خدمات التوصيل .. رئة دبي في زمن “كورونا‎”

21 أبريل 2020آخر تحديث :
خدمات التوصيل .. رئة دبي في زمن “كورونا‎”

لا تضطر تمارا للذهاب إلى المحطة في دبي، عندما يفرغ خزان سيارتها، فكل ما عليها فعله هو طلب الوقود بنقرة من هاتفها، ليأتي إلى باب بيتها، في “مدينة ذكية” لطالما اعتبرها سكّانها جنة خدمات التوصيل.

وفي زمن الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا المستجد، تبدو الإمارة الخليجية الثرية، جاهزة للفوز بتحدي عدم مغادرة المنزل، من خلال تطبيقات الهواتف الكفيلة بدفع الفواتير وبإحضار كل ما يمكن تخيّله إلى باب البيت.

وتعتمد دبي التي يشكل الأجانب العدد الأكبر من المقيمين فيها منذ سنوات، على هذه الخدمات المتوفرة 24 ساعة لسبعة أيام في الأسبوع، من كوب قهوة ساخن يصل إلى المكتب صباحًا، إلى البقالة والصيدلية، وحتى كتل الثلج لتبريد برك السباحة في الصيف الحار جدًا.

وتمارا (28 عامًا) اللبنانية التي تعمل في مجال إدارة حسابات التواصل الاجتماعي، لم تزر محطة الوقود لملئ خزان سيارتها، منذ فترة طويلة.

فمن على هاتفها، تطلب الشابة اللبنانية من تطبيق “كفو” الحضور لملئ خزان الوقود مرة في الاسبوع. كل ما عليها عمله، هو الإبلاغ عن موقع السيارة ورقم لوحتها وتسجيل تفاصيل بطاقتها الائتمانية.

ومع القيود على الحركة، وضرورة الالتزام بمبدأ التباعد الاجتماعي، أصبحت هذه الخدمة “أكثر ملائمة الآن. لا أرغب في الانتظار في طوابير ولا أرغب في مغادرة المنزل. أقوم بطلب (الخدمة) ثم تأتي إلى هنا”، حسبما تقول.

وتشغّل “كفو” حاليًا 180 شاحنة في إمارات دبي وعجمان والشارقة وأم القيوين، بحسب ما أفادت الشركة في بيان لوكالة “فرانس برس”.

وأوضحت الشركة، أنه “نظرًا لكونها خدمة دون تلامس، فإن سائقي – كفو – يمكنهم القدوم وتعبئة سيارتك أينما كنت، وفي الوقت الذي يلائمك، مع التقليل من تعرضك لأي تلامس جسدي”.

ويقول موليكا ايندي، وهو سائق في شركة “كفو” لوكالة فرانس برس “كل ما (على الزبون) القيام به هو ترك خزان الوقود مفتوحًا”.

حركة لا تتوقف

تبدو الشوارع حاليًا في دبي شبه خالية، سوى من عمّال التوصيل من شركات مختلفة على دراجات نارية، وفي سيارات تحمل شعار الشركات التي يعملون بها.

وأطلقت دبي في 4 من نيسان/ابريل، برنامجًا لتعقيم الإمارة يترافق مع إجراءات تحدٍ من التنقل وتسمح فقط، بالخروج للعمل الضروري، أو لشراء المنتجات الغذائية، أو الذهاب إلى العيادات والمستشفيات.

وسجلت الإمارات حتى الآن أكثر من 7000 إصابة بفيروس كورونا المستجد، و43 حالة وفاة.

وتقوم تطبيقات التوصيل والمطاعم والمقاهي، بإبراز الإجراءات التي تتّخذها لحماية سائقي الدراجات، ومن بينها تعقيم الأيدي بشكل متواصل، وإجراء فحوص طبية.

ويرتدي عمال التوصيل قفازات وأقنعة طبية تغطي وجوههم، ويقفون بعيدًا عند استلام الطلب، بينما يمكن أيضا تركها عند الباب دون الحاجة إلى التعامل مع الزبائن، الذين يدفعون بشكل مسبق، مستخدمين بطاقاتهم الائتمانية.

ويرى عيسى جندير، الذي يقود دراجة نارية مع تطبيق “ديليفرو” لإيصال الطعام “نقوم بأفضل ما لدينا، إذا لم نخرج نحن للتوصيل، الجميع سيخرج (من منازلهم).. ثم سيصبح تفشي فيروس كورونا مشكلة كبيرة”.

وتابع “مع مهمتنا، فإن كورونا سينتهي في الإمارات إن شاء الله”.

لكن رغم اعتياد الشركات في دبي على خدمات التوصيل، فإن ازدياد أعداد الطلبيات بشكل أكبر في ظل ملازمة السكان منازلهم، وضع بعض الشركات تحت ضغط شديد، ما دفعها إلى الإعلان عن تأخر في التسليم إلى حين توظيف عدد أكبر من الأشخاص.

ورغم ذلك، بقيت خدمات التوصيل تعمل على مدار الساعة، مع تأخير بسيط لتوصل كل ما يمكن أن يخطر على بال أي من سكان دبي، من الامصال واللقاحات الطبية، إلى الولاعة الصغيرة وعلبة السجائر.

ويقول شين سينغ، وهو سائق دراجة نارية، إن توصيل الطعام أصبح أقل سرعة من السابق، بسبب الوباء والإجراءات الوقائية الإضافية.

وأضاف “الآن، علينا أولًا استخدام المعقم ثم وضع القفازات.. ثم نقوم بقرع الجسر ونضع الطلب على مسافة متر واحد من الباب، حتى يتم استلامه”.

الصحة واللياقة

وإمارة دبي مقصد سياحي عالمي رئيس؛ إذْ يزورها نحو 16 مليون شخص سنويًا، ومحطة تجارية مهمة، وموطن لأحد أكبر أسواق العقارات في المنطقة.

وتقدّم دبي، التي يقيم فيها نحو 3,4 مليون شخص من أكثر من 200 جنسية بحسب السلطات، نفسها على انّها “مدينة ذكية” تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الإلكترونية والتطبيقات الهاتفية لإنجاز المعاملات عن بعد.

وأغلقت دبي، موطن برج خليفة أعلى مبنى في العام، مراكزها التجارية الفارهة ومطاعم الخمس نجوم، التي تشتهر بها للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب العالم بأسره

ومع إغلاق المراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والأندية الرياضية والشواطىء، فإن خدمات التوصيل بقيت السلاح المفضل لمكافحة الملل، والتأقلم مع الإجراءات لدى سكان دبي، الذين لم يعتادوا على الطهو، أو الجلوس في المنزل لفترات طويلة.

وقرّرت عدة مراكز رياضية تأجير دراجات رياضية للزبائن لفترات زمنية متفاوتة وتوصيلها إلى منازلهم، من أجل ممارسة الرياضة في البيت.

إضافة إلى الدراجات، تقوم نوادٍ رياضية، لجأت إلى الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتأجير معدات رياضية أخرى.

ويرى وائل محمد، وهو مهندس يبلغ من العمر 35 عامًا، أنّ دبي قد تكون المدينة الوحيدة التي لا يمكن أن يقلق سكانها من وصول الخدمات إليهم.

وقال لفرانس برس “طلبت مؤخرا أوزانا لرفع الأثقال للتدرب من البيت”، مضيفًا “الحركة في دبي لا يمكن أن يوقفها كورونا”.

الاخبار العاجلة