أثارت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الأمن الاسرائيلي افيغدور ليبرمان خلال مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة القدس ردود فعل فلسطينية وإسرائيلية واسعة
وحاول ليبرمان في تصريحاته بث الفرقة بين أبناء الشعب الفلسطيني واعدا بفك الحصار عن قطاع غزة وإعادة إعماره بشرط أن تقوم حماس بالتنازل عن مخططها العسكري، مضيفا “سنكون أول المستثمرين في الميناء، والمطار والمناطق الصناعية”.
وأكمل ليبرمان خطابه ناصحا سكان قطاع غزة “أن يدركوا أن لا يستخدموا كرهائن من قبل قيادتهم”، مؤكدا أن إسرائيل ستكون مستعدة لأن تسمح بمشاريع تقودها تركيا في مجال الكهرباء، وتحلية المياه، ومعالجة البنى التحتية والصرف الصحي.
وشن ليبرمان هجمة مسعورة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس محملا اياه المسؤولية عن فشل المفاوضات، والتهرب من اقتناص الفرص، وقال “(عباس) يهتم بميراثه الشخصي وبأملاك أبناء عائلته في عمان وقطر ورام الله”، وادعى ليبرمان أنه يدعم حل الدولتين، ويعتقد أن “المبدأ الصحيح ليس الأرض مقابل السلام وإنما تبادل الأرض والسكان”.
فلسطينيا
على الصعيد الفلسطيني أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها تصريحات ليبرمان معتبرة “أنه يحاول تعزيز مكانته في اليمين الحاكم من خلال تأكيده على التمسك بالاستيطان والاحتلال، وذلك للحفاظ على صورته في الرأي العام وإظهار نفسه بمظهر الشخص القادر على تحمل المسؤولية” بحسب بيان الوزارة.
كما استنكر البيان بعبارات شديدة هجوم وزير الأمن الاسرائيلي على الرئيس محمود عباس، قائلا: “يواصل ليبرمان محاولاته الخبيثة للفصل بين الشعب الفلسطيني وقيادته، مكررا اسطوانته المشروخة في الهجوم على رأس الشرعية الفلسطينية الرئيس محمود عباس، متوهما بقدرته على العثور على (شريك سلام فلسطيني) على مقاس مواقفه، ومروجاً لرزم من التسهيلات الفارغة ذات الطابع الاقتصادي، كبديل لإنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين”.
ومن جانبها قالت وزارة الاعلام بأن ليبرمان بارع في المغالطات التاريخية، بادعائه أن “إسرائيل أعطت سيناء لمصر” وكأن الأرض العربية المحتلة منحة من “الرب” لليبرمان ومن يحملون أفكاره المتطرفة، وأن تاريخها بدأ بعد قيام دولة الاحتلال عام 1948، التي صارت اليوم “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، كما يتفاخر.
وعلى صعيد الفصائل الفلسطينية فقد عبرت عن تأييدها للرئيس محمود عباس ومساندتها له، حيث قال الامين العام للجبهة العربية الفلسطينية جميل شحادة بأن “هجوم ليبرمان على الرئيس محمود عباس هو دليل واضح على افلاس حكومة الاحتلال وعدم قدرتهم على مواجهة هذه الهجمة الدبلوماسية والسياسية التي يشنها الرئيس ضد الحكومة الاسرائيلية والتي احرجتهم على المستوى الدولي“.
وأضاف شحادة بأن ليبرمان يحاول ان يخاطب الشعب الفلسطيني بعيدا عن القيادة الفلسطينية ويحاول ان يتهرب من اي مسؤولية تفرضها عليه الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل ليغلق كل الابواب امام اي تسوية سياسية ممكنة مع الشعب الفلسطيني.
وأكد الأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية أن الرئيس محمود عباس سيواصل دوره في قيادة الشعب الفلسطيني حتى تنصاع القيادة الاسرائيلية لمطالب الشعب الفلسطيني ولقرارات الشرعية الدولية.
هذا وقال نائب الامين العام لجبهة التحرير العربية محمود اسماعيل بأن ” الرئيس محمود عباس لا يريد اعتراف من ليبرمان ولا من غيره من الغوغائين الذين يهاجمونه، وأن سيادة الرئيس اكد خلال مشاركته بجنازة بيرس انه رجل سلام و انه قائد سلام ولذلك حظي وسيحظى باحترام كل العالم”.
وأضاف اسماعيل بأن “ ليبرمان أكد من جديد ان حكومة اسرائيل اليمينية ليست حكومة سلام ولا تؤمن به لان من يريد السلام هو من يؤمن بحل الدولتين ويلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني ويلتزم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومن يريد السلام يوقف الاستيطان و التهويد للمقدسات، ومن يريد السلام يزيل الحواجز والجدار الذي يقطع اجزاء الوطن الفلسطيني”.
وأشار نائب الأمين العام لجبهة التحرير العربية إلى أن ” ليبرمان يرسل رسائل الى من يحكم غزة اليوم بانه يمكن ان يفتح المطار ويفتح الميناء مقابل ان تكون الدولة الفلسطينية في قطاع غزة”.
إلى ذلك أوضح الامين العام لجبهة النضال الشعبي د.احمد مجدلاني بأن تصريحات ليبرمان تنسجم الى حد كبير مع برنامج عمل حكومة نتنياهو وخصوصا فيما يتعلق بالانقسام الفلسطيني، فليبرمان تقدم بمجموعة من الاراء التي تعزز اللانقسام و تكشف الموقف الاسرائيلي منه وكيفية التعاطي معه و الاستفادة منه”.
وفيما يتعلق بتصريحات ليبرمان حول الرئيس عباس قال محمود اسماعيل بأن ليبرمان يكرر الاسلوب الذي استخدم مع الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات حيث شكك به واتهمه بالارهاب والفساد، وأكد اسماعيل على أن المهم لكل مواطن أن “يدرك ان هذه الهجمة هي محاولة لتهشيم صورة الرئيس محمود عباس ولكسر الارادة الوطنية الفلسطينية التي يمثلها بمواقفه وسياستة التي يتخذها”.
هذا وقال نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم بأن تصريحات ليبرمان “توضع في سياق استمرار السياسة الاسرائيلية التي مورست على امتداد الفترة الماضية والتي تحاول ان تغطي على الاستيطان الاسرائيلي والخرق لكل الاتفاقيات وقرارت الشرعية الدولية “. كما أنها ” تكشف بوضوح عن الطبيعة العنصرية المعادية للسلام ولما يمثله ليبرمان من الاتجاه الاسرائيلي المتطرف و في نفس الوقت يحاول ان يغطي على ذلك بما يسميه تحسين الاوضاع المعيشية للفلسطينيين”.
إسرائيليا
وعلى الصعيد الاسرائيلي لقيت تصريحات ليبرمان ردود فعل مختلفة :
فقد قال عضو الكنيست عن حزب هناك مستقبل، عوفير شيلاح، تعليقا على أقوال ليبرمان بخصوص قطاع غزة: بأن إسرائيل بحاجة إلى خطوات فورية، فإعمار قطاع غزة يجب أن يكون مشروطا بنزع سلاح قطاع غزة، لذلك يجب اتخاذ خطوات تمنع المواجهة المقبلة مع حماس.
إلى ذلك هاجمت زعيمة حزب ميرتس، زهافا غلائون، تصريحات ليبرمان التي تفيد بأن إسرائيل ليست بحاجة إلى أم الفحم، وقالت غلائون “لا أعلم كيف سيشعر الفلسطينيون مواطني إسرائيلي عندما يسمعون أقوال وزير الأمن عندما يتحدث عن الترحيل وسحب الجنسية”.
فيما عبر مسؤول في الحركة الإسلامية الفيلق الشمالي، عن فرحه :”أن نكون جزء من الدولة الفلسطينية المستقلة، وأن نتحرر من ظلم الاحتلال وقوانينه العنصرية في دولة إسرائيل، ليبرمان لا يخيفنا”.
فيما عبرت عائلة عائلة الجندي المحتجز جثمانه في قطاع غزة، هدار غولدين، عن خيبة أملها من أقوال ليبرمان لأنه لم يتطرق إلى إعادة جثامين الجنود الإسرائيليين المحتجزين عند حماس في قطاع غزة، وقالت العائلة “أن ليبرمان بالرغم من أنه المسؤول عن إعادة الجثامين إلا أنه تغاضى عن التطرق لذلك”.
بالمقابل نجد من نددوا تصريحات ليبرمان العنصرية من بينهم عضو الكنيست عن حزب ميرتس، عيساوي فريج الذي قال بأن: “ليبرمان يعيد استخدام الشعارات العنصرية، وهو الشخص الوحيد الذي يمكن لحكومة إسرائيل أن تستغني عنه، فمساهمته الوحيدة في إسرائيل فقط في الفساد والعنصرية والطائفية”.