جمعية حقوقية إسرائيلية: عزل الضفة والقدس وغزة بعضها عن بعض آخذ بالتفاقم

30 ديسمبر 2016آخر تحديث :
جمعية حقوقية إسرائيلية: عزل الضفة والقدس وغزة بعضها عن بعض آخذ بالتفاقم
قالت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل: إن عزل الضفة الغربية، والقدس وقطاع غزة بعضها عن بعض، يمسّ بشكلٍ فظّ بالحقوق الفردية والجماعية، وتقطيع أوصال المنطقة الذي تخلقه الحواجز، والجدار والمستوطنات الإسرائيلية، آخذ بالتفاقم.

جاء ذلك في تقرير وزعته الجمعية الليلة الماضية ويسلط الضوء على واقع حقوق الإنسان للعام الجاري في إسرائيل، والذي تناولت فيه، ضمن عدة بنود وعناوين حقوقية، ” انتهاك حقوق الإنسان في المناطق المحتلّة”.

وأورد التقرير أنه لا تزال السيطرة الإسرائيلية على الضفّة الغربية على مدى خمسة عقود، تتسبّب بانتهاكات منهجيّة وفظّة جدًّا لحقوق السكان الفلسطينيين. وأن حالات المساس هذه تتزايد في فترات التصعيد والعنف، كما حدث هذه السّنة أيضًا، لكن أيضًا في الفترات العاديّة، ليس هناك أيّ حقّ مضمون تحت الاحتلال. والاعتقالات والمضايقات، الحواجز والحظر، الحرمان من الخدمات الأساسية، القيود المفروضة على التنمية وما شابه ذلك، هي جزء من واقع الحياة اليومية لملايين الناس. وعزل الضفة الغربية، القدس وقطاع غزة بعضها عن بعض، يمسّ بشكلٍ فظّ بالحقوق الفردية والجماعية، وتقطيع أوصال المنطقة الذي تخلقه الحواجز، الجدار والمستوطنات آخذ بالتفاقم.

وقال إن أحد الأمثلة البارزة على انتهاك حقوق الإنسان الأساسيّة في السنة الأخيرة هو الازدياد الحادّ في عدد عمليات هدم البيوت الإداريّة – هدم المباني التي بنيتْ بدون ترخيص، وإنه وفقاً لمعطيات مركز “بيتسيلم” الإسرائيلي الحقوقي، فإن عدد المباني السكنيّة التي هُدمتْ في الأراضي المحتلة في العام 2016 هو الأكبر منذ العام 2006، حينها بدأ التنظيم لجمع معطيات حول الموضوع: منذ بداية كانون الثاني حتى نهاية تشرين الأوّل 2016 هدمت إسرائيل في أنحاء المنطقة “c”،  255 مبنى سكنيًّا بذريعة البناء غير المرخّص، وتركتْ 1,0766 شخصًا بلا مأوى، من بينهم 557 قاصرًا. وهُدم في القدس الشرقيّة من كانون الثاني حتى منتصف تشرين الثاني 2016 أكثر من 194 مبنًى، من ضمنها 123 وحدة سكنيّة، مقارنةً بـ 74 وحدة سكنيّة هُدمتْ خلال العام 2015 و52 وحدة سكنيّة في العام 2014. بحسب معطيات نشرتها جمعيّة “عير عميم” في صفحة “فيس بوك” الخاصة بها. ووفقاً للمعطيات التي نشرتها منظمة “acted“، هُدم في هذه الفترة في الضفة الغربية والقدس ما مجموعه 989 مبنى، ومن ضمنها بيوت سكنيّة ومبانٍ لأغراض زراعيّة وغيرها.

وبين أن عمليات الهدم الإداريّة للبيوت، وكذلك عمليّات هدم المباني المخصصة لتربية الدّواجن، وسدّ آبار الماء، ومصادرة ألواح شمسية وما شابه ذلك، هي ممارسات تتمّ بذريعة البناء بدون ترخيص. غير أنّ “هيئات التخطيط الإسرائيلية – الإدارة المدنيّة” في المنطقة “C “، وبلديّة القدس ووزارة الدّاخليّة في القدس، تتنصّل بشكلٍ منهجيّ من المسؤوليّات الملقاة على عاتقها، ولا تعمل شيئًا من أجل دفع التخطيط والتطوير قدمًا في الأراضي التي يقطنها فلسطينيون، وبهذه الذريعة ترفض أن تصدر لهم تراخيص بناء. في ضوء التزايد الطبيعيّ وفي ظل عدم وجود أفق تخطيطيّ، يبني الكثيرون بيوتهم، مُكرهين، بدون ترخيص ويعرّضون أنفسهم لخطر الغرامات وعمليات الهدم، حتى حين يكون البناء على أراضٍ بملكيّتهم.

وأشار إلى أن السياسات الطويلة السنوات في المنطة “C“، الواقعة تحت سيطرة إسرائيليّة عسكريّة كاملة، لا تقتصر على الامتناع عن التخطيط وعلى هدم البيوت. إنّها تشكل أيضًا الإعلان عن مناطق كـ”أراضي دولة” ممنوع أن يقوم الفلسطينيون بالبناء عليها؛ منع الدخول والبناء عن طريق تعريف منطقة بكونها منطقة إطلاق نار للتدريبات أو كمحميّة طبيعيّة؛ منع ربط قرى فلسطينية ببنى تحتية أساسية؛ وغير ذلك. وتعاني من ذلك أساسًا تجمعات صغيرة تقع في مناطق منعزلة نسبيًّا، مثلاً في جنوب جبال الخليل وفي وادي الأردنّ.

وذكر أنّ الضرر الجسيم الذي تسببه السياسة التخطيطية تجسّده بوضوح قصّة قرية سوسيا التي يواجه سكّانها خطر التهجير المتواصل، والتي فيها أيضًا هدمت مبان سكنية في العام الفائت. وأنّ هذه السياسة المجحفة تفرض على  قرى مثل سوسيا واقعًا يتّسم بعدم اليقين المتواصل، وهي تشكّل خرقًا لواجبات الجيش وفق أحكام القانون الإنسانيّ الدوليّ.

ووفق التقرير فإن الصعاب في تطوير البنى التحتية في البلدات الفلسطينية لا تقتصر على المنطقة “c“، فالمنطقتين “a”، “b” التابعتان لحكم السلطة الوطنية الفلسطينية ويسكن فيهما معظم السكان الفلسطينيين، تشكّلان نحو 40% من الضفة الغربيّة، وهناك تواصل جغرافيّ بينهما وبين المنطقة ” C “، وتربطهما علاقات متبادلة. فمثلاً، شبكة المياه التي تصل قرى فلسطينية تمرّ في جزءٍ منها بالضرورة عبر المنطقة “C“.

وبين أنه برز في الصيف الأخير نقص حاد في المياه في أنحاء الأراضي الفلسطينية: قسم من مجمّعات المياه المخصصة للبلدات والمدن الفلسطينية خلت من المياه، واضطرّت السلطات إلى تخصيص المياه وإلى إتاحة تدفّق المياه بشكل يوميّ لقسم آخر من المدينة. وعانى سكان فلسطينيون كثيرون من الانقطاع المتواصل للمياه على مدى أيام طويلة، واضطرّوا إلى الاكتفاء بقدرٍ قليل من المياه تمكّنوا من جمعه، وإلى شراء مياه غالية الثمن جُلبت لهم بصهاريج. واضطرّ أصحاب المصانع والمزارعون إلى وقف عملهم.

وتابع: في المقابل من ذلك، استمرّت أغلبيّة المستوطنات بالتمتّع طوال الصيف بتدفق مياه عاديّ. صحيحٌ أنّ عدّة مستوطنات واجهت مشاكل في تزويد المياه، لكنّ هذه كانت مشاكل بسيطة وانتهت خلال وقت قصير بمساعدة السلطات. عمومًا، مقدار استهلاك المياه في المستوطنات غير محدود، في حين توجد للسكّان الفلسطينيين كميات محدودة من المياه المخصصة لهم، وفقًا لما تنصّ عليه اتفاقيات أوسلو.

وأردف: وتشير مسألة المياه إلى الفجوة الدّائمة القائمة بين مستوى الحياة والتطوير لدى السكان الفلسطينيين وبين مستوى الحياة لدى السكان الإسرائيليّين، وهي فجوة آخذة بالتعمّق طالما واصلت إسرائيل ممارسة سياسة خنق التنمية الفلسطينية عمومًا، وفي المنطقة ” C ” خصوصًا.

وحسب التقرير، تقف في صلب إساءة معاملة السكان الفلسطينيين في المنطقة ” C “، رغبة إسرائيل في إحكام سيطرتها على هذه المنطقة وتقوية ارتباطها بإسرائيل، ودفع السكان الفلسطينيين إلى المنطقتين ” A “، و”B “.

وأضاف: في العقد الماضي، تزايدت كثيرًا تلك الخطوات التي يمكن أن نسمّيها الضمّ الزاحف أو الضمّ الفعليّ بفرض الواقع؛ محاولات تشويش الخطّ الأخضر وإنفاذ القانون الإسرائيليّ على المستوطنات، الواقعة خارج حدود الدولة، استمرّت هذه السّنة أيضًا. فمثلاً، أطلقت هذه السّنة حملة واسعة تطلب بشكل صريح إنفاذ السّيادة الإسرائيليّة على “معاليه أدوميم”.

وقال يحاول مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية، في هذه الأيّام، طرح مشروع قانون لتنظيم البناء غير المرخص في المستوطنات وفي بؤر استيطانية بنيت على أراض فلسطينية خاصة، وهذا على الرغم من المعارضة الحادّة للمستشار القضائي للحكومة لتبييضها، وعلى نحو مناقضٍ لموقف المحكمة العليا في قرار الحكم في قضيّة عمونا. ويشكّل هذا الاقتراح تصعيدًا من ناحية دوس حقوق الإنسان الفلسطيني واحتقارًا لسيادة القانون في الأراضي الفلسطينية.

وتابع: إنّ خطوات كهذه تعمّق بشكل أكبر وجود جهازين قضائيين منفصلين في الأراضي المحتلة: الأوّل إسرائيليّ-مدنيّ، للمواطنين الإسرائيليين، والثاني – عسكريّ، للفلسطينيين. وهكذا ففي المنطقة ذاتها وتحت الحكم ذاته تقيم مجموعة سكّانية أولى تتمتّع بحقوق وإلى جانبها مجموعة سكّانيّة ثانية يتمّ انتهاك حقوقها الأساسيّة بشكل دائم. عشيّة الذكرى الخمسين للاحتلال، هذا التمييز آخذ بالتمأسس، والتّحوّل إلى جزءٍ لا يتجزّأ من منظومات الحكم الإسرائيليّ.

الاخبار العاجلة