المؤتمر الدولي للسلام والعوامل المؤثرة فيه

30 أكتوبر 2020آخر تحديث :
المؤتمر الدولي للسلام والعوامل المؤثرة فيه

صدى الاعلام – رام الله

الكاتب: سمير عباهرة

المبادرة التي اطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مجلس الامن لعقد مؤتمر دولي للسلام لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة عام1967 واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفق القانون الدولي والشرعية الدولية لاقت ترحيبا دوليا من خلال المداولات التي تمت في مجلس الامن.وكان استجابة المجتمع الدولي للمطلب الفلسطيني هو بمثابة تأكيد على شرعية القضية الفلسطينية وسبل حلها من خلال المنظمة الدولية وليس من خلال التفرد الذي تقوده الولايات المتحدة واسرائيل ومحاولات الهيمنة وفرض الحلول على الشعب الفلسطيني من خلال صفقة القرن.

وتأتي هذه المبادرة الفلسطينية في ظل ظروف استثنائية تمر بها القضية الفلسطينية ويمر بها الاقليم في ظل التراجع العربي الداعم للقضية الفلسطينية وربما انعدامه بعد موجات التطبيع العربية الاسرائيلية التي احدثت تغييرا على المشهد السياسي العربي وشرعت الابواب العربية امام اسرائيل وربما يكون للسياسة الاسرائيلية تأثيرا واضحا على بعض المواقف العربية وتأتي هذه المبادرة ايضا في ظل دخول الشرعية الدولية التي يعول عليها الفلسطينيون نفقا مظلما.

انعقاد المؤتمر سيكون احد المحطات الرئيسية المؤثرة في القضية الفلسطينية من باب تحريك الاجواء السياسية المحيطة بالقضية على الاقل والخروج بالقضية الفلسطينية من حالة الجمود السياسي وتوجيه الانظار نحوها بعد ان تراجعت اثر موجات التطبيع وسيكون العنوان الابرز امام المؤتمرين هو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لان المؤتمر سيكون مطالبا بالتأكيد على مرجعيات عملية السلام التي اقرها القانون الدولي والشرعية الدولية من أجل تطبيق حل الدولتين ووضع جداول زمنية محددة للتوصل إلى اتفاق سلام وجداول زمنية لتنفيذ هذا الاتفاق وحتما ستدور تساؤلات حول موعد زوال الصراع وانتهاءه وموعد انسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي الفلسطينية والأسباب التي حالت دون ذلك اي ان المؤتمر سيشكل تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في سعيهم نحو التحرر والاستقلال وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة.

الموعد الذي ضربه مجلس الامن لعقد المؤتمر الدولي للسلام هو بداية العام القادم لكن هذا الموعد قد يكون قابلا للتغيير او التأجيل او التراجع لاسباب كثيرة ومتعددة اذ ان هناك محددات كثيرة تفرض نفسها على وقائع ومجريات المؤتمر في ظل التغيرات الاقليمية الجديدة وسياسة المحاور والتكتلات والتجاذبات وتفاعلاتها وتداخلاتها السياسية الاقليمية والدولية.

الدول الكبرى صاحبة الفيتو في مجلس الامن سيكون لها الكلمة العليا في مجريات المؤتمر في حالة انعقاده وقد تنادي هذه الدول بضرورة حل الصراع من خلال المنظمة الدولية وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه.

لكن الموقف الامريكي بالتأكيد سيكون حجر عثرة امام الطموحات الفلسطينية بغض النظر سواء بقي الجمهوريون في الحكم ام وصل الديمقراطيون ربما يكون هناك اختلاف حول الوسيلة وليس على.الولايات المتحدة التي تتربع على عرش السياسة الدولية والتي تعمل على تحريك كافة الملفات السياسية لحلفاءها سيكون لها موقفا ربما يترك تداعياته على المؤتمر وعلى اعضاءه فلا يمكن عقد المؤتمر بمعزل عن الولايات المتحدة بصفتها الدولية اولا وبصفتها الراعي الاول لعملية السلام وعضو الرباعية الدولية ثم ان الولايات المتحدة تستطيع انجاح المؤتمر وتستطيع افشاله.

فالولايات المتحدة ستكون اول المعارضين على انعقاده فهي ترفض تطبيق مبدأ “الدبلوماسية الجماعية” على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي حتى لا يتساوى تاثير الدول الاخرى في فرض قرارات داخل المؤتمر تشكل ضغطا على اسرائيل كما انها لا تريد فتح الباب امام تشعب وتعدد مسارات الحل بحكم مشروعها المسمى بصفقة القرن وبحكم الادعاء بوجود مسار التفاوض وترى ان انعقاد المؤتمر سيضعف مشروعها والمسار الرئيسي لعملية السلام. كما مفهوم التوازنات الاستراتيجية على الساحة الدولية سيكون حاضرا في استراجية الولايات المتحدة ولن تسمح لاي جهة كانت ان تتبوأ مكانة تبقيها على نفس المسافة معها في مسألة استراتيجية بالنسبة للسياسة الخارجية الامريكية وهو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي اذ ان الامساك بهذه الورقة يعني السيطرة على السياسة الدولية ويشكل تعديا على اختصاصات الولايات المتحدة بصفتها الراعي الاول لعملية السلام.

اسرائيل الطرف الرئيسي في الصراع من المؤكد انها ستقاوم انعقاد المؤتمر حيث تتعارض مصالحها مع انعقاده فهي ترى في صفقة القرن فرصة ذهبية لانهاء الصراع وترى ان المفاوضات الثنائية مع الفلسطينيين هي الطريق الوحيد للتوصل الى اتفاق ينهي الصراع حسب مفاهيمها وهي دائما تحاول تمييع المواقف الدولية المؤيدة لحل الدولتين وتصر على رفض التدخلات الخارجية في الصراع واخراجه من تحت العباءة الامريكية المنحازة لاسرائيل وتهدف اسرائيل الى كسب مزيد من الوقت وتعتقد ان اطالة الزمن يعني اطالة امد الصراع الذي يخفي وراءه تراجع القضية الفلسطينية في سلم الاولويات الدولية والعربية.فاسرائيل تعتقد انها انتقلت من مرحلة ادارة الصراع الى مرحلة فرض الحل الاسرائيلي.

الاخبار العاجلة