لماذا نخاف من الظلام؟

9 أغسطس 2021آخر تحديث :
لماذا نخاف من الظلام؟

دعني أبدا حواري معك بسؤال بسيط جدًا؛ لو سألتك إذا كان أمامك طريقين أحدهما مُضاء إضاءة جيدة؛ والآخر مُظلم تمامًا؛ فأيهما سوف تختار لكي تمشي به ؟ الإجابة المُتوقعة والمنطقية أنك ستختار الطريق المُضاء؛ وهذا هو الطبيعي للكثير من الناس، ولكن هل سألت نفسك يومًا لماذا نفضل الضوء عن الظلام؟

بدايةً دعني أعرفك على أهمية الضوء الكبيرة بالنسبة لنا وبالنسبة لجسمنا، فالضوء يلعب دور حيوي لنا، بدايةً من تنظيمه للساعة البيولوجية لأجسمنا وحتى تأثيره على المزاج والمشاعر، وبالرغم من أنه حتى الآن لا نعرف كيف يؤثر الضوء على المزاج والمشاعر، ولكن بعض الأبحاث التي أُجريت على القوارض وجدت أن الضوء يؤثر على مركز الخوف والمشاعر في المُخ في منطقة تسمى الجسم اللوزي Amygdala.

نقف هنا قليلًا لكي أوضح لك طريقة هذه الآلية، منطقة Amygdala لها طريقتين للعمل إما بالتنشيط أو التثبيط، فإذا زاد نشاط هذه المنطق سيؤدي ذلك إلى زيادة خوف الشخص، وإذا قل نشاط هذه المنطقة فإن الخوف يقل، فالضوء يُقلل من نشاط هذه المنطقة في حين أن الظلام يُزيد من نشاطها.

وأراد الباحثون أن يعرفوا تأثير الضوء والظلام على نشاط Amygdala لذا قاموا بتجربة، أحضروا 24 مُتطوع؛ وعَرّضوهم إلى ضوء مُعتدل وإلى ضوء خافت (ظلام)؛ وفي أثناء تعرضهم لهذا الضوء كانوا يستخدمون تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي لكي يحددوا المناطق النشطة في المخ عن طريق تتبع التغيرات التي تحدث في تدفق الدم إلى المخ.

نُشرت هذه الدراسة في PLOS ONE ووجدنا أن الضوء المعتدل يقلل من نشاط Amygdala بصورة أكبر من الضوء الخافت، وهذا قد يُفسر لماذا نخاف من الظلام.

أكثر من ذلك؛ وجدنا أن Amygdala مُرتبطة بمنطقة أخرى في المُخ تُسمى Ventromedial prefrontal cortex (vmPFC)؛ وهذه المنطقة تشترك أيضًا في الاستجابة للمشاعر والخوف ولكن على مستوى أعلى من Amygdala ،وهذه المنطقة تلعب دور مهم في تنظيم نشاط وخصوصًا في تثبيط ردود الفعل العاطفية وبالطبع منها الخوف

وجدنا أن الضوء المعتدل يُزيد من ارتباط هاتين المنطقتين وبالتالي يُزيد من تثبيط الشعور بالخوف، والعكس يحدث في الضوء الخافت، وهذا قد يُفسر فائدة الضوء في تنظيم المشاعر.

في النهاية؛ الضوء مهم جدًا بالنسبة لنا، بداية من الساعة البيولوجية وانتهاءً هنا بتأثيره على مشاعرنا، وأعتقد أننا عرفنا الآن لماذا نخاف من الظلام، فإذا أردت أن تلوم أحد؛ فعليك أن تلوم مُخك.

وبالطبع نحن في حاجة إلى مزيد من الدراسات والأبحاث لتأكيد هذه الآلية، وهذا سوف يُفيدنا في العديد من المجالات؛ وخصوصًا أن الضوء يُعتبر أداة من أدوات العلاج لبعض الأمراض، فنحن في انتظار المزيد حول هذه الآلية.

الاخبار العاجلة