استيطان في الظلام

7 نوفمبر 2016آخر تحديث :
استيطان في الظلام

بقلم: الحارث الحصني

يقضي الفلسطيني في الأغوار الشمالية يومه كأن شيئا لم يحدث من حوله نهارا… وبعد انقضاء وقت العصر بقليل، يعود بعضهم من رعي الأغنام، وآخرون من مزارعهم، ومع اختفاء الشمس خلف الجبال، تُسمع أصوات خلف الهضاب المحيطة بمضاربهم، إنها أعمال بناء معرشات و “كرفانات” يقوم بها المستوطنون ليلا.

بدأت الحكاية تقريبا قبل أكثر من شهرين، عندما بنى مستوطنون “عريشة” بالقرب من مستوطنتي “روعي” و “حمدات”، وتركوها، ومع نهاية الأسبوع الماضي عادوا وأخذوا بتبسيط الأرض، والبدء بإقامة مبانٍ جديدة.

مرة أخرى، مواطنون يسكنون خلة حمد منذ أربعة عقود، يسمعون في الليل أصواتا غريبة على بعد أقل من نصف كيلو متر منهم، ليتبين لهم صباح اليوم التالي أن مستوطنا من “سلعيت” أقام “بركسا”، وسياجا على أحد سفوح الجبال الغربية القريبة من مضاربهم؛ بحجة نيته رعي الأغنام.

” في الليل يعملون بصمت، إلا أننا نشاهد أضواء سيارتهم، وبعض أصوات صراخهم، وفي الصباح التالي نتفاجأ بوجود معرش صغير، أو بركس”، يقول حسن أبو زهو، وهو أحد سكان منطقة الحمة.

بالرغم من أن وحدة التنسيق التابعة لجيش الاحتلال أقرت بعدم شرعية البناء بهذه الصورة، كما قالت صحيفة “هآرتس” العبرية، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار عمليات البناء ليلا.

الأصوات التي تسمع ليلا وتتحول نهارا الى مشاهد لبناء بؤر استيطانية في خلة حمد، هي ذاتها تسمع قرب منطقة البقيعة.

شهود عيان من العائلات التي تقطن هناك أشارت إلى أن المستوطنين وضعوا “عريشا” قبل شهرين خلال الليل، وعادوا الآن، وبدأوا بتوسيع المنطقة، التي استولوا عليها.

الخبير في شؤون الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية عارف دراغمة قال لــ”وفا”، إن المستوطنين استولوا خلال أقل من شهرين على ما يزيد عن 200 دونم في الأغوار الشمالية، وأقاموا عليها “كرفانات”، و “بركسات.”

وحذّر دراغمة من التبعات الجانبية لأعمال البناء غير الشرعية هذه، بقوله: من شأنها أن تلقي بظلالها على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين، إذ أنها تقطع الطرق الواصلة بينها.

وأنت تسير في الطريق الرئيس الواصل بين مضارب المواطنين في الأغوار، يمكن مشاهدة بوادر بؤر استيطانية جديدة في الأغوار، فبالقرب من مستوطنة “روتم”، تشاهد كرفانا مبنيا على قمة هضبة، وعندما تتجه شمالا ترى بضع بنايات بالقرب من مستوطنة “ميخولا”، التي تعتبر أول مستوطنة زراعية أنشأها الاحتلال بعد احتلال الضفة عام 1967.

من الطريق الذي يشق المنطقة التي تحاذي مستوطنة “روتم”، يمكن مشاهدة عمليات البناء والتوسيع الكبير في هذه المستوطنة، من: أبنية جديدة، وحظائر مواشي، لا تبعد كثيرا عن ضفة وادي المالح.

إلى ذلك، يعود دراغمة بالحديث عن الموضوع مرة أخرى، بقوله: الإدارة المدنية بدأت تتعامل مع السكان، والمؤسسات الحقوقية التي تتابع انتهاكات المستوطنين في الأغوار، بسياسة التخدير من خلال إشغالهم بأعمال هدم منازل المواطنين في الأغوار، بعد إخطار بعضها، وهذا ما حدث مؤخرا في أكثر من منطقة.

“أصبحت سياسة بناء “المعرشات” ليلا سياسة لفرض الأمر الواقع، لتخفيف وتيرة الاحتجاج التي تقوم بها المؤسسات الحقوقية العاملة في المنطقة”، يضيف دراغمة.

الاخبار العاجلة