عزت دراغمه
تؤكد الخطوات والمخططات وما تنفذه قيادة الاحتلال من سياسات مختلفة ان المشروع الاحتلالي بأكمله يقوم على ترسيخ وتعزيز الاستيطان، وهو ما تبرهن عليه الإجراءات والقرارات الأخيرة التي صادقت عليها واتخذتها ميري ريغيف وزير الثقافة في حكومة بنيامين نتنياهو، بهدف تشريع الاستيطان الثقافي رسميا ورمزيا وجعل الاستيطان لون من ألوان الثقافة اليهودية وقلب التيار المركزي الإسرائيلي تمهيدا لما هو اوسع وابعد واخطر في مرحلة لاحقة قد يفضي لتتويج المستوطنات كمواقع يهودية ذات بعد ثقافي، وهنا يتجلى بيت القصيد مما تخطط له ريغيف الليكودية المتطرفة.
الاشتراطات والمصوغات التي صدرتها وزيرة الثقافة الإسرائيلية لإجبار كافة المؤسسات والمثقفين اليهود من أدباء وفنانين على الالتزام بما اشترطته ريغيف، وجدت صداها واستجابة ليست قليلة من عدد لا بأس به من المثقفين اليهود الذين احيوا وشاركوا في نشاطات ثقافية وفنية في عدد من المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين في الضفة، وهو أمر يستدعي التحرك بسرعة من قبل الأطر والمؤسسات الثقافية والإبداعية الفلسطينية والإقليمية والدولية، لمواجهة سوط العقاب الذي حرمت بموجبه الوزيرة الإسرائيلية كل من لا ينفذ نشاطات فنية وثقافية يهودية من المثقفين والفنانين الإسرائيليين في المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الضفة بما فيها مدينة القدس المحتلة، من الدعم والمساعدات والموازنات التي تقدمها وزارة الثقافة للمثقفين اليهود على اختلاف أشكالهم وألوان ما يقدمونه من انتاجات ثقافية.
إن اشتراط ريغيف على المؤسسات الثقافية العاملة في إسرائيل سواء أكانت يهودية أم غيرها بالتوقيع على تعهد تقر بموجبه إقامتها وتنفيذها نشاطات ثقافية مختلفة الألوان في المستوطنات اليهودية مقابل تلقيها مساعدات وتمويل مادي ومالي وحصولها على موازنات سنوية، وتهديدات الوزيرة لكل من يقاطع أو لا ينفذ عروضا في المستوطنات باقتطاع مبالغ مالية من موازناته وأجوره، هذه الخطوات تستلزم ان يقابلها تحرك فعال وجدي من قبل الصندوق العربي ووزارة الثقافة والحكومة والنقابات الثقافية والفنية الفلسطينية، لتدفع جميعها باتجاه تشجيع كافة النشاطات الثقافية والفنية المختلفة لإحياء وتنظيم فعالياتها الثقافية في كل المواقع والأراضي المهددة بالمصادرة وعلى الأراضي والمواقع المحيطة بالمستوطنات والقريبة منها، تأكيدا على فلسطينية هذه الأراضي وتفعيلا للصمود الشرعي الثقافي فوق التراب الوطني.