“بتسيلم” يكشف عن كبرى عمليات الترحيل في حيّ بطن الهوى في القدس

19 ديسمبر 2016آخر تحديث :
“بتسيلم” يكشف عن كبرى عمليات الترحيل في حيّ بطن الهوى في القدس
كشف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، “بتسيلم”، اليوم الاثنين، عن  كبرى عمليات الترحيل التي تشهدها القدس الشرقية في هذه الفترة، وذلك، في حيّ بطن الهوى، الواقع في قلب سلوان.

وجاء في تقرير للمركز الحقوقي الإسرائيلي، أنه في حيّ بطن الهوى، الواقع في قلب سلوان، تحدث كبرى عمليات الترحيل التي تشهدها القدس الشرقية في هذه الفترة. وحتى الآن تم تقديم دعاوى إخلاء ضدّ 81 أسرة فلسطينية تعيش في الحيّ منذ عشرات السنين.

ووفقًا لمسح أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ذلك يعني 45% من مجموع الأسر التي يتهدّدها خطر سلب بيوتها على أساس عرقيّ في المدينة.

وأورد التقرير الحقوقي الإسرائيلي، أنه منذ أن ضمّت إسرائيل القدس الشرقية، تتبع السلطات الإسرائيلية سياسة تميز ضدّ السكان الفلسطينيين، وتعمل بشتّى الطرق على زيادة عدد اليهود الذين يعيشون في المدينة وخفض عدد السكان الفلسطينيين. هذا، من أجل خلق واقع ديمغرافي وجغرافي من شأنه استباق أيّة محاولة مستقبلية لتحدّي السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية.

وجاء في التقرير أنه ضمن ذلك، صادرت السلطات آلاف الدونمات من السكان الفلسطينيين، وبنت 12 حيّا خصّصتها للسكان اليهود فقط، وذلك في الأراضي المحتلة التي ضمّتها إسرائيل. مكانة هذه الأحياء، من وجهة نظر القانون الدولي، لا تختلف عن مكانة المستوطنات في بقيّة أراضي الضفة الغربية.

وقال: إضافة إلى ما يعانيه جميع سكان القدس الشرقية من نقص في المساكن والميزانيات والبنى التحتية والخدمات، تجنّدت في السنوات الأخيرة الوزارات المختلفة وبلدية القدس لمساعدة الجمعية الاستيطانية “عطيرت كوهانيم” لطرد أسر فلسطينية تقيم في حي بطن الهوى، ولتوطين المستوطنين اليهود مكانهم. شرعنت المحاكم هذا الواقع بجميع جوانبه، علمًا أنّها توفّر بذلك غطاءً قانونيًّا لعنف الدولة المنظّم والهادف لتحقيق غاية مخالفة للقانون: الإزاحة القسريّة لسكان محميّين من منازلهم في أرض محتلة.

وأجرى مركز “بتسيلم” دراسة للحيّ وعيّن العمليات التي تجري في حيّ بطن الهوى.

وتفيد نتائج الدراسة، أنّه قد جرى تقسيم الحي إلى نحو 50 قسيمة، تسعة منها نُقلت إلى “عطيرت كوهانيم” وخمسة أخرى يسكنها المستوطنون بشكل فعليّ. حتى الآن، قدّمت جمعية “عطيرت كوهانيم” دعاوى إخلاء (معظمها في عام 2015) ضدّ 81 أسرة، تعيش جميعها في قسيمة رقم 96 الممتدّة على مساحة 2.6 دونما، في وسط الحي. إضافة إلى عائلتين فلسطينيّتين تقيمان في قسيمة رقم 84، فرضت عليهما البلدية غرامات مالية وأصدرت أوامر هدم لقسم من مساكنهما، بحجّة دخول أراضٍ تملكها الجمعية الاستيطانية.

وبينت أن أعضاء جمعية “عطيرت كوهانيم” يملكون بشكل فعليّ ستّة من مباني الحيّ تشمل 27 وحدة سكنية، أقامت في معظمها سابقًا أسر فلسطينية. وطرد الفلسطينيين من المنازل التي أقاموا فيها منذ عشرات السنين، بادّعاء أن ذلك تطبيق للقانون إذ كانت المنازل لليهود قبل حرب عام 1948، سيجبر بعض سكان الحي أن يعيشوا مجدّدًا تجربة اللجوء، بعد أن طُردوا من منازلهم في هذه الحرب.

كيفيّة عمل آلية السلب الحكوميّة

وجاء في التقرير أنه في عام 2011 بدأت جمعيّة “عطيرت كوهانيم” سعيها إلى الاستيلاء على الأملاك وإقامة مستوطنة يهودية في حيّ بطن الهوى. وتعتمد هذه الجمعية الاستيطانية في تحقيق ذلك مزيجًا من قوانين ثلاثة، سنّتها إسرائيل منذ 1948، تسمح لليهود فقط بمطالبة الوصيّ العام باستعادة حقّهم على أملاك كانت في حوزتهم قبل 1948، وبقيت خارج حدود الدولة بعد الحرب، وتقع في الأراضي التي جرى ضمّها: أحيانًا يحصل المستوطنون على حقوق الملكية من الورثة اليهود، وأحيانا يحظون – بمساعدة سلطات الدولة – بسلطة إدارة الأوقاف (مؤسسات موكلة تملك وتشغل أملاكا لصالح منفعة أو لغرض آخر) التي كانت لديها ممتلكات قبل عام 1948. بعد ذلك يتوجّهون إلى الوصيّ العام، والذي يقوم بدوره بتسليمهم الأملاك.

وفي مسار آخر، يعمل المستوطنون مباشرة مع الوصي العام لكي يبيع لهم أملاكهم التي في الحي، وهي عادة أملاك يقيم فيها الفلسطينيون، فيبدأ المستوطنون بإجراءات لطردهم من المنزل. ولكنّ إسرائيل لا تسمح في المقابل لأصحاب الأملاك الفلسطينيين باستعادة حقّهم على أملاك كانت في حوزتهم قبل 1948– وذلك في تناقض صارخ مع الجهود التي تبذلها لأجل استعادة أملاك اليهود.

وفي عام 2001، صادقت المحكمة المركزية في القدس على قرار الوصيّ العام نقل إدارة “وقف بنبنيشتي” لجمعية “عطيرت كوهانيم”، وهو وقف يهودي عمل في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

وفي عام 2002، أطلق الوصيّ العام ليد سلطة الوقف قسيمة رقم 95 وقسيمة رقم 96، حيث تعيش اليوم الأسر المهدّدة بالطرد.

وفي عام 2005 باع الوصيّ العام للجمعية أرضًا أخرى بمساحة ثلاثة دونمات (قسائم 73، 75، 84 و97)، حيث تعيش نحو عشر أسر فلسطينية أخرى.

وحسب التقرير، تعمل الضغوطات الممارَسة على الأسر التي تسكن في ملك يدّعيه المستوطنون لأنفسهم كمكبس ثقيل يضعها أحيانًا كثيرة أمام خيارين في منتهى القسوة – إمّا الموفقة على الإخلاء مقابل مبالغ ماديّة كبيرة، أو رفض المغادرة والمجازفة بذلك بفقدان الملك (وهو احتمال فعلي، حيث طردت أسر أخرى في الحيّ)، وتراكم الأعباء المالية والتعرض للتنكيل.

التوتر والعنف.. مجرى الحياة “الطبيعي”

وقال التقرير: دخول المستوطنين إلى الحيّ أدّى إلى تغييره: وكأنّما لا تكفي المشقّات التي يجلبها المستوطنون بمجيئهم – الدعاوى القضائية، انتهاك الخصوصية، الضغط الاقتصادي، التحرّش اليومي بالسكان، وبالتالي المواجهات التي تقع بين الشبان والمستوطنين، والتي تشمل رشق الحجارة – إذ يترافق مجيئهم إلى الحيّ بوجود قوّات الشرطة، قوّات حرس الحدود وحرّاس أمن خصوصيّين تعيّنهم وزارة الإسكان. وأيضًا هؤلاء، جميعهم، يعاملون السكان الفلسطينيين بعنف، يهدّدونهم، يعتقلون القاصرين ويعرقلون مجرى الحياة في الحيّ. كلّما تعمّق وجود المستوطنين في حيّ بطن الهوى، ازداد يوميًّا عدد الفلسطينيين المتضرّرين من النظام الأمني الذي يقيمه المستوطنون، وإن لم يُطرّدوا من منازلهم.

الهدف: تهويد القدس

وأضاف: المستوطنة التي تقوم جمعيّة “عطيرت كوهانيم” على تطويرها في حيّ بطن الهوى، تشكّل جزءًا لا يتجزّأ من مساعي السلطات والجمعيات الاستيطانيّة لتهويد حوض البلدة القديمة – في الحيّ الإسلامي في قلب البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية المحيطة بها. حاليًّا، يعيش نحو 2800 مستوطن في نحو 140 مبنىً في قلب الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة ومحيطها – وهي منطقة يعيش فيها نحو مائة ألف فلسطيني.

ووفقًا لمعطيات “شالوم عخشاف” و”عير عَميم”، حصلت قفزة من 2009 إلى 2016 بنسبة 70? في عدد المستوطنين الذين يعيشون في الأحياء الفلسطينية في البلدة القديمة في القدس. كذلك، حصلت زيادة بنسبة 39? في عدد من مجمّعات البناء الجديدة لليهود في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية. وخلال هذه الفترة، جرى إخلاء 68 أسرة فلسطينية من منازلها في حيّ الشيخ جراح وسلوان والحيّ الإسلامي، منها 55 أسرة أخليت في العامين الماضيين.

ووفقًا لمعطيات الأمم المتحدة، رفع المستوطنون دعاوى إخلاء ضدّ ما لا يقلّ عن 180 أسرة فلسطينية في جميع أنحاء القدس الشرقية، وغالبًا ما تستند هذه الدعاوى إلى ادّعاءات الملكية على المباني وفقدان المستأجرين الفلسطينيين مكانتهم كمستأجرين محميين. جرّاء هذه الدعاوى، يتعرّض 818 فلسطينيًا، بينهم 372 طفلاً، إلى خطر الطرد من منازلهم في أنحاء مدينة القدس.

وفي ذات السياق، قال تقرير آخر للمركز الحقوقي الإسرائيلي أن مستوطني “بيت يوناتان”، في بطن الهوى، يسدّون الشارع عدّة مرّات في اليوم بدعمٍ من الشرطة، ويعرقلون حياة السكّان الفلسطينيين.

وحي بطن الهوى في القدس الشرقية معروف ببنائه المكتظّ، ومثل أحياء القدس الشرقية الأخرى، أزقته لا يتجاوز عرضها 2-3م.

وتبين من إفادات سكّان الحيّ، التي جمعها “بتسيلم”، يتبين أنه منذ بدأ الاستيطان في الحي، في 2004، يواجه سكّانه الأصليّون صعوبة في ممارسة حياة طبيعية. سلوك المستوطنين وحرّاسهم، برعاية قوّات الأمن، يعيق وصول السكان في الوقت المناسب إلى أماكن العمل والمدارس، ويعرقل إدخال البضائع إلى مصالحهم التجارية.

من نقاط الاحتكاك المركزية في حيّ بطن الهوى، “بيت يوناتان”، الواقع في أطراف الحيّ، وقد دخل إليه المستوطنون في عام 2004.

وبين أن السيارة المخصّصة لنقل المستوطنين والحرّاس تسدّ الشارع عدّة مرّات في اليوم، طيلة 15-60 دقيقة في كلّ مرّة تتوقّف فيها عند مدخل المستوطنة من أجل تحميل وإنزال الركاب. هذا رغم وجود موقف سيّارات قرب “بيت يوناتان”، كان قد استولى عليه المستوطنون، حيث يمكن للسيارة الوقوف هناك دون تعطيل حركة المرور في الشارع. الشرطة، التي تستخدم “بيت يوناتان” كمركز لأفرادها، تسمح بسدّ الشارع يوميًا، وتستهين بمسألة المسّ بحق سكان الحيّ في حرية الحركة.

وقال ماهر أحمد موسى عبد الواحد، (51 عامًا)، متزوج وأب لستّة أطفال، يقيم في حيّ بطن الهوى منذ عام 1991، وهو صاحب متجر في الحيّ. في إفادته التي قدّمها لمحقق “بتسيلم” الميداني حسام عابد في 4-12-2016، وصف كيف يمكن لهذا السلوك أن يعرقل الحياة في الحيّ: قبل بضعة أشهر كنّا أنا وزوجتي في طريقنا إلى حفل زفاف أحد الأصدقاء. خرجنا في السيارة في حوالي الساعة 16:30، وعندما وصلنا إلى بيت يوناتان، على بعد بضعة عشرات من الأمتار عن بيتي، وقفت حافلة المستوطنين المحمية هناك وسدّت الشارع. بدلاً من الوقوف في المكان المخصّص لها وإنزال المستوطنين والحرّاس هناك، وقفت الحافلة في وسط الشارع وصعدوا ونزلوا ببطء شديد.

وأضاف: يمكن القول إنهم “أخذوا وقتهم”. في مثل هذه الحالات، ليس لدينا، نحن سكان الحيّ، أيّ خيار سوى الانتظار دون أن نقول أو نفعل أيّ شيء. كانت هناك سيارات أمامي وخلفي، ولا يوجد في الشارع سوى مسار واحد. انتظرنا طيلة أكثر من ساعة، وبعد ذلك ناديت عليهم وطلبت منهم إخلاء الطريق، لكنّهم تجاهلوني. غضبتُ جدًا. خرجنا من السيارة، تركناها في الشارع وعدنا إلى البيت.

وتابع: عندما وصلنا البيت، اتصلوا بي من الشرطة وقالوا لي أنني أسدّ الشارع، وأنّ عليّ القدوم لإخلاء السيارة وإلاّ فسوف يجرّونها. قلت لهم: “لماذا لا تفعلون شيئًا للمستوطنين الذين يسدّون الشارع يوميًا، عن قصد وبهدف التحرّش بالسكان؟”، لكنهم لم يولوا لي اهتمامًا. حضر سكان الحي إليّ وطلبوا مني عدم التسبّب بمشاكل تؤدّي إلى مواجهات في الحيّ. أعطيتهم مفاتيح السيارة وقاموا هم بنقلها.

وقال: بسبب الاختناقات المرورية والتهديدات وغيرها من المشاكل في الحيّ، توقّف أقاربنا عن زيارتنا. حتى مزوّد الخبز للمتجر لا يتسنّى له تزويدي بالخبز صباحًا، بسبب الاختناقات المرورية. وهو يضطرّ لحمل الخبز والمشي من أوّل الحيّ إلى آخره. عندما يأتي الأطفال في الصباح الباكر لشراء الخبز أقول لهم إنه لا يوجد، لأنّ المزوّد لم يتمكّن بعد من الوصول.

بدوره، قال جاد الله خضر عبد الفتاح الرجبي (37 عامًا)، من مواليد حيّ بطن الهوى، متزوج وأب لأربعة أطفال، وصف في تاريخ 29-10-2016 لمحقق “بتسيلم” الميداني حسام عابد تأثير السدّ المتكرر للشارع على الحياة في الحيّ: كلّ يوم لدينا مشاكل، لأنّ الطرق في الحي ضيقة جدًا، ولا يزيد عرضها عن اثنين أو ثلاثة أمتار ولا يمكن لسيارتين المرور في وقت واحد. يتسبب المستوطنون في اختناقات مرورية صعبة في الحي، ويلحقون الضرر ليس فقط بالبالغين وأصحاب السيارات، ولكن أيضًا بالطلاب الذاهبين الى المدارس.

وأضاف: يضطرّ أطفالنا للخروج في الصباح الباكر، والمشي تقريبًا كيلومترين إلى مدارسهم في الصيف والشتاء، لأنّ هذه هي أسرع طريق للوصول. إذا أوصلناهم بالسيارة سوف يستغرق الأمر وقتًا طويلاً، وسيتأخرون. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ وجود المستوطنين ورجال الأمن يثير خوفًا عند أولاد الحيّ، وهم في حالة خوف مستمرّ.

وتابع: قبل حوالي شهرين ونصف خرجت في الساعة 8:00 صباحًا لشراء أغراض للمنزل. قبالة مدخل مستوطنة “بيت يوناتان” كانت تقف الحافلة المدرّعة التي تقلّ المستوطنين ورجال الأمن، وكان الركاب ينزلون ويصعدون. توجّهت إلى سائق الحافلة، وهو مستوطن مسلّح، وطلبت منه أن يوقف الحافلة في الموقف، ليكفّ عن سدّ الطريق. رفض وقال لي إنّ لديه تعليمات بإيقاف حافلته بالضبط أمام باب “بيت يوناتان”. كانت هناك سيارتان أمامي وسيارتان خلفي، وقد عرقل سفرنا طيلة ربع ساعة. قال السائق لي: “اذهب وتحدّث مع المسؤول، وسترى أنني ملزم بإيقاف المركبة أمام المستوطنة”. بسبب هذا السلوك تبقى الطريق مسدودة طيلة أكثر من ساعة أحيانًا، الأمر الذي يؤدّي إلى احتكاكات ومشاكل بيننا وبين المستوطنين. كل هذا رغم أنهم يستطيعون إيقاف الحافلة في الموقف.

الاخبار العاجلة