أسواق القدس.. كساد وركود خلفه “كورونا” والاحتلال

3 مايو 2020آخر تحديث :
أسواق القدس.. كساد وركود خلفه “كورونا” والاحتلال

بلال غيث كسواني

لم تعد أسواق البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة كما في السابق، حيث فرغت من المتسوقين، وخفتت أصوات الباعة فيها، ليحل مكانها الصمت والركود والكساد التجاري، الذي تسبب به فيروس “كورونا” المستجد، إلى جانب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية بحق المقدسيين.

فعادة في مثل هذه الأوقات، في شهر رمضان المبارك، التي ينتظرها التجار المقدسيون بفارغ الصبر، تشهد القدس المحتلة اكتظاظا كبيرا، نتيجة توافد آلاف المواطنين عليها، من محافظات الوطن.

لكن من يمر اليوم من سوق خان الزيت، وسوق العطارين، وأسواق باب العامود، وباب الواد، لن يرى سوى أسواق شبه خالية، وحالة من الشلل التجاري، الممتدة منذ 35 يوما، أي منذ إعلان بلدية الاحتلال لحالة الطوارئ، نتيجة انتشار الفيروس.

ويعول التجار المقدسيون كثيرا على شهر رمضان المبارك، لتحسين أوضاعهم المادية، وتحقيق دخل يخففون به الأعباء التي تفرضها إجراءات الاحتلال عليهم طيلة العام، ومنها الضرائب الباهظة خاصة “الأرنونا”.

ورغم فتح عدد من المحال التجارية أبوابها، لكن لا متسوقين، فالتاجر أحمد دنديس يجلس يوميا أمام محله الذي يبيع فيه ملابس في سوق باب العامود، منتظرا قدوم مواطنين للشراء دون جدوى، خاصة بعد اغلاق المسجد الأقصى.

يقول إن المعاناة مضاعفة حاليا نظرا لضرائب الاحتلال وتضييقه، مؤكدا أن هناك تمييزا كبيرا من قبل السلطة القائمة بالاحتلال، كما تفرض علينا ضرائب من أنواع مختلفة منها ضريبة “الأرنونا” وضريبة 17%، والدخل وغيرها.

ويشير إلى “أنه في السابق كان يعمل هو وأبناؤه في المحل، لكنهم اضطروا لتركه والبحث عن عمل آخر وأبقينا محلنا مفتوحا كنوع من الصمود في وجه الاحتلال الذي يحاول الاستيلاء عليه”.

ويشتكي تجار شارع صلاح الدين القريب من البلدة القديمة من كساد تجاري كبير، وتكدس للبضائع وضياع للموسم.

يقول رئيس لجنة تجار صلاح الدين حجازي الرشق: إن كورونا شل الحركة التجارية في القدس بشكل عام وفي البلدة القديمة بشكل خاص، فتجار هذه المنطقة خاصة في الأسواق الملاصقة للمسجد الاقصى تضرروا بشكل كبير، بسبب عدم وصول المصلين للمسجد من داخل أراضي الـ48، أو من مدن الضفة.

ويشير إلى أن التجار ينتظرون شهر رمضان طوال العام، لكن هذا العام تعرضنا لخسائر فادحة نتيجة الإغلاق، وأصبحت لدينا نسبة بطالة كبيرة، ما أثر على الحركة التجارية لعدم قدرة الناس على الشراء.

ويضيف: “ليس كورونا وحده من يتسبب بخسائر لنا، فمنغصات الاحتلال كثيرة ومتواصلة حتى في ظل انتشار الفيروس، حيث يفرض مخالفات باهظة بحق التجار الذين يفتحون محلاتهم، بينما يقدم كل التسهيلات الممكنة والدعم الكبير للتجار الإسرائيليين”.

ويتابع الرشق: “لحقت بنا خسارة فادحة من إغلاق تواصل لـشهر ونصف، خاصة تجار الالبسة والاحذية الذين كسدت بضاعتهم الشتوية والربيعية، ونحن نقترب من فصل الصيف وهناك الكثير من البضائع التي تكدست ولم تبع”.

من جهته، يقول رئيس الغرفة التجارية في القدس كمال عبيدات، إن هناك محاولات من الاحتلال لاستقطاب التجار المقدسيين عبر مؤسسات استيطانية باسم “شلماتي” ومعاوف” و”ماتي” تسعى لإعطاء قروض للتجار بحجة التخفيف من ضائقتهم المالية، تمهيدا لمحاصرتهم بالديون والاستيلاء على محلاتهم.

ويؤكد أن التجار رفضوا كل هذه المحاولات، من منطلق وطني وعقائدي بتحريم التعامل مع الاحتلال أولا، ولتفويت الفرصة على المؤسسات الاستيطانية وبلدية الاحتلال من أن تمارس عليهم أي ضغوطات.

ويكشف عبيدات أن “كورونا” تسبب بخسائر تقدر بمئات ملايين الشواقل، للتجار في البلدة القديمة، مشيرا إلى أن الخسائر في الشهرين الأخيرين تجاوزت نسبة 400%.

ويقول إن هناك 11 ألف منشأة تجارية تتبع لمحافظة القدس، بينها 5500 داخل المحافظة، من بينها 3500 مسجلة في الغرفة التجارية.

ويشير عبيدات إلى أنه يوجد في البلدة القديمة 2010 منشآت تجارية مغلقة، 600 منها أغلقت بفعل إجراءات الاحتلال.

ويشدد على أن التجار يعانون قبل كورونا أيضا، فقد كان الاحتلال يطلب من السياح عدم الشراء من التجار الفلسطينيين، وازدادت حملة التحريض هذه خلال السنوات الخمس الأخيرة.

ويرى محافظ القدس عدنان غيث “أن الوضع الآن صعب جدا بسبب إجراءات الاحتلال واستهدافه تجار المدينة، بالإضافة إلى ما فرضته تدابير الوقاية الصحية لمواجهة فيروس كورونا، والتي ألحقت أضرارا مضاعفة لعموم أبناء المدينة من تجار وغيرهم”.

ويضيف “لجان الطوارئ في المحافظة تسعى لمساعدة التجار وأطلقنا صندوقا وهو حملة القدس تناديكم لجمع تبرعات للمدينة ودعم التجار، والوقوف على تداعيات كورونا التي ألمت بالمواطنين المقدسيين، فشعبنا يعاني الأمرين نتيجة فصل القدس عن محيطها وانتشار الفيروس الذي ضاعف معاناة المواطنين”.

ووجه غيث دعوة لأبناء شعبنا الفلسطيني، لتكثيف شراء احتياجاتهم من البلدة القديمة والشوارع المحيطة بها من اجل دعم صمود المقدسيين هناك، فمعاناة المقدسي بشكل عام تشمل مناحي الحياة التجارية والاقتصادية والصحية والحياتية.

الاخبار العاجلة