الجامعة العربية ما بين التحديات والواقع

25 سبتمبر 2020آخر تحديث :
العرب

صدى الاعلام – رام الله

بقلم : سمير عباهرة

مضى على تأسيس جامعة الدول العرية ما يزيد على السبعة عقود وطوال تلك السنوات من عمرها واجهت الجامعة تحديات كثيرة نجحت في تجاوز البعض منها واخفقت في التعامل مع امور اخرى لكن اخفاقاتها تركت تداعيات لا زالت حاضرة حتى يومنا هذا وهو ما بدا واضحا في الاجتماع الاخير للجامعة العربية.
الاهداف الرئيسية لتأسيس جامعة الدول العربية كانت العمل على احياء التضامن العربي وتوحيد الوطن العربي وحماية الامن القومي العربي وحل القضايا والمشكلات التي تعاني منها الدول العربية حيث تمكنت الجامعة في المساعدة على استقلال تلك البلدان التي كانت ترزخ تحت نير الاستعمار ونجحت الجامعة العربية من تحقيق هذه الانجازات التي تمثلت في استكمال تحرر الاقطار العربية والتي نالت استقلالها والحفاظ على سيادتها. وتعرضت الجامعة العربية لاولى التحديات عندما قامت اسرائيل باستكمال احتلال الضفة الغربية عام 1967 واحتلالها لجزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية واصبح امام الجامعة تحد جديد تمثل في التعامل مع هذه المستجدات التي ضربت عمق الامن القومي العربي وعملت على تغيير مفاهيم الصراع حيث حولت مركز الصراع من ازالة اسرائيل الى ازالة اثار العدوان الاسرائيلي.
مرت الجامعة العربية في محطات جزر كثيرة ومراحل مفصلية عجزت الجامعة عن التعامل معها.فقد تعرض النظام الاقليمي العربي الى هزة عنيفة على مستوى العلاقات العربية – العربية عندما خرجت مصر من الجامعة العربية بعد توقيعها على اتفاقية سلام مع اسرائيل وعرفت باتفاقية كامب ديفيد عام 1978.وتوالت بعد ذلك المنعطفات التي هزت عمق النظام العربي عندما تعرضت منظمة التحرير الفلسطينية الى حرب ابادة في لبنان عام 1982 ولم تتمكن الجامعة حينها من اتخاذ اي خطوة من شأنها المساعدة في وقف الحرب، وترك الفلسطينيون يواجهون مصيرهم منفردين بعد ان اجبروا على مغادرة لبنان. وكان اخطر التحديات التي واجهت الجامعة لاحقا هو اجتياح العراق للكويت عام 1990ونتج عن ذلك ازمة ادت الى انهيار النظام الاقليمي العربي حيث كشفت هذه الازمة نواحي الضعف في هذا النظام باعتماد الدول العربية على الخارج لحل مشاكلها وقصور الجامعة العربية في ايجاد حل لهذه الازمة مما نتج عنه في نهاية الامر طلب الاستعانة بالقوات الاجنبية وفي النهاية صدر قرارا من مجلس الامن الدولي ليتعامل مع صراع هو في واقعه صراع عربي – عربي فقد تمكنت قوات التحالف التي طالب بها العرب بقيادة الولايات المتحدة من اخراج العراق من الكويت لكنها استكملت مشروعها فيما بعد وقامت باحتلال العراق واسقاط النظام العراقي لتواجه الجامعة العربية معضلة اخرى لا زالت اثارها ماثلة حتى تاريخنا هذا.

التحدي الابرز الذي واجه الجامعة العربية هو القضية الفلسطينية حيث كانت تعتبر القضية المركزية التي شغلت بال الامة العربية وظلت حاضرة في كافة القمم العربية التي تم انعقادها لكنه اتضح فيما بعد ان هذه السنوات من عمر القضية كان عبارة عن ادارة للصراع وليس العمل على ايجاد حل له يمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه ولم تتمكن الجامعة من اتخاذ اي خطوات لدعم الشعب الفلسطيني وايقاف الاستيطان وتمدد الاحتلال والتهجير والتجويع والقتل الذي تقوم به اسرائيل.

التراجع في دور الجامعة بدا واضحا نتيجة عوامل كثيرة في ظل التحولات والمتغيرات التي لا تنتهي في المشهد السياسي العربي والاقليمي والدولي والتي تركت تداعياتها بشكل سلبي على دور الجامعة واصبحت تعاني نتيجة الخلافات العربية التي تحولت فيما بعد الى ازمات عجزت الجامعة العربية عن ايجاد الحلول لها.

مشكلة الجامعة العربية الاساسية تكمن في مشاكل البروقراطية وتحكم بعض الدول الاعضاء بها دون الاخذ بعين الاعتبار لتوازنات الجغرافيا السياسية اضافة الى سيطرة القرارات الخارجية على مخرجات الجامعة والمشكلة الاهم التي ادت الى فشل الجامعة هي في الطريقة التي يتم بها اتخاذ القرار وهو بالاجماع وهنا تدخل عناصر القوة والمال في السيطرة على القرار. وتكاد تكون الجامعة العربية هي المؤسسة الدولية الوحيدة التي يتخذ قرارها بالاجماع وهو ما يتنافي مع القيم الديمقراطية لانها تؤسس الى هيمنة الدول الكبرى وسيطرة التيار القوي على قرارات الجامعة وهذا ما حصل في الكثير من المواقف وكان اخرها اسقاط مشروع القرار الفلسطيني في اجتماع الجامعة الاخير والذي يطالب بادانة التحالف الامريكي الاسرائيلي الاماراتي واعطاء الجامعة العربية الشرعية لبدء عملية التطبيع بين عددا من الدول العربية واسرائيل وهنا فقدت الجامعة العربية دورها الاخلاقي فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي والذي تقلص الى عناصره الاساسية واصبح الصراع شأنا فلسطينيا دون ظهيرا عربيا.

 

الاخبار العاجلة