الخاصة بمدينة قم، مع تدفق السياحة الدينية داخل وخارج إيران، فإن الفيروس انتشر بشكل سريع للغاية“.

وأشارت ”بي بي سي“ إلى أن الحكومة الإيرانية مضت قدمًا في الاحتفالات الخاصة بذكرى الثورة الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى إجراء الانتخابات المحلية في موعدها، رغم التقارير التي حذرت من إمكانية تفشي فيروس ”كورونا“، حيث كانت الحكومة تنظر إلى الحدثين على أساس أنهما يمثلان اختبارًا لشعبيتها، بعد 6 أشهر من الفوضى التي ضربت إيران، عقب المظاهرات المناوئة لرفع أسعار الوقود، ثم اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أمريكية على موكبه في بغداد، وأخيرًا إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بصاروخ إيراني عن طريق الخطأ.

وقالت، إن عدد الإصابات في إيران ارتفع بعد 5 أيام من الانتخابات إلى 139 بالإضافة إلى 18 حالة وفاة، وفي اليوم نفسه، قال أحمد أميرأبادي فرحاني، النائب المتشدد في البرلمان الإيراني عن مدينة قم، إن هناك 50 حالة وفاة في قم خلال أسبوعين فقط، وهو ما رفضه نائب وزير الصحة الإيراني، الذي قال إنه سيقدم استقالته إذا كان عدد الوفيات نصف هذا الرقم الذي ذكره نائب قم.

مناشدات ”دون جدوى“

وفي الوقت الذي طالبت فيه منظمة الصحة العالمية بإجراءات عاجلة وصارمة، فإن رد الفعل من جانب الحكومة الإيرانية لا يزال يفتقر للإجراءات التي تم تطبيقها بالفعل في الصين وإيطاليا.

يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه خبراء من داخل وخارج إيران، أنه ما لم تفرض السلطات قيودًا على عدد الركاب في المواصلات العامة، ووضع مدن كاملة تحت العزل الصحي، مثل مدينة ”قم“، فإن الفيروس سيستمر في الانتشار، ويصيب الدولة بالشلل.

إلا الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد مرارًا أنه لن يتم فرض العزل الصحي على المدن، وأن كل المتاجر سوف تظل مفتوحة، حيث يعتقد كثيرون أن إيران لا تستطيع تحمل إجراءات عكسية، في ظل العقوبات الأمريكية المدمرة المفروضة عليها.

الاخبار العاجلة