يأتي ذلك مع انشغال إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا وتعم أرجاء الولايات الأميركية، وتداعيات فيروس كورونا، وسط بوادر مساع للتركيز على الملفات التي قد تشكل “رافعة” خلال حملة ترامب لإعادة انتخابه لولاية ثانية.
وفي هذا السياق، وصف تقرير للقناة 13 الإسرائيلية، اللقاء الذي جمع نتنياهو ورئيس الكنيست، ياريف لفين، في وقت سابق اليوم، مع قادة مجلس المستوطنات (يشاع)، باللقاء “الصعب وغير المريح”، وأشار التقرير إلى أن نتنياهو وبّخ قادة المستوطنين وطالبهم بوقف حملتهم ضد “صفقة القرن” الأميركية.
وشدد التقرير على أن نتنياهو يشعر بالاستياء من النقد المتواصل لحركات الاستيطان وقادة المستوطنين والتيارات اليمينية المتطرفة ضد “صفقة القرن”، على اعتبار أنها تتيح إقامة “دولة فلسطينية مستقبلا”، على حد زعمهم.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو قال مخاطبًا قادة المستوطنين: “إن حملتكم ضد ‘صفقة القرن‘ تسبب ضررا للهدف الذي حددناه بضم مناطق واسعة قدر الإمكان”، وأضاف “أنتم تعبثون بذيل الدب، بينما الدب لم يصل إلى هنا بعد”.
وشدد تقرير القناة على أن نتنياهو امتنع خلال الاجتماع عن تحديد أي موعد لبدء تنفيذ إجراءات مخطط الضم، علما بأنه كرر في أكثر من مناسبة إصراره بالشروع بتنفيذ الضم بداية تموز/ يوليو المقبل، وفقًا للاتفاق الائتلافي الذي شكل بموجبه حكومته الخامسة، غير أن مسؤولين في الليكود أطلقوا تصريحات صحافية خلال الأيام الماضية تلمح إلى تأجيل محتمل.
كما قال نتنياهو خلال اجتماعه بقادة مجلس المستوطنات، أنه منذ طرح إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، خطة “صفقة القرن”، بات الأميركيون “أكثر تشددًا” في هذه المسألة.
وشدد على أن التقدم في هذا الشأن مرتبط بالموقف الأميركي، وأضاف “نحن ننتظر أجوبة من الجانب الأميركي، حول متى يمكننا المضي قدما بمخطط الضم، ومساحة المناطق التي يمكن ضمها وتحديد الخرائط”. بدوره، نفى ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية هذه التسريبات التي أوردتها القناة نقلا عن مصادر تواجدت في اللقاء.
الضم بمعزل عن “صفقة القرن”
بالمقابل، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة “هآرتس” عن مصادر مطلعة على مجريات اجتماع نتنياهو ولفين بقادة المستوطنين، أن “نتنياهو وجه رسالة إلى قادة مجلس المستوطنات مفادها بأنه إذا ما تم تقديم اقتراح للحكومة أو الكنيست لضم مناطق في الضفة الغربية، فسيتم ذلك بمعزل عن خطة ترامب”.
وأوضحت “هآرتس” أن ذلك يعني أن “دعم نتنياهو للمفاوضات مع الفلسطينيين من أجل إقامة دولة مستقبلية، بموجب خطة ترامب، سيكون إعلانيًا محضًا ولن تؤثر على قرار الضم”، علما بأن البيان الرسمي الصادر عن نتنياهو عقب الاجتماع بقادة المستوطنين، ذكر أنه ملتزم بإجراء مفاوضات بالاستناد إلى “صفقة القرن”.
وأكد نتنياهو خلال الاجتماع أنه “لم ير بعد الخريطة الأميركية النهائية للأراضي التي يمكن ضمها، وأن الخريطة المقدمة كجزء من خطة ترامب ليست نهائية”، بحسب ما ذكرت مصادر “هآرتس”، التي لفتت كذلك إلى أن الاجتماع كان “عاطفيا للغاية” في بعض الأحيان و”صاخبا” في أحيان أخرى.
يأتي ذلك فيما عكف قادة “كاحول لافان”، خلال الأسابيع الماضية، وفي مقدمتهم رئيس الحزب ووزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، الذي اجتمع أمس بالسفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، إضافة إلى وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكينازي، على التأكيد أنهم يدعمون خطة ترامب كاملة، وليس الضم أحادي الجانب بشكل منفصل “صفقة القرن”. ومع ذلك، فإن اتفاق الائتلافي يسمح لنتنياهو بطرح أي “اتفاق يتم التوصل إليه مع الولايات المتحدة بشأن تطبيق السيادة” اعتبارًا من بداية تموز/ يوليو، لموافقة الحكومة.
الأردن عن مخطط الضم الإسرائيلي: لن يمر دون ردّ
وعلى الجانب الآخر، أكد الأردن على موقفه الرافض لإعلان إسرائيل ضم أراضٍ فلسطينية، مشدداً على أن تلك الخطوة “لن تمر دون ردّ”، وفق ما جاء في مداخلة لوزير الخارجية أيمن الصفدي، في اجتماع لجنة الارتباط الخاصة بمساعدة الشعب الفلسطيني على المستوى الوزاري، بحضور ممثلين عن 24 دولة عربية وأوروبية ومسؤولين أمميين.
ووفق بيان للخارجية الأردنية، فقد حذر الصفدي خلال الاجتماع، الذي عقد عبر الإنترنت، من العواقب الوخيمة لقرار الضم، على مسعى تحقيق السلام الإقليمي وعلى العلاقات الأردنية الإسرائيلية؛ وقال الصفدي: “منع الضم هو حماية للسلام”.
وتابع: “نقف على مفترق حاسم، فإما السقوط في فوضى الصراع وفقدان الأمل وإما إنقاذ السلام الذي يشكل ضرورة إقليمية ودولية”، وأضاف “يجب أن تكون رسالتنا واضحة، لن يمر الضم دون رد، ذك أن تنفيذ الضم سيفجر صراعا أشرس، سيجعل خيار الدولتين مستحيلا وسيجعل مأسسة التمييز العنصري حتمية، وسيدمر كل فرص تحقيق السلام الشامل”.
وأوضح الصفدي: “الأردن سيظل يقوم بكل ما هو متاح لتحقيق السلام العادل والشامل الذي تقبله الشعوب وتحميه، وسيبقى يتخذ كل ما يلزم لحماية مصالحه”، وتابع: “لن ينمو الاقتصاد وهو يرزح تحت ضيق مخالب الاحتلال.. ولن يتحقق السلام عبر ضم ثلث دولة فلسطين”.
وفي مقابلة سابقة مع مجلة “دير شبيغل الألمانية”، قال ملك الأردن عبد الله الثاني، إن اتخاذ إسرائيل أي خطوات بضم أجزاء من الضفة الغربية في تموز/ يوليو المقبل، سيؤدي إلى “صدام كبير” مع بلاده.
من جانبه، حذر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في الاجتماع ذاته، “من ضم إسرائيلي أحادي الجانب، ما من شأنه أن يقوض فرصة التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية وفرص السلام في إطار حل الدولتين”، وشدد على ضرورة “دعم السلطة الفلسطينية ماديًا في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تفاقمت في أعقاب جائحة كورونا”.