التوصل إلى اتفاق بين لندن وبروكسل حول ما بعد “بريكست” يبدو قريبًا‎

23 ديسمبر 2020آخر تحديث :
التوصل إلى اتفاق بين لندن وبروكسل حول ما بعد “بريكست” يبدو قريبًا‎

بعد 10 أشهر من المفاوضات المتوترة والمضنية، بدا الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، اليوم الأربعاء، على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن علاقتهما التجارية المستقبلية، ما سيسمح لهما بتجنب خروج بريطانيا دون اتفاق قبل 8 أيام من الموعد المحدد.

وقال مصدر أوروبي:“نحن في المرحلة النهائية“. وتحدث مصدر ثانٍ عن ”فرص كبيرة“ لإبرام الاتفاق، خلال المساء أو الخميس.

وقال مصدر دبلوماسي:“لقد تحركت الأمور في الجانب البريطاني، لكن الشيطان يكمن في تفاصيل النصوص ولم نصل إلى ذلك بعد“. وأضاف دبلوماسي ثانٍ:“ما زالت هناك صعوبات“.

وذكرت مصادر أوروبية أن المفاوضات باتت منذ، الإثنين، في يدي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اللذين كثفا الاتصالات بينهما.

وكان وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية لا يزال، صباح الأربعاء، النقطة الشائكة النهائية في المناقشات التي أنجزت تقريبًا، بما يشمل موضوعات طرحت إشكالية سابقًا، مثل كيفية تسوية النزاعات، وتدابير الحماية من أي منافسة غير عادلة.

ومن الناحية النظرية، سيترك التوصل إلى اتفاق، الأربعاء أو الخميس، وقتًا كافيًا لدخوله حيز التنفيذ، في الأول من كانون الثاني/يناير، عندما تخرج المملكة المتحدة نهائيًا من السوق المشتركة بعد أن غادرت الاتحاد الأوروبي رسميًا، في 31 كانون الثاني/يناير 2020.

ويتعين على البرلمان الأوروبي المصادقة في وقت لاحق على الاتفاق المؤلف من نحو ألفي صفحة.

 تقاسم المياه 

وسيسمح نجاح هذه المفاوضات التي بدأت، في آذار/مارس، للطرفين بإنقاذ ماء الوجه من خيار ”عدم الاتفاق“، وهو أمر محرج سياسيًا، وضار اقتصاديًا.

ففي حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيتعين إجراء المبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ولندن وفقًا لقواعد منظمة التجارة العالمية بما يعنيه ذلك من فرض حصص ورسوم جمركية، فضلًا عن الإجراءات الإدارية التي قد تؤدي إلى اختناقات هائلة، وتأخير في التسليم.

ويمثل هذا سيناريو أسود بشكل خاص بالنسبة للمملكة المتحدة التي تعاني سلالة أسرع انتشارًا من فيروس كورونا المستجد أدت إلى عزلها تقريبًا عن بقية العالم.

وعلى الرغم من ضآلة أهميته الاقتصادية، فإن للصيد البحري أهمية سياسية واجتماعية للعديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك: فرنسا، وهولندا، والدنمارك، وإيرلندا. لكن المملكة المتحدة جعلته رمزًا لاستعادة سيادتها بعد الانفصال.

وتركز المفاوضات على تقاسم حوالي 650 مليون يورو من المنتجات التي يصطادها الاتحاد الأوروبي كل عام في مياه المملكة المتحدة وطول فترة التأقلم التي يحتاجها الصيادون الأوروبيون مع المعطيات الجديدة.

ورفض الاتحاد الأوروبي، هذا الأسبوع، عرضًا اعتبره غير مقبول من لندن التي طالبته بالتخلي عن 35% من الأسماك التي لا يتم اصطيادها في أعالي البحار، وعن 60% من مجمل صيده وذلك على فترة انتقالية من 3 سنوات.

وكانت بروكسل قد اقترحت قبل أيام قليلة التخلي عن 25% من الـ 650 مليونًا بعد فترة 6 سنوات.

وقال دبلوماسي أوروبي إن“الكرة في ملعب بوريس جونسون“، معتبرًا أن اقتراح الاتحاد الأوروبي هو ”العرض النهائي“ في ضوء المخاوف التي أثارها بالفعل لدى بعض الدول، لا سيما الدنمارك.

وعلى أي حال، قال المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه للدول الأعضاء، الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي مستعد للتفاوض ”حتى نهاية العام وما بعده“ إذا استمر التعثر بشأن الصيد البحري.

 شروط صارمة 

وسيمثل التوصل إلى نص متفق عليه في 10 أشهر إنجازًا للمفاوضين نظرًا لضخامة حجمه، علمًا بأن مثل هذه المحادثات تستغرق عادة سنوات.

وتسبب ”كوفيد-19“ بزيادة تعقيد المهمة عندما اضطُر المفاوضون لعدة أسابيع للتخاطب عبر الفيديو، وأحيانًا تعليق المناقشات بسبب ظهور حالات إيجابية ضمن فرق التفاوض.

وفي حال إبرام الاتفاق، سيوفر الاتحاد الأوروبي لعضوه السابق الوصول دون رسوم جمركية أو حصص إلى سوقه الضخم والذي يصل عدد المستهلكين فيه إلى 450 مليونًا، وهو أمر غير مسبوق.

ولكن هذا الانفتاح سيرفق بشروط صارمة، إذ سيتعين على الشركات في بريطانيا الامتثال لعدد من اللوائح التي ستتطور بمرور الوقت فيما يتعلق بالبيئة وقانون العمل والضرائب.

وستعتمد آلية تسمح لكلا الطرفين بالتفعيل السريع للإجراءات المضادة في حالة وجود اختلافات حول هذه المعايير.

كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى تقديم ضمانات تتعلق بالمساعدات الحكومية، لضمان عدم لجوء لندن إلى دعم شركاتها كما يحلو لها.

أما في حالة عدم وجود اتفاق، فستكون خسارة أوروبا أقل بكثير من المملكة المتحدة، إذ يصدّر البريطانيون 47% من منتجاتهم إلى القارة، بينما يبيع الاتحاد الأوروبي 8% فقط من بضائعه في المملكة المتحدة.

ولكن بعض الدول ستتضرر أكثر من غيرها نظرًا لعلاقاتها الوثيقة مع المملكة المتحدة، مثل: إيرلندا، ودول الشمال، وألمانيا، وفرنسا. وقد حققت الأخيرة فائضًا تجاريًا قدره 12,5 مليار يورو في العام 2019 مع لندن.

الاخبار العاجلة