ولتحقيق ذلك، فإن هناك مجموعة من الإجراءات الأساسية التي لا بد أن تتحقق، مثل التنسيق بين حكومات الدول، والتعاون مع الباحثين، وتسخير التكنولوجيا لتتبع مسارات العدوى والمصابين بالمرض.

وفي الاتحاد الأوروبي، تبحث الدول إنشاء تطبيق مشترك للهواتف الذكية، خاص بـ”كوفيد-19″، فيما تعهد حكام الولايات الأميركية “العمل معا” خلال وضع خطط إنهاء الحجر المنزلي لملايين الأشخاص، في ظل “الاستقرار النسبي” لإصابات الفيروس.

وقال الدكتور سيباستيان جونستون، أستاذ طب الجهاز التنفسي في “إمبريال كوليدج لندن”، إن الإصابات الجديدة بكورونا، “تبدو أنها استقرت” في معظم أنحاء آسيا وأوروبا، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، حسب ما ذكرت وكالة أسوشييتد برس.

حتى في نيويورك- حيث تجاوزت حالات الوفاة الناجمة عن فيروس كورونا 10 آلاف، الاثنين – أعلن حاكم الولاية أندرو كومو أن “الأسوأ قد انتهى إذا استطعنا الاستمرار في أن نكون أذكياء”.

يذكر أنه توفي أكثر من 23 ألف شخص بسبب الفيروس في الولايات المتحدة، فضلا عن 582 ألف إصابة مؤكدة، وفقا لإحصاء لجامعة جونز هوبكنز.

نجاح التباعد الاجتماعي.. ومساع لإنهائه

وفي ظل ممارسة التباعد الاجتماعي وعمليات الإغلاق في أجزاء كبيرة من العالم، فإن التوقعات القاتمة بأن الفيروس سينتقل بشراسة مماثلة إلى أماكن أخرى لم تتحقق بعد.

لكن دون اختبارات واسعة النطاق للأجسام المضادة لتحديد عدد الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة ضد الفيروس، تخشى الحكومات من أن تخفيف التباعد الاجتماعي قد يؤدي إلى تفش جديد.

ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الثلاثاء، إلى استخدام تطبيق واحد للهواتف الذكية عبر 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، لمساعدة البلدان على تنسيق وقت وكيفية تخفيف إجراءات الإغلاق بسبب الوباء.

وقال لمجموعة فونكه الإعلامية الألمانية: “من المهم ألا ينتهي بنا المطاف إلى خليط من 27 تطبيقا خاصا بكورونا، و27 نظام حماية للبيانات. نحن ننسق قدر الإمكان”.

وأوضح أن تطبيق تتبع العدوى الذي تم تطويره بالفعل بشكل مشترك من قبل العديد من الدول، “أظهر أن الاتحاد الأوروبي … يمكنه حماية الخصوصية الشخصية والصحة العامة في الوقت نفسه”.

وفي الصين، حيث انخفضت أعداد الحالات الجديدة المصابة بالفيروس، يحكم الحياة تطبيق أخضر على الهواتف الذكية يمكنه معرفة إصابة المستخدم بأعراض المرض، مما يعني أنه يستطيع استقلال مترو الأنفاق، أو الدخول إلى أحد الفنادق، أو دخول مدينة ووهان، مركز الوباء، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة.

كما استخدمت كوريا الجنوبية وإسرائيل بيانات الهواتف الذكية بقوة، لتتبع تحركات حاملي الفيروس.

لكن بشكل عام، يقول علماء أوبئة إن هذا التتبع لن يكون فعالا إلا من خلال الاختبارات المعملية، وهي صعبة المنال حتى في دول لغنية كالولايات المتحدة وبريطانيا.

يقول خبراء إن معدلات الإصابة لا تزال منخفضة نسبيا في مناطق العالم النامي، التي لديها بنية تحتية صحية ضعيفة أو غير موجودة بالأساس، وموارد أقل بكثير لتتبع من تواصلوا مع مرضى الفيروس.

وأوضح رئيس قسم الطوارئ الصحية في منظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك رايان، أن الانتشار السريع للفيروس خارج المدن إلى المزيد من المناطق الريفية، يعتمد في الغالب على السفر والصلات الاجتماعية.

وقد يفسر ذلك سبب ارتفاع الإصابات في ألمانيا وسويسرا، التي لديها أنظمة قطارات ذات مستوى عالمي، حيث أصيب أكثر من 155 ألف شخص.

وفي الولايات المتحدة، أعلن المحافظون في شمال شرقي البلاد وعلى طول الساحل الغربي، عن اتفاقيات مدنية منفصلة لتنسيق إعادة فتح شركات وقطاعات.

قال حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، إنه سيعلن عن خطة مفصلة، الثلاثاء، لرفع القيود المتعلقة بمكافحة الفيروس، محذرا من أنه سيستخدم “العلم لتوجيه عملية صنع القرار وليس الضغط السياسي”.

مؤشرات إيجابية

وعلى الرغم من عدم وجود استراتيجية منسقة في بعض الدول الأوروبية، فقد أشار مسؤولون إلى مؤشرات إيجابية، حيث بدأوا في الاستعداد لإعادة فتح شركات وقطاعات صناعية مغلقة إلى حد كبير.

وقد شهدت الزيادة اليومية في الإصابات بإيطاليا واحدة من أدنى المعدلات منذ أسابيع، مما عزز الاتجاه الهبوطي بشكل عام. ومن المقرر تخفيف القيود قليلا في بعض قطاعات البلاد، مثل السماح بإعادة فتح المتاجر التي تبيع مستلزمات الأطفال.

وفي إسبانيا، المتضررة بشدة، عاد موظفون إلى بعض الوظائف في مصانع، الاثنين، فيما لا تزال متاجر التجزئة مغلقة. وتطلب الحكومة من العاملين في شركات الاستمرار في العمل من المنازل.

قلق ومخاوف

وبالرغم من ظهور تلك المؤشرات الإيجابية في بعض الدول، فإن مصدر القلق الرئيسي هو تجنب ظهور بؤر جديدة لفيروس كورونا وتفاقم العدوى.

ففي الهند، مددت الحكومة، الثلاثاء، أكبر إغلاق في العالم لـ 1.3 مليار شخص لمدة أسبوعين آخرين، حتى الثالث من مايو، في معظم أنحاء البلاد، التي تجاوز عدد الحالات فيها 10 آلاف.

كما واجهت الصين تفشيا جديدا على طول حدودها الشمالية النائية مع روسيا، بعيدا عن البؤرة الأصلية في ووهان، التي أعلنت النصر تقريبا في معركتها ضد الوباء.

وتم إغلاق تلك الحدود الشاسعة، ووصلت وحدات الطوارئ الطبية إلى المنطقة، لمنع المسافرين من إعادة الفيروس من الخارج.