تونس.. هل ينجو المشيشي من “فخاخ” حركة النهضة؟

3 سبتمبر 2020آخر تحديث :
تونس.. هل ينجو المشيشي من “فخاخ” حركة النهضة؟

يواجه رئيس الحكومة التونسي هشام المشيشي تحديا وصفه مراقبون بالصعب، وهو تسيير العلاقة بحركة النهضة، التي تسعى إلى وضع يدها على العمل الحكومي وإلى تطويع رئيس الحكومة الجديد.

وألمحت حركة النهضة في خطابات نوابها خلال جلسة المصادقة على حكومة المشيشي إلى أنّها لن تمنح صكا على بياض للمشيشي وأنها تسعى إلى كسب ”ولائه“ لها وجعله أداة بيدها لتنفيذ رؤيتها للعمل الحكومي.

وقال النائب والقيادي بحركة النهضة سمير ديلو خلال مداخلته في الجلسة العامة المخصصة لمنح الثقة لحكومة المشيشي، إنّ الحركة ليست مقتنعة بمسار الحكومة لكنها ستقف سدّا أمام كل التجاذبات.

2020-09-dilou-1200x711

وأضاف ديلو مخاطبا المشيشي “لن نمنحكم الثقة لكن سنمنحكم الأصوات لتكتسبوا ثقتنا“.

وحذّر ديلو من حكومة دون ائتلاف حكومي وأرضية برلمانية واضحة داعيا إلى تجنب صراع التأويل والذي قد يتسبّب في عدم استقرار المؤسسات، في إشارة ضمنية إلى تدخلات رئيس الجمهورية لتأويل فصول دستورية والتدخل في عمل الحكومة.

2020-09-hjk

ومن جانبه قال النائب بالبرلمان والناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، إن الحركة لم تكن مترددة عند اتخاذها قرار منح الثقة لحكومة هشام المشيشي، بعد إجماع مجلس الشورى على ذلك، مضيفا أن ”النهضة لا تزال تتحفظ على حكومة التكنوقراط وعلى هندستها وأغلب مسار تشكيلها الذي لم تشارك فيه، وعلى بعض الوزراء.“

وحذر الخميري في تصريحات صحفية من جانبه من الانزلاق إلى تأويلات دستورية تؤدي إلى مناطق رمادية في ظل غياب المحكمة الدستورية، معتبرا “أنّ وجود حكومة تحت رقابة البرلمان في ظل شلل أجهزة الحكم مع الوضع الاقتصادي الصعب وتفشي فيروس كورونا أفضل للبلاد“، وفق قوله.

2020-09-imed-5miri

ويشير الخميري إلى مخاوف لحركة النهضة من أن يقع المشيشي تحت سطوة الرئيس قيس سعيّد يأتمر بأوامره وتنفلت الأمور من يد البرلمان والحزب الأغلبي فيه (حركة النهضة).

وعلّق المحلل السياسي محمد صالح العبيدي في تصريح صحفي بالقول إن ”تصريحات قيادات النهضة تستبطن رغبة لدى الحركة في الاستحواذ على المشيشي وإدخاله بيت الطاعة، ووضع حاجز بينه وبين رئيس الجمهورية“ موضحا انّ ”هذه الرغبة مردها مخاوف الحركة من أن ينحرف رئيس الجمهورية قيس سعيد بالنظام السياسي نحو نظام رئاسي خالص من خلال وضع المشيشي تحت إمرته“.

2020-09-ju

وأضاف العبيدي أنّ ”النهضة دأبت على انتهاج هذا النهج ليس مع قيس سعيّد فحسب بل منذ عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، حين انتزعت رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد من حزبه (نداء تونس) وهو أيضا حزب قائد السبسي، وساندته في البرلمان وأنقذته من لائحة سحب الثقة التي طُرحت ضده، وقوّته على حساب قائد السبسي، وغنمت في المقابل مكاسب سياسية جمة أهمها التعيينات في مناصب حكومية وإدارية عليا، قبل الاستغناء عن الشاهد حين انتهت مصلحتها معه“.

tunisia-politics

وأشار العبيدي إلى انّ ”الحركة أعادت السيناريو ذاته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ، مع شيء من الاختلاف في التفاصيل، إذ منحته ثقتها في البرلمان، ومررت حكومته ثم لم تمهله سوى بضعة أشهر، وحرّكت ملف تضارب المصالح وحشدت قوى وكتلا برلمانية لإمضاء لائحة سحب الثقة منه ودفعته إلى تقديم استقالته؛ ما أدى إلى هذا المسار وإلى صعود حكومة المشيشي“.

tunisia-politics

وحذّر المحلل السياسي محمد العلاني من جانبه من أنّ ”النهضة لن تحيد عن هذه السياسة في تعاطيها مع رئيس الحكومة الجديد“ مشيرا إلى أنّ الحركة رددت في الفترة الأخيرة على ألسنة قياداتها بأنها ”لا تُسقط أي حكومة“ وقد صوتت لجميع الحكومات التي عُرضت على البرلمان بعد 2011 لكنها تنتظر ثمنا لذلك فإن تأخر الثمن تتغير السياسات وتُسحب الملفات“، وفق تعبيره.

وأضاف العلاني في تصريح لـ ”إرم نيوز“، أنّ ”هذا التحدي هو الأكبر اليوم أمام رئيس الحكومة الجديد الذي سيجد نفسه محاصرا بين رئيس الجمهورية وبين حركة النهضة التي تسعى في كل مرة إلى تذكير شركائها السياسيين بأنها الحزب الأغلبي في البرلمان، وبأنّ الأمور لا تُدار إلا بمشورتها وفي إطار شرعية البرلمان التي تتمسك الحركة باعتبارها الشرعية الأولى والوحيدة التي يستمد منها أي رئيس حكومة شرعيته“، بحسب قوله.

الاخبار العاجلة