“يائير غولان”… من جنرال يحمي المستوطنين إلى نائب يهاجم الاستيطان

22 يناير 2022آخر تحديث :
“يائير غولان”… من جنرال يحمي المستوطنين إلى نائب يهاجم الاستيطان

صدى الإعلام – أمضى اللواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي يائير غولان ردحاً من الزمن في الضفة الغربية المحتلة مدافعاً عن المستوطنين اليهود وحامياً لمستوطناتهم، لكنّه اليوم يعدُّ واحداً من أبرز مهاجمي الاستيطان ومنتقدي المستوطنين.

غولان شغل سابقاً منصب نائب رئيس الأركان في إسرائيل، وهو الآن عضو في الكنيست عن حزب ميريتس اليساري، ويعمل نائباً لوزيرة الاقتصاد، ومن موقعه التشريعي والحكومي، لطالما أسهب في الحديث عن عنف المستوطنين الممارس بحق الفلسطينيين.

“ليسو بشرا”

وأثارت انتقادات غولان بحق المستوطنين مؤخراً، والتي كان أبرزها وصفه لهم بأنهم “ليسو بشرا، وإنهم ما دون البشر، أشخاص بغيضون”، أثارت بلبلة في أوساط الائتلاف الهشّ الحاكم في إسرائيل، حيث وصفه خصومه بأنه “متطرف”، وهو الذي انضّم إلى عسكريين سابقين رفعوا صوتهم بعد تقاعدهم ودقّوا ناقوس الخطر بشأن الحكم العسكري الإسرائيلي للفلسطينيين والمتواصل منذ خمسة عقود ونيّف.

يقول غولان في مقابلة أجرتها معه وكالة أسوشيتد برس في مكتبه بالكنيست هذا الأسبوع: “لا يمكن أن يكون لدينا دولة حرة وديمقراطية طالما أننا نتحكّم بأناسٍ لا يطيقون أن نحكمهم”، متسائلاً: “أي نوع من الديمقراطية طويلة الأمد نشيدُ هنا؟”

وبرز غولان كصوت نادر في مجتمع يجد في الاحتلال حقيقة مقبولة إلى حد كبير، وحيث نجح المستوطنون في تسويق روايتهم من خلال قربهم من مقاليد السلطة في البلاد، إذ ينتمي غالبية أعضاء البرلمان الإسرائيلي إلى اليمين المؤيد للاستيطان بل والداعم له.

مواقف ارتجالية

غولان، البالغ من العمر تسعة وخمسين عاماً، يتمترسُ خلف سجلّ عسكري حافل، إذ شغل مناصب مفصلية في الجيش الإسرائيلي من بينها منصب رئيس القيادة الشمالية والمسؤول العسكري في الضفة الغربية المحتلة، كما أنه كان أصيب أثناء القتال في لبنان.

ولطالما عُرف غولان بمواقفه الإرتجالية التي لم تكن تعجب أصحاب القرار في البلاد، الأمر الذي سبب له الكثير من المتاعب، كما حصل حين أبرم اتفاقاً، غير مصرّح به، لإخراج بعض المستوطنين من مدينة الخليل بالضفة الغربية، كما تمّ توبيخه وتأخير ترقيته في العام 2007 حين أن سمح باستخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية أثناء عمليات اعتقال الفلسطينيين، وهو إجراء كانت حظرته المحكمة العليا في إسرائيل.

وحين كان غولان نائباً لرئيس الأركان، عبّر عن مواقف حالت دون وصوله إلى كرسي زعامة الجيش، ففي خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى المحرقة النازية مطلع صيف العام 2016، حذر غولان من بعض المظاهر التي تشهدها إسرائيل والتي تشبه ما عاشته ألمانيا النازية خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.

التغريد خارج السرب

وبعد سنوات قليلة من تقاعده، انتخب غولان عضوا في الكنيست وانضم في نهاية المطاف إلى “ميرتس”، وهو حزب يدعم قيام الدولة الفلسطينية وهو جزء من الائتلاف الحاكم الحالي برئاسة رئيس الوزراء بينيت.

وكانت إسرائيل شهدت بين العامين أزمة سياسية غير مسبوقة أدّت إلى تنظيم أربع انتخابات مبكرة، وفي شهر حزيران/يونيو انتهت الأزمة إذ تولّى السلطة تحالف حكومي هجين من اليمين والوسط واليسار والعرب، شكّله نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لبيد ونجح بإقصاء بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل.

ويعدُّ “ميرتس” واحداً من الأحزاب القليلة التي جعلت إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أولوية ملحّة، ولكن منذ انضمام هذا الحزب إلى الائتلاف الحاكم، بدا أن غالبية أعضاء “ميرتس” قد أخذوا يخففون من حدّة انتقاداتهم للاحتلال.

لكنّ غولان واصل التغريد خارج السرب الحكومي، ففي السادس من الشهر الجاري، وصف المستوطنين الذين حاولوا إعادة إقامة مستوطنة “حوميش” بأنهم “دون البشر”، مضيفاً أن أولئك المستوطنين “يقومون بأعمال العربدة والعنف في قرية برقة، ولذا يجب عدم دعمهم، بل طردهم بالقوة من هذا المكان، وإعادة الهدوء”، على حد تعبيره.

وأثارت تصريحات غولان ردود فعل غاضبة في الأوساط الحكومية والحزبية داخل إسرائيل، حيث وصف نفتالي بينيت أقوال غولان بأنها “تثير الاشمئزاز ومقززة وترقى إلى فرية دم”، فيما اعتبر رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، أنها “مأخوذة من المصطلحات النازية”.

وأقر غولان بأنه قد أساء اختيار كلماته، لكنّه شدد على تمسكه بروح تصريحاته، وقال: “هل المشكلة هي التعبير الذي استخدمته، أم أن المشكلة هي أولئك الأشخاص الذي يذهبون إلى برقة ويحطمون القبور ويتلفون الممتلكات ويهاجمون الفلسطينيين الأبرياء”.

وفي حين أن اليمين المتطرف في إسرائيل يجد حالياً في غولان ومواقفه خطراً على الائتلاف الحاكم، فإن اليسار في البلاد بات يتردد في التغاضي عن تصريحات غولان خاصة تلك التي ينتقد فيها احتلال الضفة الغربية،

الاخبار العاجلة