لا يستطيع أي مجتمع البقاء بشكل دائم كمجتمع حر وهو يستعبد مجتمعا آخر

20 يونيو 2016آخر تحديث :
لا يستطيع أي مجتمع البقاء بشكل دائم كمجتمع حر وهو يستعبد مجتمعا آخر

بقلم:زئيف شترنهل

عن هآرتس20-6-2016

منذ الانقلاب في 1977، يلاحق الوسط في إسرائيل رعب الانفصال عن الشعب: نظرا لأن الشعب توجه إلى اليمين ويزداد تطرفا، فان الفرصة الوحيدة للفوز بتأييده تتطلب تقليد اليمين وتقديم نفس البضاعة التي يقدمها. ولكن بغلاف آخر. منذ ذلك الحين وحتى الآن هناك مشهد محزن مع اضافة اضاءة جديدة: من يخرج عن رأي الأغلبية ومن يتحفظ منه ويحاربه، ينفي جوهر العملية الديمقراطية.

لا يوجد هناك خطأ أكبر من ذلك: الديمقراطية تتطلب قبول حسم الأغلبية، لكنها لا تلزم بالاعتراف بصدقها أو شرعيتها الاخلاقية. حينما ينفي رأي الأغلبية مباديء كونية للعدل والمساواة وحقوق الانسان الخاصة والعامة فانها تفقد شرعيتها. حقوق الانسان التي سميت في السابق حقوق طبيعية وجدت بالضبط لهذا الهدف لتقوية حقوق الفرد أو المجتمع أو الاقلية القومية والعرقية والدينية في وجه قمع الأغلبية.

لذلك لا توجد للأغلبية اليهودية في إسرائيل صلاحيات سحب حقوق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال والحكم الذاتي، كما أنه ليس لها الحق في إلحاق الضرر بحرية التعبير والانتظام ومعارضة من يمنعونهم من التعبير عن الرأي. هذه هي المباديء التي لا يؤمن بها الكثيرون عندنا. هل يمكن أصلا تغيير موقفه واقناعه بأن الاحتلال يضر اليهود أكثر مما يضر العرب؟ في الصراع الحالي، المجتمع الفلسطيني يتبلور في رفض إسرائيل، أما اجزاء كبيرة من المجتمع عندنا فيفقدون الثقة بمستقبل الدولة. نظام الابرتهايد في المناطق بما في ذلك وضع «جيش الشعب» تحت إمرة المستوطنين، العملية البطيئة للبهيمية ـ حيث أن قتل المخرب الملقى على الارض في الخليل هو أحد رموزها. تخلق شعورا من الاغتراب لدى الكثيرين في المجتمع الإسرائيلي.

أمام هذه الصيغة من «الديمقراطية» الفارغة من المضمون الليبرالي والانساني، تنتفض تلك الاقلية التي تنظر بعيون بائسة وتشاهد غرق البلاد البطيء: لم تصمد ديمقراطية الاسياد في أي مكان. وهذا هو الذي يقلق الكثيرين الذين لا ينجرون وراء الأغلبية، فقط لأنها أغلبية. واشخاص آخرون يعطون هذا الشعور تعبيرات مختلفة. «هناك من يعتبر أن المعركة خاسرة وأنه بعد خمسين سنة من الاحتلال، نحو نصف عمر الصهيونية، أن لأولادهم وأحفادهم لا يوجد مستقبل هنا».

آخرون يظهرون أيضا علامات واضحة على الاصابة البالغة لنسيج الحياة يستمرون في الصراع، ليس فقط لاظهار أنهم فعلوا كل ما في استطاعتهم لاحفادهم. وهناك أيضا من لا يرون ولا يسمعون، وبالنسبة لهم كل شيء جيد مثل الماركيزا التي يشتعل بيتها.

الوطنية لا تلزم الانجرار وراء خيبة الأمل والكراهية والمخاوف والغرائز المتدنية لـ «الشعب». القيادة لا تعني الركض وراء «الشعب» بل قول الحقيقة له. ليس فقط أنه لن يكون سلام أو اتفاق جزئي بدون إخلاء الأغلبية العظمى من مناطق الضفة الغربية، بل أن إسرائيل كدولة حرة لن تبقى طالما بقي الاحتلال موجودا. لا يستطيع أي مجتمع البقاء بشكل دائم كمجتمع حر وهو يستعبد مجتمعا آخر، لكن نظرا لأنه بالنسبة لليمين، الاحتلال والمستوطنات هي الهدف القومي الاسمى، فانه يحاول ضمان ذلك عن طريق تفريغ النظام من جوهره الليبرالي. هذه هي طريقته في ضمان السيطرة اليهودية بين النهر والبحر.

الاخبار العاجلة