فيلم “قصة زواج”.. معالجة مميزة لموضوع تقليدي

24 مايو 2020آخر تحديث :
فيلم “قصة زواج”.. معالجة مميزة لموضوع تقليدي

يبقى تحري التجديد هاجسًا يؤرق المبدعين في مختلف مجالات الفن، فما من موضوع إلا وأُشبع نقدا وتحليلا؛ فما الجديد الذي يمكن أن يقدمه لنا فيلم يعالج موضوع الطلاق؟

برهن المخرج ”نوا بوماك“ قدرته على معالجة الموضوع التقليدي بطريقة مبتكرة، خلال 137 دقيقة، في فيلمه ”قصة زواج“ (Marriage Story) الذي يتحدث عن الزوجين نيكول وتشارلي، وهما يقتربان من نهاية رحلة زواجهما المحتومة.

يبدأ الفيلم بمشهد مثير للبهجة بصوت الزوجين وهما يعدان صفات شريكهما الإيجابية، مع لقطات سعيدة للعائلة الصغيرة السعيدة، لنصطدم بأن ما رأيناه مجرد محاولات من المستشار الأسري، لمنع تدهور علاقتهما.

ويتجنب الفيلم إلقاء اللوم على الزوجين، بل يضع اللوم ولو بشكل غير مباشر، على منظومة الزواج ذاتها، وضغوط الحياة التي أجبرتهما على الفراق بشكل مؤلم وخال من الرحمة، على الرغم من قصة حب جامحة.

شخصيات معقدة لفكرة بسيطة

وبنى المخرج شخصيات الفيلم بعناية، راسما خطوطها العامة وردود أفعالها بدقة، ضمن منظومة زواج معقدة يكاد من المستحيل أن تعلم متى بدأت النهاية وعلى من يقع اللوم.

ونرى ”نيكول“ الممثلة الموهوبة الواقعة في الحب تتخلى طواعية عن النجومية والثروة لتبقى في نيويورك بجانب زوجها. وعلى الرغم من نجاح مسيرتها المسرحية، إلا أنها لا تشعر بطعم النجاح ولا تحس بتفردها، بل ترى نفسها جزءا مغبونا من فرقة زوجها المسرحية، ويتراكم الغضب والعجز داخلها إلى أن ينفجر في نهاية المطاف.

في الجانب الآخر نجد في ”تشارلي“ الأب العطوف والزوج المحب، وهو منغمس في فنه وفرقته المسرحية التي نذر لها كل وقته وماله وجهده، ما يعميه عن ملاحظة انحدار زواجه ويجر عليه الاتهامات بالأنانية وحب الذات الهوس الذي لا يملك المبدعون له تبديلا ولا تبريرا.

حوارات عميقة وأداء متميز

بنى المخرج نجاح فيلمه على دعامتين؛ الأولى أداء الممثلين، إذ قدمت النجمة سكارليت جوهانسون أداء فاق التوقعات في تقمصها لدور الزوجة، وجاء تمردا على صورة الفتاة الجميلة المثيرة المحاطة بالتزامات الزوجية، وفي الوقت ذاته استطاعت تقمص شخصية الفتاة الخارجة من شرنقة الزوجية لتتعلم الطيران بمفردها بعيدا عن ظل زوجها.

وبالمقابل كان أداء الممثل آدم درايفر (بدور الزوج) أقل من مستوى شريكته، على الرغم من جودته وكان الاعتماد الأكبر على لغة جسده التي عكست انكساره التدريجي.

الدعامة الثانية لنجاح العمل، هي الاعتماد على حوارات كتبت بإتقان شديد؛ ومنها حوار تشارلي ومحاميته العجوز الفائضة بالحكمة والتبصر العميق في أمور الزواج وتعقيدات النظام القضائي، أوفي حوار نيكول ومحاميتها القوية (أدت دورها لورا ديرن)، أما ذروة العمل فجاءت في الدقيقة 90، إذ وصل بطلا الفيلم إلى درجة الانفجار في عتاب شديد أظهر جوانب الحب الساكن في قلبيهما على الرغم من قسوة الخلافات.

يُذكر أن الفيلم حظي بحفاوة جماهيرية ونقدية جيدة، وصنفته مجلة التايم، كأفضل أفلام العام 2019 وحصد جوائز غولدين غلوب وبافتا ورشح لستة جوائز أوسكار.

الاخبار العاجلة