لن يخضع… فكفوا

15 يونيو 2021آخر تحديث :
الوقف

صدى الإعلام – الكاتب: موفق مطر

قرار جماعة حماس بتعيين عضو مكتبها السياسي عصام الدعليس لرئاسة ما تسميه “لجنة متابعة العمل الحكومي” في قطاع غزة، مقصود في التوقيت والمضمون والإخراج، فقد أتى عشية دخول انقلابها الدموي عامه الخامس عشر، وإعلان القاهرة المستضيفة للحوار الفلسطيني تأجيل الاجتماعات حتى اشعار آخر، وقبل استكمال دراسة متطلبات اعادة الاعمار في قطاع غزة من قبل ممثلي وزارات فلسطينية متخصصة، ما يعني أن حماس معنية بالاستيلاء على ملف اعادة الاعمار واحتكاره حتى قبل فتحه، ولن تسمح لوطني

فلسطيني رسمي وشرعي ومعترف به دوليا بالمشاركة في تنفيذه على الأرض، فالذين لم يعيروا مصير حوالي مليوني مواطن في قطاع غزة ونفذوا انقلابهم في الرابع عشر من حزيران من العام 2007، لن يعيروا مصير 77 ألف مواطن شردوا من بيوتهم المدمرة كليا وجزئيا بفعل العدوان الاسرائيلي على القطاع الذي تسعى جماعة حماس لاستثماره وتوظيف تداعياته لتقوية ركائز مخطط الانفصال السياسي والجغرافي على حد سواء.

كان قرار حماس بتعيين الدعليس مغلفا بقرار مما يسمى المجلس التشريعي– منحل بقرار من المحكمة الدستورية ولا شرعية أو صفة قانونية لاجتماعاته– مجلس باطل قانونيا لا يحضر اجتماعاته إلا نوابها في غزة وأزلام الدحلان، ما يمنح الجمهور الفلسطيني براهين وأدلة اضافية على الشراكة بين حماس وما كان مشايخ حماس يسمونه التيار الخياني الدايتوني واتخذوه حجة لتبرير انقلاب سفكت فيه دماء

مئات المنتسبين لقوات الأمن الوطني والأجهزة الأمنية الفلسطينية وتنظيم حركة فتح .. أما اليوم فإن رؤوس حماس يقطعون الشك باليقين بأنهم قد دخلوا على هبة الأقصى الشعبية التي شملت كل فلسطين التاريخية بقصد اجهاضها، ذلك أن تناميها وتطورها وتداعياتها من شأنها تحطيم معبد الانقلاب الانفصالي ووضع حد لخطط جماعة حماس في الهيمنة والسيطرة على الكل الفلسطيني أرضا وشعبا بعد السيطرة على قطاع غزة بالسلاح.

قرار حماس لكمة موجهة نحو مركز عصب الكل الوطني الفلسطيني، ولغما تفجره على سكة الحوار الوطني ومخرجات اجتماعات أمناء الفصائل، وضربة على كبد آمال الجماهير الفلسطينية وتطلعاتها لرؤية حالة وطنية فلسطينية ايجابية كاستجابة للقدس والهبة الشعبية في فلسطين كل فلسطين، وللعلم فإن هذه اللجنة انشأتها حماس عام 2017 ردا على جهود القيادة لتمكين الحكومة الفلسطينية من مزاولة مهامها حسب القانون في قطاع غزة، لكننا بذات الوقت نرى القرار رسالة غير مباشرة للقاهرة كرد على تأكيد قيادتها بأن للملفات الفلسطينية الوطنية العامة عنوانا واحدا هو الشرعية الفلسطينية برئاسة وقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن.

ما يهمنا في هذه اللحظات مصير عشرات آلاف المواطنين ضحايا لعب حماس بملف الإعمار، رغم أهمية ملف حكومة وفاق تحمل مسؤولية الانتقال بالحالة الفلسطينية الناشئة بعد العدوان الى محطة استقرار، وملف الوحدة الوطنية والانتخابات، ولعل الأهم من كل هذا وذاك استثمار التأييد الشعبي والرسمي العالمي للقضية الفلسطينية، الذي قد تسحقه سياسات رؤوس حماس المتصادمة والمشتبكة الأمر الذي يفسر الانقلابات السريعة على الاتفاقيات وقرارات الاجماع الوطني التي يوقع عليها قادة الصف الأول فيها.

الوحدة الوطنية حتمية تاريخية، ويتطلب رفع المصالح العليا للشعب الفلسطيني انتهاج سياسة وطنية متحررة من داء العمل لصالح اجندات اقليمية، فالمنطقة في حالة تغيير حتى لمعالمها الجيوسياسية، ولا مجال للتفكير في هذه اللحظات المصيرية إلا بمصير الشعب الفلسطيني ومستقبله كله من دون استثناء، أما النظر للقضايا والملفات الوطنية بعين مستكبر يصر على اجتثاث عيون وحواس الآخرين في الوطن وزج عقولهم في المجمدات تارة وفي المحارق تارة اخرى، فالنتيجة محسومة لصالح المحتلين المستعمرين الارهابيين.

لن يخضع الرئيس أبو مازن، لن يخضع رئيس الكل الفلسطيني لابتزاز ورزنامة مشايخ حماس وشهواتهم الجامحة للسلطة بأي ثمن، فالذي تحدى الادارة الأميركية وتحمل كل الضغوطات والتهديدات الاسرائيلية والحصار السياسي والاقتصادي لإعلاء القرار الفلسطيني المستقل والمصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني، يستمد مواقفه الصحيحة الصريحة من شعب لا يخضع.. فالوطنية قاموس ينهل منه المرء التفكير والسلوك والعمل للشعب والأرض والقانون بلا حدود، قاموس لا يحترق ولا يفنى حتى لو سلطت عليه نيران المستكبرين والمستبدين.

الاخبار العاجلة