الحرم الإبراهيمي ..من سيمنع تهويده؟!

15 أغسطس 2021آخر تحديث :
الحرم الإبراهيمي ..من سيمنع تهويده؟!

صدى الإعلام – الكاتب: موفق مطر/ صحيح أن التوجه إلى المنظمات الدولية والمجتمع الدولي عامة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ودعوتها للقيام بواجبها لحماية الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في مدينة الخليل الفلسطينية التاريخية باعتباره جزءا من التراث العالمي الإنساني المهدد بالخطر، ولمنع منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني العنصري الإسرائيلي من تهويده عبر إجراءات ومشاريع تنتهك حرمته الدينية والتاريخية، فهذا صحيح بالتزامن مع حركة دبلوماسية وعملية فلسطينية  لدى المنظمات  الدولية لأقصى درجة ممكنة من الفعل ..لكن الأصح كما نعتقد هو توجه المواطنين الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين وسامريين نحو الحرم الإبراهيمي وتنظيم تناوب التواجد فيه على مدار أربع وعشرين ساعة، فالحرم الإبراهيمي في الخليل جزء أصيل من الشخصية الوطنية الفلسطينية بما فيها من معتقدات روحية، ومقومات ثقافية، ونعتقد أن ما يعنيه الحرم الإبراهيمي للفلسطيني الوطني لا يقل ولا بمقدار شعرة عما يعنيه الحرم القدسي والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم للمواطن الفلسطيني، فنحن في هذا الوطن فلسطين ننظر لمقدساتنا ببصيرة الانتماء الوطني أولا،  ونعمل على حماية إرثنا التاريخي والروحي (الديني) باعتباره جذر هويتنا الوطنية المعاصرة الحاضرة والمستقبلية.

نريد من المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على الإرث التاريخي الإنساني أن تعلم وتدرك إلى حد اليقين أننا نخوض صراعا على الأماكن الدينية التاريخية القائمة على أرضنا، صراعا لحفظ خصائص وجذور هويتنا العميقة في هذه الأرض والتي يبلغ مداها عشرات آلاف السنين.

رغم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المختصة المؤكدة على حق الفلسطينيين الحصري في أداء مناسك العبادة فيها، ما يعني امتلاكنا كشعب مشروعية حماية مقدساتنا بالوسائل المشروعة، ولعل أهمها التجمع فيها بأكبر عدد في أوقات تأدية فروض العبادة، والاعتصام فيها لحمايتها من هجمات واقتحامات المستوطنين المحميين من قيادة وجيش منظومة الاحتلال الإسرائيلي.

قبل نحو خمس سنوات وتحديدا في 7-7-2017 أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية على قائمة التراث العالمي لكونه موقعًا تراثيًا عالميًا فلسطينيًا. واعتبرت استخدام الحجر الجيري المحلي ميزة خاصة لأبنية البلدة القديمة الأثرية في الخليل التي شيدت في القرن الأول الميلادي، فانسحبت منظومة الاحتلال من اليونسكو في العام 2018 احتجاجا على هذا القرار الذي ما كان له أن يتحقق لولا حصول فلسطين على عضوية الأمم المتحدة بصفة دولة عضو مراقب بالقرار رقم 67/19، بتاريخ 29/11/2012 وتعزيز المقاومة الشعبية السلمية بإمكانية استخدام القانون الدولي لمنع تهويد المقدسات الفلسطينية، وآليات الحماية الدولية التي توفرها للأعضاء الموقعين على اتفاقياتها ومنها: الصيانة، والترميم، والحماية، والحفظ، والتوثيق، وإعداد الدراسات الاستكشافية، بالإضافة إلى إصدار وتطوير التشريعات القانونية والوطنية والدولية من أجل الحفاظ عليها، وكذلك إنشاء أجهزة أمنية وقضائية لتنفيذ ومتابعة القوانين، والحرص على سلامة المواقع الأثرية، علما أن فلسطين قد حصلت على عضوية اليونسكو بتاريخ 23/11/2011، وصادقت على اتفاقياتها.

رغم أن مكانة دولة فلسطين في هذه المنظمات مهم من الناحية القانونية على الصعيد الدولي إلا أن للفعل الشعبي الفلسطيني المقاوم سلميا تأثيرات إيجابية مباشرة على الأرض في قضية حماية الأماكن التاريخية والدينية المقدسة، نظرا لضعف إرادة المجتمع الدولي في تنفيذ قراراته  خاصة اذا تعلق الأمر بمنظومة الاحتلال إسرائيل، بسبب دعم لا متناه من إدارات أميركية متعاقبة، وعلينا تذكر الموقف السلبي تجاه قرار سلطة الاحتلال الإسرائيلي بطرد بعثة المراقبة الدولية في الخليل في العام 2019 ما شجعها على  استمرار تنفيذ مخططات انتهاك قداسة الحرم الإبراهيمي، حتى كانت أحدث عمليات تهويده عبر تغيير ملامحه العمرانية التاريخية بإنشاء مصعد للمستوطنين تحت عنوان مخادع (حاجات إنسانية) ولكن بعد حفريات هددت ساحات الحرم ومرافقه مازالت ملفات الدعاوى على انعدام قانونيتها عائمة في مستنقع المحاكم  الإسرائيلية.

وحده العمل الشعبي السلمي المنظم كفيل بالحفاظ على العمود الفقري لهويتنا الوطنية (مقدساتنا) ولنا في القدس تجارب ناجحة يمكن تكرارها في الخليل فللمدينة وجوه وطنية عظيمة لن تسمح بتهويد الحرم ما دامت على قيد الحياة.

الاخبار العاجلة