إسرائيل تخنق الفلسطينيين بذريعة الآثار

26 يونيو 2020آخر تحديث :
إسرائيل تخنق الفلسطينيين بذريعة الآثار

الأغوار الشمالية (حمصة التحتا)

المصدر :وفا- الحارث الحصني

في العاشر من الشهر الحالي، عرض محمود بشارات من سكان حمصة التحتا (البصلية)، بالأغوار الشمالية، عبر صفحته الشخصية في “فيسبوك” 10 رؤوس من أغنامه للبيع، على سعر 175 دينارا للرأس الواحد، غير أن الشاب (40 عاما) أخبر مراسل “وفا” في وقت لاحق أن تاجرا أراد شراء 18 رأسا من الماشية بهذا السعر.
ذاتها عائلة بشارات التي تسكن في المنطقة منذ أكثر من أربعين عاما، في نظام معيشي يعتمد بشكل أساسي على تربية الماشية، هدم لها الاحتلال مساكن ومنشآت منذ عام 1996 وحتى اليوم خمس مرات؛ بحجة عدم الترخيص.

وفي العام الحالي أخطر الاحتلال العائلة ذاتها مرتين؛ إحداها إزالة مباني بحجة تدمير آثار في المنطقة.
لكن ما الرابط بين عرض بشارات أغنامه للبيع، وبين إخطارات بالهدم تسلمتها العائلة؛ بحجة تدمير آثار، كما يدعي الاحتلال.

يقول بشارات: “أريد التخلص من الخراف الصغيرة من خلال بيعها، تحسبا لأي عمليات هدم(..)، لا أريد أن تظل ماشيتي دون مأوى في هذا الحر“.

وبشارات أقبل على هذه الخطوة بناء على تجارب سابقة مر بها.

فمجرد أن يهدم الاحتلال خياما، ومنشآت سكنية وحظائر أغنام للمواطنين، فإن مواشيهم تظل دون مأوى لها، وهي بيئة غير ملائمة لاستمرار الروح عند الماشية حديثة الولادة خاصة.

فقد أخبر الرجل، مراسل “وفا”، أن تاجرا هاتفه من أجل شراء الخراف، “الخراف الصغيرة لا تحتمل الأجواء الحارقة، غير السرقات التي يمكن أن تحصل“.

بشارات أخبر “وفا”، أن هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها إخطارا من هذا النوع”. ففي الإخطار الذي تسلمه من الاحتلال في شهر يناير المنصرم، هو مطالب بإزالة مبنى، وسور، وقفص، وأثاث، ومكعبات، وأشجار، وآخر، وكلها مسميات واردة في الإخطار ولا يعرف بشارات ما هي بالضبط.

وقال: “لا أعرف كيف لخيام مقامة منذ عشرات السنوات، ولا يسمح الاحتلال لنا بتطويرها، أن تدمر الآثار“.
صحيفة “هآرتس” العبرية كتبت تحت عنوان: “فلسطينيون في الضفة استلموا أوامر هدم واكتشفوا أنهم يسكنون في مواقع أثرية”، ففي العامين الأخيرين ارتفعت أوامر الهدم لمباني في الضفة الغربية حسب الصحيفة العبرية، بنسبة 162% والحجة البناء في مواقع أثرية.

ويقول مدير عام حماية الآثار في وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، صالح طوافشة: “رواية الاحتلال مزيفة(..)، الاحتلال بحكم القوة يسوقون لروايتهم المزيفة إلى العالم“.

يكرر بشارات الكلام ذاته، وهو سليل عائلة تمتلك تاريخا كبيرا في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية بحقها.
بالنسبة لطوافشة، فإن الاحتلال يعمل بشكل متواصل على تدمير الآثار الشاهدة على الحق الفلسطيني بالأرض، ويستخدم روايته المزيفة“.

في شهر آذار الماضي، استلم بشارات بلاغا من الاحتلال لمراجعته، وخلال التحقيق معه طالبه ضابط الاحتلال بتحديد موقع سكنه من خلال خارطة عرضت على جهاز الحاسوب، ثم بدأ نقاش بينهما عما إذا أضاف بشارات أية مبان جديدة، أو رمم الموجودة.

فالاحتلال يعتبر إضافة أية مبان جديدة، تدميرا للآثار. قال بشارات نقلا عن ضابط الاحتلال.
بعد تساؤلات خلال النقاش بين بشارات وضابط الاحتلال، عن طبيعة تدمير آثار في المنطقة، تلقى جوابا من الاحتلال أن تغيير معالم المكان هو تدمير للآثار.

حراثة الأرض وزراعتها يعتبر، حسب وجهة نظرهم، تدميرا للآثار”. قال بشارات.

لكن في الواقع فإن إسرائيل بعملية الضم التي تنوي القيام بها تستولي على عشرات المواقع الأثرية الفلسطينية، فمن خلال الأرقام التي أخبر بها طوافشة، مراسل “وفا”، فإنه وبسبب عملية الضم التي تنوي إسرائيل القيام بها، فإن أكثر من 400 موقع أثري ستشملها العملية.

وأضاف: “ينهبون كل المواقع الأثرية الفلسطينية“.

وقال: “أنا لم أدمر شيئا، بينما الاحتلال أسبوعيا يدمر كل شيء”.

بالعودة لبشارات، فإن الرجل الذي يسكن في خيام مهددة بالهدم تحت حجة تدمير آثار، قال: “هذه المرة الأولى التي أعلم فيها بوجود آثار في المنطقة“.

يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إن الاحتلال يستخدم حجة الآثار، لمنع الفلسطينيين من تطوير أي وجود معيشي لهم، وإجبارهم على ترك أماكن سكناهم.

ووفق معطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، فإنه في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017 هدمت سلطات الاحتلال 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، وأن المباني التي هُدمت كان يسكنها 2948 فلسطينيّا بينهم على الأقلّ 1334 قاصرين.
وأوضحت المؤسسة الحقوقية عبر موقعها الالكتروني، أن إسرائيل تسعى بشتّى الطرق لترحيل الفلسطينيين عن منازلهم وأراضيهم، وهي تمنع هذه التجمّعات من أيّة إمكانيّة للبناء القانوني وفق احتياجاتها.
يقول بشارات: “استخدموا كل الطرق لإخراجنا من أرضنا ولم يفلحوا(..)، اليوم يتذرعون بأننا ندمر آثارا غير موجودة“.

الاخبار العاجلة