القدس المدينة الأفقر

22 نوفمبر 2016آخر تحديث :
OLYMPUS DIGITAL CAMERA
OLYMPUS DIGITAL CAMERA

بقلم: احمد جميل عزم – الغد

بحسب بيانات أصدرها مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الأسبوع الماضي، فإنّ القدس تعد المدينة الأفقر بين ما يسميه المكتب “المدن الإسرائيلية”. وهذه نتيجة ليست جديدة؛ فالقدس تشتهر بأنها الأقل نظافة، والأسوأ في الأوضاع الاجتماعية والخدمية، مقارنة بـ”مدن إسرائيلية” أخرى.

وبحسب تصنيف المكتب، الذي وضع للمدن والقرى تقييما من 10 في حده الأعلى باعتبارها الدرجة الفضلى، هبوطا إلى الأسفل؛ حصلت القدس على 4 درجات فقط لا غير، مقابل 8 مثلا لتل أبيب.

يمكن استنتاج أسباب هذا الوضع بسهولة، بمجرد تذكر التركيز العالي للسكان اليهود الأرثوذكس، والفلسطينيين العرب. والجزء الأول لديه معتقداته الدينية التي تجعله يرفض القيام بمهن وأعمال تدر دخلا، ويطالب الدولة بإعفائه من دفع الضرائب، وإعطائه مساعدات، مقابل تعلم الشريعة والمدارس الدينية، بل ويرفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي. أمّا الجانب العربي، فهو محروم من الخدمات الأساسية بقرار حكومي؛ ممنوع من بناء بيوته وشققه، ولا توجد مدارس كافية لطلبته. بل ويكفي أن نعرف أنّ بعض التجمعات السكنية العربية في أطراف الحدود البلدية الإسرائيلية، مثل كفر عقب والرام وجزء من العيزرية وغيرها، جُعلت شرق جدار الفصل العنصري، رغم أنها تعد ضمن حدود البلدية، وبالتالي تركت مع الإهمال وانفلات القانون. كما أنه وبسبب الطلب العالي على المساكن، انتشرت في هذه المناطق أبراج سكنية عالية، عشوائية، بلا مسافات تفصل بينها، أو شوارع مناسبة، أو خدمات أساسية واجتماعية، وتحولت لأماكن تفتقر للقانون. هذا فضلا عن الكثافة العالية جدا للسكان في القدس ذاتها، من حيث عدد الأفراد لكل غرفة سكنية، وانتشار المخدرات، مع منح الاحتلال مساعدات شهرية للمدمنين اليهود على المخدرات، وإهمال مكافحة المخدرات بين العرب، إلا إذا بدأ التجار ببيع المخدرات لليهود، فيتم آنذاك ملاحقتهم.

بحسب أرقام تتعلق بالعام 2014، فإن نسبة الفقر بين اليهود الأرثوذكس (الأصوليين) تصل إلى 54.3 %، وبين العرب 52.6 %. ولا تتعلق هذه الأرقام بالقدس فقط، لكن الفئتين هما الغالبية العظمى من سكان القدس، وعددهم نحو 828 ألف نسمة. ولعل من الجدير ذكره أن نسبة الخصوبة لدى الأم اليهودية الأصولية في القدس يصل إلى 4.3 طفل للأم، مقارنة بـ3.3 لدى الأم العربية (مع أن نسبة النمو السكاني بين الإسرائيليين عموما نحو 1.5 %).

بحسب أرقام نشرتها صحيفة “هآرتس”، منتصف هذا العام، فإن نسبة الفقر في القدس تصل إلى 80 %.

ما يسمى “بلدية القدس” الإسرائيلية، لامت الحكومة الإسرائيلية لعدم تخصيص ميزانيات كافية للمدينة. لكن لا أحد يجرؤ أن يشير، مثلا، إلى أنّ المستوطنات في الضفة الغربية، وحتى في القدس، تحظى بدعم كبير، حكومي وغير حكومي، وإسرائيلي وغير اسرائيلي. فعلى سبيل المثال، بلغت التبرعات في الولايات المتحدة للمستوطنات، بين العامين 2009 و2013، نحو 220 مليون دولار. وكمثال على التكلفة الهائلة، هناك نحو 800 مستوطن يسكنون بين أكثر من 200 ألف فلسطيني في الخليل، ويخصص لهم أكثر من 4 آلاف جندي لحمايتهم.

العام الماضي، زارت صحيفة “نيويورك تايمز”، مستوطنة “إيلي”، قرب رام الله، وسكانها 4 آلاف شخص، لتشاهد إقامة مركز اجتماعي فيها بكلفة 3.8 مليون دولار. وبحسب إحصاءات نشرتها الصحيفة، نقلا عن مصادر إسرائيلية رسمية، تنفق الحكومة نحو 950 دولارا دعما لكل مستوطن، وهو ضعف ما تدفعه في القدس وتل أبيب، وغيرها. وفي بعض المستوطنات المعزولة تقدم الحكومة نحو 1483 دولارا دعماً للشخص الواحد، سنويا.

تشكل القدس رمزا للانقسام اليهودي-اليهودي، بهروب الشبان العلمانيين اليهود منها، وبقاء اليهود الأرثوذكس فيها. فرغم أن نسبة تكاثر اليهود الأصوليين في القدس تفوق العرب، إلا أنّ نسبة نمو عدد العرب في المدينة تزيد. إذ يستمر عدد اليهود الذي يترك المدينة في ازدياد، مقارنة بمن يأتي لها. فالعام 2014 وحده، شهد خروج 17100 يهودي من القدس ومجيء 10400. والواقع أن هذا هو الاتجاه العام في المدينة منذ عشرات السنوات، فهي طاردة للسكان اليهود، يهربون منها على خلفية الخلاف الأصولي العلماني اليهودي اليهودي، وفقرها في فرص العمل والخدمات.

الاخبار العاجلة