كما تراجعت بشكل ملحوظ وتيرة القوة الشرائية للمواد الرمضانية والأواني المنزلية، التي تستخدم في الموائد الجماعية، التي ظلت تميز موائد الإفطار في بيوت وشوارع السودان.

كما أن معظم الأسر أصبحت تعاني من تراجع تحويلات المغتربين، التي كانت تغطي الجزء الأكبر من الإنفاق على متطلبات شهر رمضان، في وقت ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية بأكثر من 200 في المئة.

طعم مختلف

وقالت حواء محمود، وهي من بين مئات النساء المتخصصات في صناعة “الحلو مر”، إن الطلب على خدماتها تراجع هذا العام بأكثر من 60 في المئة.

وأوضحت لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “معظم الأسر خفضت الكميات التي كانت تصنعها بشكل ملحوظ، وذلك لثلاثة أسباب، يتمثل الأول في الارتفاع الكبير في أسعار المواد المستخدمة بصناعة هذا المشروب الشعبي، الذي يعتبر جزءا أصيلا من التراث السوداني الرمضاني”.

أما السبب الثاني، وفقا لمحمود، فهو “استحالة توصيل الكميات التي كانت ترسلها الأسر سنويا للأبناء والأقارب في دول المهجر نظرا لتوقف حركة الطيران، فيما يتمثل السبب الثالث بأن معظم الأسر اكتفت بطلب الكميات التي تكفيها فقط، لأن مخاوف كورونا لم تترك مجالا للتفكير في الموائد الجماعية”.

وبالنسبة لحواء وغيرها من العاملات في تحضير “الحلو مر”، فإن هذا التراجع أثر كثيرا على دخلهن الموسمي، الذي كان يسمح لهن بتكوين احتياطي مادي يكفي لإعالة أسرهن لأربعة أو خمسة أشهر، بعد انتهاء الموسم الرمضاني.

ارتفاع “مهول” في الأسعار

وشهدت أسواق المواد الغذائية والسلع الرمضانية ارتفاعا كبيرا في الأسعار، إذ وصل الارتفاع في أسعار السكر والزيوت والبقوليات إلى أكثر من 200 في المئة، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وقال عادل عوض، وهو موظف في القطاع الخاص، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الأسعار أصبحت لا تطاق، لكن الكثير من الناس يحاولون التوفيق بين الاحتياجات والقدرات المالية، مما يؤثر على القوة الشرائية خصوصا لمحدودي الدخل أو الذين يعتمدون على أبنائهم وأقاربهم في دول المهجر”.

من جانبها، أشارت الإعلامية درة قمبو، إلى أن الوضع الحالي يعتبر “استثنائيا بكل المقاييس”، مضيفة أنه “يستوجب التنازل عن العديد من العادات الاجتماعية السمحة التي تميز الشعب السوداني، وتؤكد على ميله التاريخي نحو التكافل والتعاون، خصوصا في شهر رمضان، حيث يحرص أهل الحي على تناول الإفطار مع بعضهم البعض”.

وتابعت: “هذا الأمر لم يعد ممكنا في ظل المخاوف الحالية من انتشار فيروس كورونا، التي تتطلب الالتزام بالمعايير والتوجيهات الصحية، وفي مقدمتها منع التجمعات والاختلاط.

ووفقا لقمبو، فإن “على الرغم من أن تلك التدابير قد تكون خصما للعادات والتقاليد السودانية الراسخة، فإنه لا بد من الالتزام بها من أجل صحة الجميع، على أمل أن ينجلي الأمر سريعا وتعود الأمور إلى طبيعتها في الأعوام المقبلة”.

كما شدد الأستاذ بكلية الطب بجامعة الأحفاد، محمد عثمان سوار، على أهمية التباعد الاجتماعي، قائلا إن طبيعة فيروس كورونا وطريقة انتشاره، “تتطلب الابتعاد عن التجمعات الرمضانية وأخذ الحيطة والحذر حتى داخل البيوت”.

وأشار في حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن موائد الإفطار الجماعية، التي اعتادها السودانيون، تشكل خطرا كبيرا على الناس في ظل جائحة كورونا، لأنها توفر بيئة خصبة لانتقال الفيروس.