كتائب القسام نحو إدلب.. فهل تمت تصفية الضيف؟

20 ديسمبر 2016آخر تحديث :
كتائب القسام نحو إدلب.. فهل تمت تصفية الضيف؟

صدى الاعلام

منذ بداية الأزمة السورية كان للمكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية موقفاً سلبياً من الحكومة السورية، إلّا أن الجناح العسكري للحركة والذي يعرف باسم “كتائب عز الدين القسام” يقوده “محمد الضيف” لم يكن له أي تدخل في تصرفات المكتب السياسي ممثلاً برئيسه “خالد مشعل” المقيم في العاصمة القطرية، ولعل هذا النئي بالجناح العسكري لحماس عن الأزمة السورية كان بهدف الحفاظ على “شعرة معاوية” مع دمشق، التي لها دور كبير في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية كافة، وحماس خاصة، وخير دليل على هذا الدعم هو “الصواريخ” التي أمطرت بها فصائل المقاومة المستوطنات الإسرائيلية رداً على العدوان الذي بدأته قوات الاحتلال في صيف العام 2014.

خلال العدوان نفسه، وتحديداً في الـ19 من شهر آب، تمكنت القوات الإسرائيلية من استهداف منزل “محمد الضيف” ما أدى لاستشهاد زوجته وابنه، وجاء هذا الاستهداف إثر اتصال هاتفي تلقاه الضيف من “خالد مشعل” المقيم في قطر، واللافت أن الاستهداف جاء خلال “مماطلة” الكيان الإسرائيلي لإنهاء العدوان والتوصل لتوقيع الاتفاق بهدن كانت توضع وتخترق، ما أوضح حينها أن تل أبيب تماطل بحثاً عن معلومة استخباراتية مهمة أفضت لمحاولة اغتيال الضيف، الذي يعد المطلوب رقم واحد على المستوى الإسرائيلي، لكونه مهندس أعمال المقاومة في فلسطين، وأهم الشخصيات التي ترتبط مباشرة بالحكومتين السورية والإيرانية، وبالنظر إلى التفاصيل المحيطة بالاغتيال يظهر أن “مشعل” متورط فيها من خلال تعمده الاتصال بـ”الضيف” هاتفياً خارقاً كل قواعد الأمان الاستخبارية، ومن الأكيد أن المخابرات القطرية كانت على علم بهذا الاتصال، وبدورها أخبرت أو نسقت أو شاركت المخابرات الإسرائيلية كل التفاصيل استناداً إلى التنسيق العالي المستوى والمتعدد الأوجه بين الدوحة وتل أبيب على كافة المستويات.

دخول “القسام” على خط الأزمة السورية بحجة “مجازر حلب” واعتقالها لكل من يؤيد الدولة السورية من المقاومين كقيادات وعناصر “حركة الصابرين”، يفضي إلى أن جهة ما تمكنت من تصفية “محمد الضيف” إن لم يكن بالمعنى المباشر للتصفية، فعلى الأقل تمت تنحيته من مهامه، أو إجباره على الخضوع للأمر الواقع من خلال جملة تبديلات في قيادات “القسام” العسكرية، وعلى هذا الأساس سمح للتيار المتشدد في الحركة بالسيطرة على مجريات العمل السياسي والأمني والميداني في القطاع، وهذه التصفية السياسية للضيف رفعت سقف المراهنة الإسرائيلية على تصفية المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نهائياً، وهذا الدور لـ”القسام” ليس جديداً على ما يبدو إلّا أنه كان مخفياً إذ اقتصر على تعليم ميليشيات سورية كيفية استخدام “الأنفاق” كسلاح استراتيجي في المعارك، لكن الفارق يأتي من خلال الانتقال إلى مستوى الحركة ككل وليس مجرد شخصيات محدودة.

قبل نحو شهر، نقلت وسائل الإعلام عن أحد قيادات الميليشيات السورية في الشمال تأكيده للاستفادة من “خبرة الأخوة في حماس” في حرب الأنفاق، تلى ذلك البيان الرسمي لحماس حول حلب، ومن بعده جملة من التقارير الإعلامية عن مشاركة عناصر من “القسام” في مظاهرات ووقفات تضامنت مع مسلحي حلب، وهذا تمهيد إعلامي من شأنه أن يهيء الأجواء الميليشياوية لاستقبال “القسام” كمكون جديد في الحرب المفروضة على سورية، ويبدو أن جهود “خالد مشعل” لتحويل القسام في “غزة” نحو المجاهرة بعدائها للدولة السورية، كان لتمهيد الطريق نحو اتخاذ “القسام” لنقل مقاتلين من القطاع إلى داخل الأراضي السورية وقد تكون الوجهة الأنسب هي الشمال، وتحديداً نحو إدلب، حيث بدأ المبعوث الأممي الخاص إلى سورية بالمطالبة بالوصول إلى اتفاق حول مصير المحافظة قبل إطلاق الجيش السوري لعملية عسكرية لتحرير المدينة، وفيها محاولات حثيثة لتشكيل “تنظيم جهادي موحد”، يوازيه تشكيل فصيل موحد لرافضي الاندماج مع النصرة وأحرار الشام، بالتالي سيكون ثمة فصيلين أساسيين خلال المرحلة القادمة، ولعل الضربة الموجعة التي تلقتها الحكومات المشغلة للميليشيات المسلحة بسيطرة الدولة السورية على حلب كاملة، تدفعهم لتكثيف وتوحيد الجهود للحفاظ على إدلب خارج السيطرة السورية بما يسمح بالحفاظ على هوامش لاستمرار الصراع مع دمشق وحلفائها، وبالتالي تبرز عدة معطيات:

1- قطر تسيطر على المكتب السياسي لحركة حماس، وهي تمتلك نفوذاً كبيراً في جبهة النصرة، ولأنها تتقاطع بالمصلحة في تحويل إدلب إلى معركة استنزاف على المستوى الميداني والسياسي مع كل من “السعودية و تركيا”، ستعمل على الحفاظ على الوجود المسلح في المحافظة قدر الإمكان، ولا ضير من تحمل نفقات نقل جزء إن لم يكن كل مقاتلي “القسام” وغيرها إلى الأراضي السورية لضمان إطالة أمد الأزمة بما يسمح بالمناورة السياسية لتعويض خسائرهم في الحرب.
2- التطبيع الإسرائيلي التركي وصل الأوج من خلال افتتاح السفارة مجدداً، ولتل أبيب حاجة ملحة في تصفية سلاح المقاومة، ولكونه أمراً مستحيلاً، فخيار إدخال فصائل المقاومة الفلسطينية في معارك خاسرة ضد الدولة السورية سيكون أمراً مفيداً، وعلى الأقل ستكون تل أبيب قد تمكنت من تدمير سلاح المقاومة الفلسطينية بسلاح مؤسسيها “سورية – إيران”، وهذا ما يجعل الدوحة “جوكر” الأوراق الإسرائيلي لهذه الغاية، ويبدو أن حماس ستقع في الفخ.
3- يستفيد الإسرائيليون في هذه الخطوة من اللهاث الدولي المحموم لوقف تقدم الجيش السوري، ولعل نقل “حماس” إلى إدلب سيكون مبرراً على المستوى “الجهادي” لكون حماس وأقرانها يتبعون على المستوى العقائدي لـ”جماعة الإخوان المسلمين” وبالتالي من السهل أن يتم تحويلهم إلى مقاتلين “جهاديين” وفقاً لعقائد القاعدة وجبهة النصرة.

دخلت حماس ميدانياً إلى سورية أم لم تدخل، فإن ذلك لن يؤثر على مسار العمليات العسكرية في سورية، فالنظر إلى المنجز العسكري في حلب وقراءة تفاصيل تحقيقه من قبل الدولة السورية والقوى الحليفة لها على الأرض، يبني تصوراً لما يمكن اتباعه من تكتيكات عسكرية في إدلب التي تمتلك القوات السورية القدرة على اختراقها من جهات “الشرق – الجنوب – الغرب”، وعلى ذلك يمكن القول إن مثل هذا الحدث إذا ما تم، فإنه سيكون نصراً إسرائيلياً بيد “قطرية – سعودية” على القضية الفلسطينية، لكنه لن يعني بالمطلق هزيمة سورية، فدمشق باتت في وضع ميداني وسياسي يمكّنها من هندسة الواقع كما تريد، وهي تقوم بذلك فعلاً.

المصدر دام برس
الاخبار العاجلة