على جمر الانتظار..

16 نوفمبر 2020آخر تحديث :
على جمر الانتظار..

معن الريماوي

لم يمنع السجن ولا أسواره، منار الخلاوي (27 عاما) من مدينة بيت لحم، من أن ترسم الحياة من عمق الألم والحرمان، بإصرارها على الارتباط بالأسير أسامة الأشقر، المحكوم بالسجن 8 مؤبدات و50 عاما.

“أنا لا أعترف لا بالاحتلال ولا بسجونه وأحكامه” قالت منار التي عقدت قرانها على الأسير الأشقر من قرية صيدا شمال طولكرم، في حفل نظمته هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ووزارة الثقافة، والاتحاد العام للكتاب والأدباء بمدينة البيرة.

منار التي لم يجمعها مع أسامة أية صورة أبدًا، لا تستطيع زيارته، لأنه وفق قوانين الاحتلال الجائرة، لا يسمح بزيارة أي أسير باستثناء قرابته من الدرجة الأولى.

اليوم، وسط حضور مهيب من الأهل والأقارب والمحبين وممثلي الفعاليات الرسمية والشعبية عقدت منار قرانها على اسامة لتتمكن من زيارته ورؤيته للمرة الأولى على أرض الواقع وليس عبر الصور.

قصة منار بدأت في العام 2018، عندما كانت تتواصل أسبوعيًا عبر برامج الاذاعات المهتمة بالأسرى، وتوجه رسائل للأسرى بشكل عام، ولابن خالها بهاء بني عودة بشكل خاص.. آنذاك كان أسامة برفقة بهاء في ذات الغرفة.

هناك في سجن جلبوع، كان الوقت يمر بطيئا وثقيل الظل.. ومرة تلوى المرة، ومع كل محادثة، بدأ الاعجاب والتعلق بمنار أمرا حتميا.

“لقد أعرب لإبن خالي بهاء عن اعجابه بي وأخبره بأنه يريد الارتباط بي، وبدوره نقل بهاء رسالته لي عبر أحد الأقارب”، قالت منار التي تكمل دراسة الماجستير في جامعة القدس المفتوحة بتخصص دراسات إسرائيلية. وأضافت “عندما وصلني الخبر، توجهت للإنترنت وبحثت عن أسمه. وأنا في الأساس أحب قضايا الأسرى وأعتبرهم أبطال. ولفت انتباهي قصة هذا الشاب الذي اعتقل في العام 2002، وكان مطاردًا لسنين، وكيف تمكن من حمل المسؤولية الوطنية في مقاومة المحتل مبكرا وبعمر صغير الى حد ما، إضافة لإصراره الشديد بأن الأسير ليس رقمًا، وإنما هو انسان لديه طريقة بالحياة عبر نشره للعديد من المقالات، وإطلاقه لكتاب “للسجن مذاق آخر”، واستكمال الدراسة داخل السجن، فهو أنهى البكالوريوس في السجن، وينتظر طلب اكمال دراسته للماجستير”.

لم تكترث منار بمدة محكومية أسامة التي تصل لـ 8 مؤبدات و50 عاما، ووافقت على الارتباط به رغم معارضة الجميع في بادئ الأمر، الى أن تم إعلان خطوبتهما في العام الماضي، ومنذ ذلك الحين ومنار على جمر الانتظار للقاء الأول، والنظرة الأولى، والزيارة الأولى..

“أنا لا أملك سوى بضع صورٍ له، وفي كثير من الأحيان أقوم بوضع صورة تجمعنا معا عبر برنامج الفوتوشوب، لتجسيد لحظة اشتياق، وفي محاولة لسد الفراغ وحرمان البعد. وأنا حاليا أتمنى زيارته، وهذا حلمي منذ سنة. كل يوم أفكر فيه وأنظر الى صوره على الهاتف دون أن أراه على أرض الواقع، وفي كل لحظة أتحدث عنه أمام عائلتي وأخبرهم كم أتمنى رؤيته” تقول منار.

وتضيف “لا أدرى كيف سيكون شعوري عندما يسمح لي بزيارته، ولكن لحظة رؤيتي له ستكون أجمل شيء في حياتي”.

وتؤكد “هذا شريك حياتي، وأنا مستعدة أن أفديه بعمري، فهو من ضحى بحريته لأجلنا، ولأجل فلسطين ولأجل كرامتنا.. لذلك أنا أقاوم بطريقتي الخاصة، بالصبر وانتظار الفرج”.

وتردف “أنا أخاف عليه كثيرًا، خاصة بعد انتشار فيروس كورونا في سجن جلبوع، وبعد التواصل مع الجهات المعنية، تبين أنه بصحة جيدة وغير مصاب. ولكنني أخشى من ذلك لا قدر الله”.

وعن أسامة، تقول منار “هو رجل مثقف، كتب العديد من المقالات لأكثر من 20 جريدة عربية ومحلية، وهذا الحب توج بإنجازات وعمل، وليس فقط عواطف، ورسالتنا اليوم أننا رغم السجن والظروف الا أننا حبيبان معا، وسنتزوج، وسنبدع، وسننجب أطفالا، وسنصنع المعجزات رغم أنف السَجان”.

الاخبار العاجلة