فشل ثورة الغلابة يُكرّس عزلة الإخوان

12 نوفمبر 2016آخر تحديث :
فشل ثورة الغلابة يُكرّس عزلة الإخوان

مصرصدى الاعلام

12-11-2016

باءت بالفشل أمس في مصر تظاهرات «ثورة الغلابة» التي دعت إليها صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي على مدى الشهرين الماضيين، ودعمتها وروّجت لها على نطاق واسع جماعة «الإخوان المسلمين»، خصوصاً قادتها الفارين إلى تركيا.

ورسّخ الهدوء اللافت في شوارع القاهرة أمس فشل جماعة «الإخوان» في الحشد وعزلتها. وبينما نشط «الإخوان» على مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات مؤيدة للجماعة في بث لقطات وصور عن اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين في مناطق عدة، نشط مؤيدو الرئيس عبدالفتاح السيسي في نشر صور تؤكد أن تلك اللقطات من تظاهرات سابقة.

ولم تكن جماعة «الإخوان» صاحبة الدعوة إلى التظاهرات ضد الغلاء علناً، لكنها تبنتها وروّجت لها على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة التي شملت تحرير سعر صرف الجنيه وتقليص دعم الوقود وقوبلت برفض شعبي لتسببها في رفع الأسعار. وقبل أيام من موعد الاحتجاج عمدت الجماعة إلى إسباغ موقفها الرسمي بضبابية، كي لا تتحمل مسؤولية فشلها المتوقع.

وعلى رغم أن الداعين إلى تلك التظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي قنوات الإخوان التي تُبث من تركيا خصوصاً، كثفوا دعاياتهم في الأيام الماضية، إلا أن تلك الفعاليات لم تجذب أعداداً من شأنها إحداث أي تأثير في مسار الحُكم أو على قرارات السلطة، خصوصاً في شقها الاقتصادي.

وكثفت قوات الأمن في القاهرة من تواجدها في الميادين الرئيسة، وجابت سيارات رباعية الدفع الشوارع التي بدت خاوية، في مؤشر على أن غالبية قاطني المدينة آثروا البقاء في منازلهم. وأغلقت هيئة مترو الأنفاق محطة مترو السادات في ميدان التحرير بناء على توجيهات أمنية، وشهد مهد الثورة المصرية حشداً أمنياً كبيراً منذ مساء الخميس. وكثفت الشرطة تواجدها في الميادين الرئيسة في العاصمة وعواصم المحافظات.

وأجرت قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات تمشيطاً لمؤسسات حكومية ودينية عدة للتأكد من خلوها من أي عبوات متفجرة. وانتشرت وحدات الكشف عن المفرقعات في محيط الوزارات والمؤسسات الحكومية والكنائس والسفارات والشركات الأجنبية. ونفت وزارة الداخلية إشاعات ترددت عن فرض حظر للتجوال أمس، واعتبرت الهدف منها «إثارة البلبلة في الشارع المصري».

وكان لافتاً أن جال وزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي في ميدان التحرير بسيارته أمس، وتبادل الحديث مع بعض المارة والقيادات الأمنية في الميدان. ولم تُسجل بعد صلاة الجمعة أي تجمعات في الميادين الرئيسة إلا مجموعات صغيرة من مؤيدي السيسي الذين رفعوا صوره وشعارات مؤيدة له في ميادين في الإسكندرية والجيزة والقاهرة.

لكن احتجاجات محدودة شهدت مواجهات في مناطق نائية جنوب العاصمة، خصوصاً في منطقة المنصورية في محافظة الجيزة، وفي حوش عيسى في محافظة البحيرة (شمال مصر). وألقت قوات الأمن القبض على عشرات المتظاهرين خلال فض هذه الاحتجاجات.

واعتمدت جماعة «الإخوان» نهجها نفسه في التظاهر في القرى والمناطق النائية بأعداد محدودة لا يمكن أن تُحدث تأثيراً، ووقف عشرات من مؤيدي الجماعة على طرق عدة بين قرى في محافظات الفيوم وبني سويف والجيزة، جنوب العاصمة، وفي البحيرة والإسكندرية في الشمال، ورفعوا لافتات تُندد بالغلاء، ولوحوا بإشارات «رابعة».

وقال الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بشير عبدالفتاح إن التحرك الذي حدث أمس يؤكد أن «الإخوان فقدوا قدرتهم على الحشد من فترة طويلة بسبب الأداء السياسي الفاشل للجماعة منذ فترة»، لافتاً إلى أن «رهانهم على عثرات اقتصادية والقرارات الاقتصادية الصعبة التي اتخذت أخيراً باء أيضاً بالفشل».

وأعلن المصرف المركزي أخيراً تحرير سعر صرف الجنيه، بعد أن كان يعتمد سياسة تثبيت سعر الصرف التي خلقت سوقاً موازية للدولار. وقبل القرار كان البنك المركزي يبيع الدولار للبنوك في عطاءات دورية بسعر لم يتخط 9 جنيهات، فيما كان يُباع في السوق الموازية بأسعار تجاوزت 17 جنيهاً. وبعد تحرير سعر الصرف وصل سعر الدولار في البنوك إلى نحو 16 جنيهاً.

وبعد قرار تحرير سعر الصرف، اتخذت الحكومة قراراً برفع أسعار الوقود بنسب تصل إلى 87 في المئة، في محاولة لتقليص دعم الطاقة، خصوصاً أن الموازنة العامة للدولة ستتحمل استيراد المشتقات النفطية بالأسعار الجديدة للدولار.

وقال عبدالفتاح: «مجرد أن تصبغ الدعوة بصبغة الإخوان، تفقد القدرة على الحشد والتأثير. أي تحرك يتم تسييسه من قبل الإخوان يفقد فوراً فاعليته». ورأى أن «فشل الحشد كان متوقعاً في ظل حملات التخويف والإقناع التي استخدمت في وسائل الإعلام بحسب وسيلة كل منبر إعلامي»، معتبراً أن «حاجز الخوف بُني مرة أخرى، فضلاً عن أن الحاجة إلى الشارع تراجعت طالماً أن الرسالة التي يريدها الشارع وصلت إلى الحُكم، وطالما أن الناس أدركت أن التظاهر لن يحل الأزمات… هدف الاحتجاج هو إبلاغ رسالة للرئيس بأن شعبيته في تراجع بسبب القرارات الاقتصادية، وهو نفسه يعرف أن شعبيته تراجعت وقال إنه سيتخذ تلك القرارات حتى لو أثرت على شعبيته، فضلاً عن أن الشارع بات يعلم أن الخروج لن يحل المشكلة».

وأضاف أن «التظاهر بسبب القرارات الاقتصادية ليس هدفه إسقاط النظام، لكن التعبير عن الغضب من القرارات، وتلك الرسالة يُدركها الحُكم جيداً، وبالتالي أسباب التظاهر غير موجودة». واعتبر أن أحداث أمس «تشير إلى أن الإخوان فقدوا تماماً القدرة على الحشد، والشارع رفض تماماً استخدام الإخوان المشاكل الاقتصادية من أجل تحقيق مكاسب في صراعهم مع النظام، كما تدل على أن الشارع على مضض مضطر إلى تقبل الإجراءات الاقتصادية القاسية على أمل أن يحدث تقدم».

#مصر_الاخوان_ثورة_الغلابة

الحياة اللندنية

الاخبار العاجلة