عين السخنة.. مؤتمر أم مؤامرة؟

18 أكتوبر 2016آخر تحديث :
عين السخنة.. مؤتمر أم مؤامرة؟

صدى الاعلام

18-10-2016

كتب: صالح عوض

كان لابدَّ أن تكتمل حلقات مسلسل الربيع العربي المتمزِّق والدامي على بوَّابات دمشق، رغم كثرة الداعمين والمشجعين، والمنهك على بوابات القاهرة ومجامعها رغم الانشطار الكبير، والمتبعثر في شوارع ليبيا ومدنها رغم غياب مبررات التبعثر، والمثقل بالمديونية والتخبط السياسي والأمني في تونس.. هذا المسلسل كان لابد أن يمر بالساحة الفلسطينية رغم خصوصيتها الوطنية ليفتِّت بؤرة الوجدان العربي والإسلامي ويُلقي في القلوب اليأس والإحباط..

كان لابد أن يمر الربيع العربي بكل ملابساته في شوارع غزة المقهورة وأزقة رام الله المحتلة وجنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية ورفح وخانيونس وجباليا.. كان لابد أن يصرف أهل الخليل عن انتفاضتهم وأهل القدس عن مرابطتهم وشباب العمق الفلسطيني عن ثورتهم.. كان لابد من إرباك المجموع الفلسطيني في الخارج بتدمير مخيماته.. وفي الداخل ببعثرة مكوِّناته.

قبل أشهر قليلة أوصت الرباعية العربية بجملة إجراءات قيد التنفيذ من “أجل القضية الفلسطينية” وعلى رأسها ترتيب الهيكل السياسي الفلسطيني بتقديم أشخاص، وتقليص حجوم أشخاص، وفرض أشخاص، ووضع تصوُّرات لسحق حماس والتصرّف بقوة الغطاء العربي لضبط الأوضاع بالذات في قطاع غزة..

رفض الرئيس الفلسطيني هذا الإملاء واعتبره تدخلا سافرا ينبغي أن يقاوَم وهدَّد بقطع يد أي تدخل في التركيب الفلسطيني والموقف الفلسطيني.. فاعتُبِر ذلك بمثابة رفض الانصياع أمام التوجهات الرسمية التي تمليها الأنظمة العربية المنشغلة بترتيبات المنطقة في إطار ربيع عربي يغوص عميقا في الوحل والدم.. انشغال يكون قد هيأ للساحة الفلسطينية “جلبي” جديد أو “برهان غليون” محدد أو “برادعي” آخر…

ولم يغب لحظة عن أي عاقل أن النظام العربي لن يترك الفلسطينيين بعيدا عن حمام الربيع العربي.. وإذا بدعوة مئات الأشخاص الفلسطينيين من كل مكان إلى مؤتمر يُعقد في “عين السخنة” بمصر وتتم التسهيلات الرسمية للمؤتمر، ورغم تراجع أبو الغيط عن إلقاء كلمة افتتاحية فيه إلا أنه لا يمكن إنكار حجم التسهيلات لاسيما للقادمين من غزة.. والدعوة تحت عنوان “مناقشة مصير القضية الفلسطينية” وذلك في غياب رسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وحركات العمل الوطني الفلسطيني.. ليتمَّ فيه تتويج هيئات وتسمية لجان تتحرك بشرعية رسمية عربية وتجد الدعم المعنوي والسياسي من الإقليم ودول كبرى.. مما يربك الساحة الفلسطينية ويزيد الشعب الفلسطيني تعبا وإرهاقا ويدفعه إلى التيه والضياع.

استنفرت السلطة كلَّ قوتها لإفشال المؤتمر الذي  يتم بعناية فائقة.. واتخذت إجراءاتٍ لتحصين مؤسَّساتها، في حين يرى كثيرون أن هناك تجاوزات كبيرة في السلطة سواء في توجهاتها أو نشاطها، ولذا فإنها تحتاج إلى إصلاحات عميقة، وقد تستدعي عملياتٍ جراحية، ولكن التخريب والانشقاق والانفصال شيء آخر.. وهذا ما يجعل المراهنة مجددا على الشعب الفلسطيني بتحمّل مسئوليته التاريخية في إسقاط المؤامرات التي تستهدف وحدته، وفي الوقت نفسه لابد أن يدرك الجميع أن هذا الشعب المرابِط يستحق الأفضل والأحسن والأنظف والأنبل.. تولانا الله برحمته.

للشروق الجزائرية

الاخبار العاجلة