حماس بعد 29 عاما 

14 ديسمبر 2016آخر تحديث :
حماس بعد 29 عاما 

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة   

أعترف بشكل قاطع كصاحب رأي، بأن لي موقفاً متناقضاً إستراتيجيا مع الخلفيات السياسية والمعتقدات الفكرية لحركة حماس، ومن جذورها الإخوانية. ولكن لم تكن مواقفي منها نتاج ردة فعل او إسقاطا رغبويا على سياسات وممارسات فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين. إنما نتاج قراءة موضوعية، ومن منطلقات الوطنية الفلسطينية الجامعة. وبالتالي محاكاة تجربة حركة حماس بعد 29 عاما، لن تكون إلا من الموقع الموضوعي، رغم التناقض الإستراتيجي معها، ومع فكرها ودورها في الساحة السياسية. لكن قبل ان اناقش على القارئ ان يميز بين مستويين عند الحديث عن الساحة السياسية والساحة الوطنية. ولم يأت هذا الاستخدام اعتباطيا او عن عدم تبصر، العكس صحيح. ايضا ضرورة التمييز بين كونها جزءا من النسيج الاجتماعي وتناقضها مع النسيج الوطني، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين القواعد المناضلة في حركة حماس (المضللة وبين القيادة، التي هي جزء من مشروع الإخوان المسلمين العام في العالم العربي ودول العالم عموما) وبين ضرورات المصلحة الوطنية العامة، رغم الافتراق الإستراتيجي معها، والدعوة للشراكة السياسية معها في الشرط السياسي القائم، الذي يعكس عجزا وطنيا وديمقراطيا فاضحا نتاج الضبابية وغياب وضوح الرؤية عند القوى السياسية المختلفة، التي تطرح رؤى مبهمة وتوفيقية للتغطية على عجزها وفقر الحال الفكري والسياسي.

 في الذكرى الـ 29  لتأسيس حركة حماس يمكن التأكيد أنها استطاعت ان تحتل مكانا مميزا في الساحة السياسية. وتجاوزت على الأرض بثقلها السياسي والعسكري فصائل اليسار المختلفة خاصة الجبهة الشعبية، التي احتلت المكان الثاني في الساحة الفلسطينية. كما أنها تفوقت على حركة الجهاد الإسلامي، التي سبقتها في الوجود على ارض الميدان في الساحة الفلسطينية، وهي منافس لحركة فتح، بغض النظر عن استطلاعات الرأي الدورية، التي تعطي حركة فتح الرصيد الأكبر في اوساط الشارع الفلسطيني. من هذا المدخل، يمكن التوقف امام حصاد 29 عاما من تاريخ نشوء حركة حماس في الساحة.

اولا تأسيس حركة حماس، كفرع لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين سابق على إعلان حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في العام 1987. وحتى قبل ترخيص المجمع الإسلامي في 1974. لأنه لا يجوز النظر لوجود الإخوان في فلسطين من زاوية وجودهم في قطاع غزة فقط. هذه النظرة فيها قصور عن القراءة الموضوعية. حيث يعود تاريخ وجود الإخوان المسلمين لما قبل سنوات النكبة في العام 1948، عند تأسيس فرع الجماعة في المملكة الاردنية الهاشمية، الذي ضم الفلسطينيين والأردنيين مبدئيا في 1945، وعمليا في 1952. وحتى تأسيس حركة حماس تم بالتوافق بين فرع الإخوان في غزة وفرع الجماعة في الاردن، بالتالي محاكاة التجربة لا يقتصر على الـ29 عاما، التي جاءت بعد البيان التأسيسي للحركة، والذي تم فعليا في الثامن من كانون الثاني 1988، وليس في 14 كانون الاول 1987. وإذا أخذ المراقب محاكاة تجربة الإخوان المسلمين بشقيها في الضفتين وفي غزة بعد هزيمة حزيران 1967، يلحظ موقفا عدائيا من الثورة الفلسطينية وشهدائها. وانتظرت الجماعة عشرين عاما لتغيير موقفها من العمل المسلح كشكل للمواجهة (ولم يكن وليد قناعة، بل نتاج حاجة لاستقطاب الشارع الفلسطيني، حيث تبين للجماعة ان اقتصار خطابهم على البعد الدعوي الديني لا يفيد، ولا يشكل عامل إقناع للشارع الفلسطيني، فكان اللجوء للكفاح المسلح ممرا إجباريا لنجاح المشروع الإخواني) وانخراطها في النضال السياسي مع اندلاع شرارة الانتفاضة الكبرى 1987/ 1993، لم يكن ايضا وليد الصدفة، انما جاء نتاج تشابك مصالح جماعة الإخوان المسلمين مع عدد من الأنظمة العربية وإسرائيل والولايات المتحدة لإيجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية. بتعبير آخر، لم يكن نزولها إلى الساحة عفويا او من الموقع الوطني، بل من الموقع المتناقض مع المشروع الوطني، ومن عايش تجربتها في الانتفاضة الكبرى لاحظ، ان حركة حماس رفضت الشراكة السياسية مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تصدر نداء مشتركا واحدا مع القيادة الوطنية الموحدة، وحتى الفعاليات والانشطة الشعبية اليومية والاسبوعية والشهرية حرصت حماس على ان تميز نفسها عن الكل الوطني، بإصدار بياناتها ونداءاتها الخاصة، لانها كانت تريد سحب البساط من تحت اقدام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. لكن تنبه القيادة لمآربها قطع الطريق عليها وعلى من وقف خلفها من العرب والاسرائيليين والاميركيين.

الاخبار العاجلة