ما بعد “كورونا” .. نظام عالمي جديد أم زعامة جديدة؟

12 أبريل 2020آخر تحديث :
ما بعد “كورونا” .. نظام عالمي جديد أم زعامة جديدة؟

رأت صحيفة “الغارديان” البريطانية أنه من المبكر تحديد الرابحين والخاسرين جراء انتشار فيروس كورونا.

وتحت عنوان “في زمن كورونا، من هم الرابحون والخاسرون في النظام العالمي الجديد؟” قالت الصحيفة إن “قادة العالم والدبلوماسيين والسياسيين يعلمون أنهم يعيشون الآن في مرحلة صناعة الحقبة، ينظرون إلى المعركة الحالية بعين واحدة، والأخرى تركز على الإرث الذي ستتركه الأزمة للعالم. الأفكار المتصارعة، وتكتلات القوة، القادة وأنظمة التماسك الاجتماعي، يتم دراستها الآن بصورة مستفيضة في منصات الرأي العالمية”.

وذكرت أن الجميع في العالم الآن يقومون بعملية استخلاص الدروس، مستشهدة بما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “علمتنا التجربة الكثير، هناك الكثير من الشكوك والقناعات التي لن يكون لها مكان الآن، أمور كنّا نحسبها مستحيلة تحدث بالفعل. اليوم الذي سنعلن فيه انتصارنا لن يكون مثل سابقه، سوف نكون أقوى فكريا”.

كما تطرقت “الغارديان” إلى ما قاله وزير الخارجية الألماني السابق، زيغمار غابرييل “تحدثنا عن مستقبل الدولة خلال الثلاثين عاما المقبلة،  الجيل القادم سيكون أقل سذاجة تجاه العولمة”.

وأوردت الصحيفة أمثلة أخرى، إذ طالب رئس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي بتشكيل لجنة لبحث المستقبل، كما قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر  إن القادة يجب عليهم الاستعداد من الآن للانتقال إلى النظام العالمي الجديد عقب أزمة “كورونا”.

وأشارت “الغارديان” إلى ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن “العلاقة بين القوى العالمية عانت  اختلالا وظيفيا غير مسبوق، وقد أثبت (كوفيد 19) بأنه يتعين علينا أن نعمل سويا أو نخسر جميعا”.

من يقود العالم؟

وأفادت الصحيفة بأن هذا النقاش في أروقة الفكر العالمي لا يتعلق فقط بالتعاون. ولكنه ينظر أيضا إلى زعيم العالم في مرحلة ما بعد أزمة كورونا، وما إذا كان هذا القائد سيكون الولايات المتحدة أو الصين.

وأوردت قول مجموعة الأزمات الدولية، التي تقيم التأثير الدائم لأزمة “كورونا” على الساحة السياسية الدولية  “يمكن الآن أن نحدد روايتين متصارعتين تكتسبان زخما: الأولى هو أن تتحد دول العالم كي تهزم كوفيد 19، والثانية تقوم على أن تلك الدول تحتاج إلى التباعد عن بعضها بعضا، من أجل حماية نفسها أولا”.

ورأت “الغارديان” أن تلك الأزمة تمثل -أيضا- اختبارا قاسيا للدول الليبرالية وغير الليبرالية، من أجل إدارة هذا الوضع الاجتماعي الخانق، وأن الوباء لا يختبر فقط قدرات التشغيل الخاصة بمنظمات مثل: الصحة العالمية، والأمم المتحدة، ولكن أيضا الفرضيات الأساسية حول القيم والمساومات السياسية، التي تقوم عليها.

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى مزاعم البعض بأن الشرق انتصر في حرب الروايات المتصارعة، مبررا ذلك بأن الناس في الشرق  أقل تمردا وأكثر طوعا مقارنة بأقرانهم في أوروبا.

هل انتصرت بكين؟

توقع الفيلسوف الكوري الجنوبي بيونغ شول هون، وفقا للصحيفة، أن تكون الصين حاليا قادرة على الترويج لدولتها البوليسية الرقمية، بوصفها نموذجا للنجاح في مواجهة الوباء، مشيرا إلى أن الناخبين الغربيين، ربما يكونون الآن أكثر استعدادا للتضحية بالحريات، وأن الصين في مرحلة الانتصار الآن، وتعتقد أنها نجحت في تحويل نفسها من مذنب إلى منقذ العالم.

وأوردت الصحيفة رأيا آخر  يتبناه الكثير من اليساريين الغربيين، مثل الفيلسوف السلوفيني سلافوغ زيزيك، وهو الخشية من العدوى الاستبدادية، وتوقع بربرية جديدة في الغرب بوجه إنساني، وفرض إجراءات لا هوادة فيها للبقاء على قيد الحياة، بنوع من الأسف والتعاطف في بعض الأحيان.

طرح مختلف

وذكرت “الغارديان” أنه على النقيض من ذلك فإن شيفشانكار مينون، الأستاذ الزائر في جامعة “أشوكا” بالهند، يرى أن “التجربة حتى الآن تظهر أن الأنظمة الاستبدادية أو الشعبوية، ليست الأفضل في التعامل مع الوباء. كما أن الدول التي تحركت سريعا وبصورة ناجحة مثل كوريا الجنوبية وتايوان، هي في الأساس أنظمة ديمقراطية، ولا تدار بواسطة هؤلاء القادة الاستبداديين أو الشعبويين”.

كما أشارت إلى اتفاق فرانسيس فوكوياما مع طرح مينون بقوله “الخط الفاصل الرئيس في فعالية رد الفعل تجاه الأزمة لن يضع الأنظمة الاستبدادية في جانب والديمقراطية في الجانب الآخر، العنصر الحاسم في الأداء لن يكون نوع النظام، ولكن قدرات الدولة والثقة في الحكومة كما حدث في ألمانيا وكوريا الجنوبية”.

دور الاتحاد الأوروبي

ورأت الصحيفة استنادا لآراء خبراء أن الاتحاد الأوروبي ربما يكون أكبر الخاسرين في هذه الأزمة.

واستشهدت “الغارديان” برأي نيكول جنيسوتو نائب رئيس مركز “جاك ديلور” الفكري بقولها إن”عدم استعداد الاتحاد الأوروبي، وضعفه وخجله أمر مذهل. بالطبع فإن الصحة ليست جزءا من كفاءته، ولكن الأمر لا يخلو من الوسائل والمسؤوليات، كانت الغريزة الأولى متمثلة في إغلاق الحدود، تخزين المعدات، وحشد ردود الفعل الوطنية في أوقات الحاجة”.

وذكرت الصحيفة أنه على النقيض من ذلك، يرى جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بقوله “الآن ندخل مرحلة التقارب، التي يحتل فيها الاتحاد الأوروبي الصدارة، استقبل العالم في البداية الأزمة بصورة غير منسقة على الإطلاق، إذ تجاهل الكثير من الدول التحذيرات الاستباقية، وسارت في طريقها منفردة. الآن أصبح من الواضح أن الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة هي العمل سويا”.

وعلقت الصحيفة في نهاية التقرير “ربما يثبت في نهاية المطاف صحة هذا الرأي، ولكن الموازين متساوية في الوقت الحالي، ولا تزال هناك حاجة ماسّة لكسب العالم”.

الاخبار العاجلة