مقامات كفل حارس الإسلامية.. تزوير وتدنيس بالغطرسة

18 ديسمبر 2016آخر تحديث :
مقامات كفل حارس الإسلامية.. تزوير وتدنيس بالغطرسة

رام اللهصدى الاعلام-18-12-2016-طريق قصيرة تفصل بين دوار كفل حارس التاريخي، ونقطة عسكرية وضعت على مدخل القرية، دائما ما تشهد أزمة خانقة خلال النهار، إلا أنها قد تشل نهائيا بعد الساعة التاسعة ليلا، عندما يقرر المستوطنون المتدينون الدخول إلى القرية، لزيارة المقامات الموجودة فيها، والاحتفال بأعيادهم الدينية.

كفل حارس القرية الواقعة إلى الشمال من مدينة سلفيت، تحتوي على آثار تاريخية تعود الى مئات السنين قبل الميلاد، أقامت قوات الاحتلال الإسرائيلية على أرضها من جهة الجنوب طريق “عابر السامرة”، ووضعت على مدخلها بوابة تغلق بين الحين والآخر، بالإضافة إلى برج مراقبة دائم.

بعد حزيران عام 1967، أصبحت القرية مقصدا لليهود، وبدأت زياراتهم المتكررة للمقامات الموجودة فيها تأخذ طابعا دينيا سياسيا تهويديا، حيث قام بزيارتها وزراء في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ورؤساء مجالس المستوطنات، مثل: رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية السابق جرشون مسيكا، والسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، ودعوتهم الواضحة إلى تهويد هذه الأماكن، والسيطرة عليها.

“في الآونة الأخيرة أصبحت زيارات المستوطنين للبلدة عشوائية، ومتكررة، بحجة أداء الصلاة، يسبقها اقتحام قوات الاحتلال للبلدة، بعد الساعة التاسعة ليلا، ومنع تحرك المواطنين، بالإضافة إلى نصب الحواجز العسكرية على مفارقها، حيث يتوافد آلاف المستوطنين المتدينين بعد منتصف الليل، وحتى ساعات الفجر” يقول رئيس بلدية القرية عبد الرحيم بوزية.

ويكمل: بحسب توثيق البلدية تم دخول ما يقارب 20 ألف مستوطن إلى البلدة في ليلة واحدة العام الماضي، كما أنهم يقومون بالاعتداء على المقبرة المجاورة للمقام، وتكسير شواهد القبور، على الرغم من أن البلدية وضعت سياجا عليها، وحصنتها بالأبواب الحديدية، ولكنهم اقتلعوها.”

على بعد أمتار قليلة من مدرسة بنات كفل حارس الثانوية يقع مقام النبي ذي الكفل، يتكون من غرفتين متلاصقتين الأولى محاطة بساحة صغيرة، وباب يفضي الى ضريحه، والأخرى تسمى القبة بنيت على الطراز الإسلامي، ونقش على بابه سنة 1234، الآية “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر”، فمنذ الفتح الاسلامي لفلسطين تحول هذا المقام الى مزار، تؤدي فيه العبادات، وتنفذ فيه النذور، ويأتون من كافة انحاء فلسطين لإقامة الموالد فيه.

قوات الاحتلال رفعت فيه يافطة زرقاء كبيرة، كتبت عليها باللغة العبرية والانجليزية اسم “كالب بن يفونه”، كمحاولة لتأكيد روايتهم أن كالب هو أحد الجواسيس الـ12، الذين أرسلهم موسى ليتجسسوا على أرض كنعان.

وبحسب الروايات المتداولة، فإن اسم البلدة ارتبط بشكل رئيسي بهذا المقام، فالشق الأول من اسمها “كفل” بالنبي ذي الكفل، والشق الثاني “حارس” حين اعتبر أهل القرية أنفسهم، بأنهم حراس على مقامات الأنبياء فيها.

وفي وسط البلدة يقع مقام آخر يطلق عليه اليهود اسم “مقام يوشع بن نون”، وهو قائد جيش النبي موسى عليه السلام، في حين صرح رئيس البلدية السابق أحمد بوزية في عام 2009 لوسائل الإعلام “أن هذا المقام هو مقام إسلامي بناه السلطان صلاح الدين الايوبي، استنادا إلى الوثيقة التي كانت موجودة على جدران المقام، والتي كتب عليها “إن جوهر بن عبد الله أحد خدم الضريح”، فهذه تعتبر من أهم الوثائق التاريخية التي كتبت على حجر من مرمر، كان مثبتا على جدار المقام.

 كما أوردها المؤرخ مصطفى مراد الدباغ في موسوعته بلادنا فلسطين، حيث جاء فيها “ان جوهر بن عبد الله أحد خدم الضريح، حج بالنيابة عن مولاه الشهيد نجم الدين أيوب بن الملك عادل سيف الدين ابي بكر، وأن تلك الحجة كانت يوم الثلاثاء التاسع من ذي الحجة سنة 610 للهجرة، وهذا يؤكد أن بناء المقام تم في عهد الدولة الأيوبية.

أما في الجنوب الغربي للبلدة، يقع مقام النبي “ذي النون”، وهو ضريح كبير مكشوف، توجد به غرفة للعبادة حرصت نساء القرية منذ القدم على أداء الصلاة فيها، خاصة في شهر رمضان المبارك، وبحسب موسوعة الدباغ أن “ذي النون” هو يونس عليه السلام.

أضحت هذه المقامات هدفا للتدنيس من قبل المستوطنين، يقدمون رواية مزورة عنها، مدعين أنها قبور مقدسة لشخصيات يهودية الأصل، فيقتحمون البلدة بأعداد هائلة، تصل إلى عشرات الألوف في أوقات الأعياد الخاصة بهم، والتي تزيد على 16 مرة في السنة، أو زيارات فردية من عائلة واحدة متدنية.

مدير مكتب السياحة والآثار في محافظة سلفيت منتصر موسى يوضح “أن هذه المقامات عادة تبنى للتقرب من نبي، او شيخ جليل، أو إحدى الشخصيات الاعتبارية، ولا توجد حفريات تثبت تاريخا محددا لمقامات كفل حارس، إلا أنه يرجح أنها تعود الى فترة الحروب الصليبية لفلسطين، ونمط البناء يوضح أنه اسلامي مثل: المحراب والقبة”.

الحاجة أم محمد “62” عاما، وهي أحد السكان المجاورين للمقامات، تقول: في الفترة الأخيرة أصبحت زيارات المستوطنين للبلدة بكثرة، يقومون بالرقص، والغناء، ونفخ في الأبواق حتى ساعات الفجر، ويزعجون الصغار والكبار.

في عام 2010، عملت محافظة سلفيت بالتعاون مع وزارة الأوقاف على ترميم هذه المقامات، واللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة أقرت نشاطا مركزيا سنويا، من خلال نصب الخيمة في الساحة الملاصقة للمقامات، تأكيدا على اسلاميتها.

بدوره، قال نائب أمين سر حركة فتح في محافظة سلفيت علي القاق، إن الاحتلال يسوق الروايات التاريخية، والدينية المزورة في موضوع المقامات، بهدف الاستيلاء على الأرض، حيث تقام على أراضي سلفيت، ومردة، وكفل حارس، أحد أكبر المستوطنات في فلسطين، والتي تعرف بمستوطنة “ارئيل”، وتم سلخ ما يقارب ثلثي أراضي كفل حارس، بسبب ما يسمى شارع “عابر السامرة”، وتم الاستيلاء على معظم الأراضي لصالح بناء وتوسعة المستوطنة، وشق الطرق الالتفافية، وإقامة شركة الكهرباء القطرية.

من وجهة نظر القاق “يقوم أهالي البلدة والمؤسسات بالدور المطلوب للحفاظ على المقامات، ولكن من الضروري أن يتم ادراجها على الخارطة السياحية، وتعيين مرشد سياحي، وحارس لها، وتنفيذ نشاطات دينية من قبل وزارة الأوقاف اليها، بالإضافة الى تشجيع وتسير الرحلات الداخلية، خاصة من قبل وزارة التربية والتعليم العالي”.

الاخبار العاجلة