منطق القوة يفرض نفسه على القضية الفلسطينية

26 أغسطس 2020آخر تحديث :
منطق القوة يفرض نفسه على القضية الفلسطينية

صدى الاعلام – رام الله

بقلم: سمير عباهرة

القانون الدولي والشرعية الدولية والديمقراطية وحقوق الانسان هي مفاهيم وهمية تستخدم وفق متطلبات مصالح بعض الشعوب ومصالح الدول التي تجير هذه المفاهيم لخدمة اهدافها لكنها في مواقع اخرى تضرب بقوتها وجبروتها.

فقد عاد منطق القوة ليفرض نفسه من جديد في حسابات الولايات المتحدة واسرائيل على واقع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وبعد سنوات طويلة من الحوار والنقاش والتفاوض حول الحلول التي اقرتها اتفاقية اوسلو والتي كان من المفترض ان تفضي الى اقامة دولة فلسطينية لكن اسرائيل اوصلت المفاوضات الى طريق مسدود بل وادارت ظهرها ليس للفلسطينيين فحسب بل للمجتمع الدولي واعلنت ان الصراع يحل وفق رؤيتها ووفق مصالحها ضاربة بعرض الحائط عما صدر عن الامم المتحدة ومجلس الامن من قرارات تتعلق بالقضية الفلسطينية واهمها انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس الشرقية.

نفوذ اسرائيل السياسي والعسكري اضافة الى الدعم الامريكي الاعمى واللامحدود سمح لها بفرض مبادراتها ومشاريعها التوسعية وسمح لها بمصادرة حقوق الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية وعلى ما يبدو ان هذه المبادرات والمشاريع لقيت آذانا صاغية في واشنطن لا بل تزامنت مع الخطوط العريضة لسياسة ترمب فيما يتعلق بحلحلة الصراع وكل ذلك جاء في ظل غياب التوازنات الدولية وفي ظل الصمت الذي يلف المجتمع الدولي وتحديدا تلك القوى الكبرى التي تتميز عن غيرها في مجلس الامن في الدفاع عن القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية لكن عندما يتعلق الامر باسرائيل واعتداءاتها وانتهاكاتها للفلسطينيين فان الصمت يخيم على مواقف هذه الدول وهي ترى اسرائيل تقوم بخرق وحرق القانون الدولي وهكذا تبين ان العالم يتفاعل وفق مصالحه عندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية.

الولايات المتحدة الامريكية وزعيمها ترمب اعلن عن ميلاد مشروعه المسمى بصفقة القرن والتي تعني شطب تاريخ الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني وتبنى الرؤية الاسرائيلية لحل الصراع وبدا ذلك واضحا من خلال مواقفها وقد غاب عن الموقف الامريكي والدولي ايضا ان اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية جاء باعتبارها شريك تفاوضي وان القضية الفلسطينية تحل من خلال مفاوضات وفق الثوابت والمرجعيات الدولية وليس بفرض حلول احادية الجانب.

لم يحدث في التاريخ السياسي القديم والحديث والمعاصر ولا في تاريخ العلاقات الدولية ان تم مصادرة قضية شعب كما يجري الان للشعب الفلسطيني وهذا يعني عودة الاستعمار الكولونيالي من جديد للمنطقة بمسميات جديدة فعندما تتحول الولايات المتحدة الى طرفا رئيسيا في الصراع فمن الصعب ان تكون حكما نزيها.

حقوق الشعب الفلسطيني يتم سرقتها في وضح النهار وعلى اعين ومرآى ومسمع من المجتمع الدولي وفي ظل صمت عربي مريب وفي ظل تراجع الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية بل اصبح الموقف العربي هو اقرب للسياسة الامريكية منه للمواقف القومية وهنا خسرت القضية الفلسطينية قوى داعمة لها وتركت وحدها تصارع جبروت الولايات المتحدة واسرائيل.

لا يمكن أن يستند السلام في الشرق الأوسط إلى جرائم الحرب وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بل بوضع حد للاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين الذي طال واستطال،فالولايات المتحدة ومبعثوا ترمب لم يتحدثوا ابدا طوال جولاتهم لتسويق صفقة القرن عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره او عن حل سياسي ولم يجرؤ اي منهم في الحديث عن حل يتساوى فيها الفلسطينيون والاسرائيلييون كما يدعي ترمب بأن الصفقة وفرت للفلسطينيين حقوقهم.

ترمب اطلق مشروعه لحل الصراع لكن حساباته لم تكن دقيقة اطلاقا فصفقة القرن لن تعمل على تحقيق المصالح الدولية التي ترى فقط في حل الدولتين نقطة الارتكاز لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة.

الاخبار العاجلة