توفيق سلطان: أبو عمار صانع الهوية الوطنية الفلسطينية

11 نوفمبر 2020آخر تحديث :
توفيق سلطان: أبو عمار صانع الهوية الوطنية الفلسطينية

صدى الاعلام – بيروت

– وسام أبو زيد

“أبو عمار صانع الهوية الوطنية الفلسطينية” بهذه العبارة استهل القيادي السابق في الحركة الوطنية والمناضل اللبناني توفيق سلطان حديثه عن الرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي التقاه لأول مرة في العام 1969، وتوطدت العلاقة بينهما منذ ذلك الوقت الى حين استشهاده في العام 2004.

ويقول في حديث، “شاركت في جنازة المرحوم أبو عمار في مصر الى جانب الراحل الكبير محسن إبراهيم، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بمشاركة عربية ودولية لافتة تقديرا للدور التاريخي الذي لعبه ابو عمار في صياغة الهوية الوطنية الفلسطينية ومسيرته النضالية الطويلة دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني”.

وأشار سلطان إلى أن حصار شارون للشهيد أبو عمار في مقر المقاطعة بمدينة رام الله تزامن مع حصار مالي وسياسي رهيب لتركيع الشعب الفلسطيني وإجباره على رفع راية الاستسلام للمشروع الصهيوني في المنطقة، مؤكدا ان عقلية الشعب الفلسطيني وقيادته غير قابلة للاستسلام أو التفريط بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

ويرى سلطان أن الشهيد ياسر عرفات استطاع غرس البذور الوطنية الفلسطينية في الاجيال المتعاقبة من خلال ممارساته النضالية وتشبثه بالموروث الوطني، لافتا الى ان الكوفية التي كان يعتمرها ابو عمار اصبحت رمزا من رموز النضال الفلسطيني، وعنوانا بارزا للالتزام بحرية فلسطين.

ويعود سلطان في الذاكرة إلى أيام النضال اللبناني الفلسطيني المشترك، واللقاءات الماراثونية التي كانت تعقد لبحث مجمل الأوضاع في ذلك الوقت، “كان يرسل في طلبي لحضور الاجتماعات في أغلب الأحيان في ساعات متأخرة من الليل، بمشاركة الزعيم الوطني كمال جنبلاط والراحل الكبير محسن إبراهيم وغيرهما، ودائما ما تشهد اللقاءات مناقشات صريحة وجادة تصل في بعض الأحيان الى حدود الاختلاف في وجهات النظر”.

ويضيف سلطان “لكن ابو عمار كان قادرا على خلق الحلول لجميع المشاكل والتباينات بسبب حرصه الشديد على الوحدة الوطنية وشخصيته الكاريزماتية وحنكته المعهودة، ويقدم في النهاية الطرح الذي يلقى رضا معظم المشاركين مع بعض التحفظات من هنا او هناك”.

كما يرى أن البعض كان يختلف مع أبو عمار لسببين، إما للمزايدة على الموقف الفلسطيني الموحد او بهدف وضع العصي في الدواليب لأجندات غير فلسطينية، وفي كلتا الحالتين كان ياسر عرفات يستوعب الجميع ويحاول عدم تشتيت الفعل الفلسطيني لمواجهة المشروع الصهيوني.

ويؤكد أن الراحل أبو عمار كان حريصا على توحيد الجهود لمواجهة المشروع العدواني لكيان الاحتلال، مشيرا الى تمسكه بالحوار طريقا لصياغة موقف فلسطيني موحد.

ويعتبر سلطان ياسر عرفات امتدادا للنضال الفلسطيني والمقاوم الذي بدأ بالثورات ضد الانتداب البريطاني، مرورا بالحاج أمين الحسيني والمرحوم أحمد الشقيري، لافتا إلى أن أبو عمار مارس العمل النضالي بشقيه العسكري والسياسي، واستطاعت الثورة الفلسطينية استقطاب الجماهير العربية بعد هزيمة 1967.

ويجزم سلطان على أن لا أحد في القيادة الفلسطينية كان يملك مشروع وطن بديل للفلسطينيين في لبنان، مؤكدا أن الثورة الفلسطينية انطلقت في الأساس لإنجاز حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني.

ويشدد على أن القيادة الفلسطينية كانت تحرص دائما على صياغة أفضل العلاقات مع كافة الأحزاب اللبنانية لشعورها بحاجة الكل اللبناني في معركة التحرر الوطني، مؤكدا أن خيار ابو عمار لم يكن ابداً المجيء إلى لبنان، إنما الاستمرار بمقارعة الاحتلال على أرض فلسطين.

ويشير سلطان إلى أن الراحل استطاع تثبيت القضية الفلسطينية على الخارطة الدولية منذ معركة الكرامة إلى خطابه الشهير في الأمم المتحدة عام 1974 مرورا بالصمود الأسطوري للشعبين اللبناني والفلسطيني في اجتياح 1982 إلى إعلان الاستقلال عام 1988، متسلحا بالقرار الوطني المستقل الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا لترسيخه.

ويقول سلطان: إن هذه المحطات رغم ما رافقتها من مؤامرات ومشاريع دولية بهدف تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، خلقت أرضية صلبة لاستمرار المشروع الوطني الفلسطيني بقيادة الرئيس محمود عباس الذي يواجه اليوم مشروعا امريكيا اسرائيليا يسعى لتصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل.

ويشدد على أن المطلوب اليوم، وأكثر من أي وقت مضى تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية التي استشهد دفاعا عنها أبو عمار وعشرات آلاف الشهداء، والالتزام بمبادئه وثوابته ومسيرته النضالية المجيدة.

ويختم سلطان حديثه بقول للإمام “علي” رضي الله عنه، موجَها إلى الرئيس محمود عباس “لا تستوحش طريق الحق، لأن سالكيه قلة”.

الاخبار العاجلة