صحف عالمية: أوكرانيا تواجه “كارثة إنسانية”.. والعالم بصدد أزمة طاقة

1 مارس 2022آخر تحديث :
صحف
صحف

مع دخولها يومها السادس، سلّطت الصحف العالمية الصادرة صباح الثلاثاء، الضوء على آخر تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وسط تقارير تتحدث عن ”كارثة إنسانية“ تواجهها الأخيرة في ظل تفاقم الصراع وتوقف عمليات الإغاثة بسبب تأزم الوضع الأمني في عموم البلاد.

وتناولت الصحف أيضًا، تقارير توقعت أن الحرب في أوكرانيا ستجر العالم إلى أزمة طاقة كبيرة، في وقت يعاني فيه من نقص الإمدادات بالفعل منذ بدء جائحة كورونا.

”كارثة إنسانية“

وذكرت صحيفة ”الإندبندنت“ البريطانية، أن أوكرانيا تواجه ”كارثة إنسانية“، حيث يعيق الصراع هناك استمرار تدفق عمليات المساعدات، وذلك في وقت أوقفت فيه وكالات الإغاثة الكبرى عملياتها بسبب الهجوم الروسي المتفاقم.

وأضافت الصحيفة أنه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، يوجد ملايين الأشخاص في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والمأوى خلال صراع دمر عددًا لا يحصى من المنازل والمرافق الصحية وقيّد بشكل كبير عمل منظمات الإغاثة الدولية.

وأشارت إلى أنه منذ بدء العمليات العسكرية الروسية يوم الخميس الماضي، أُجبر مئات الآلاف من الأشخاص على الفرار من منازلهم – ما لا يقل عن نصف مليون شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة مثل بولندا والمجر – في حين أن الأضرار التي لحقت بالطرق والجسور والبنية التحتية تركت المجتمعات في جميع أنحاء أوكرانيا دون كهرباء ومياه أو حتى الوصول إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.

ووفقاً للصحيفة، قال ”الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر“ (IFRC)، إن حوالي 18 مليون شخص تأثروا بالنزاع في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة، بينما حذرت الأمم المتحدة من أن الأزمة يمكن أن تؤدي إلى ”أزمة لاجئين كارثية“ مع ما يصل إلى خمسة ملايين نازح.

وقالت الصحيفة في تقرير لها: ”أجبر الوضع الأمني المتأزم في أوكرانيا عدة وكالات إغاثة كبرى على تعليق خدماتها أو تأخير إرسال الموظفين والمساعدات إلى البلاد نتيجة للوضع الأمني. وتقوم المنظمات غير الحكومية الوطنية والمتطوعون بتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ والإخلاء وتقديم الإمدادات الأساسية، من الطعام والبطانيات إلى المياه للمستشفيات، حيثما أمكن ذلك“.

ووفقًا للصحيفة، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود يوم السبت الماضي أنها اتخذت ”قرارًا مؤلمًا“ بوقف أنشطتها، بما في ذلك رعاية فيروس نقص المناعة البشرية في سيفير ودونيتسك، وخدمات مرض السل في جيتومير، وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية في دونيتسك في شرق أوكرانيا التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا.

”ضربات بربرية“

ميدانيًا، اعتبرت صحيفة ”التايمز“ البريطانية أن الهجمات الصاروخية التي تعرضت لها مدينة خاركيف – وهي ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا – الاثنين، وتسببت في مقتل وإصابة المئات، هي ”ضربات بربرية“ ترقي إلى جرائم حرب.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليت، قولها: ”إن 102 من المدنيين على الأقل، بينهم سبعة أطفال، قتلوا في أوكرانيا وأصيب أكثر من 300 حتى الآن،“ لكنها حذرت من أن العدد الحقيقي سيكون ”أعلى بكثير“.

وأوضحت الصحيفة أنه تم إطلاق الصواريخ بينما بدأ دبلوماسيون روس وأوكرانيون محادثات سلام في بيلاروسيا، في حين طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بوقف فوري لإطلاق النار وطلب من القوات الروسية إلقاء أسلحتها.

ووفقًا للصحيفة، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مستشار الرئاسة الأوكراني، ميخائيلو بودولاك، قوله إن المسؤولين من البلدين أنهوا المحادثات وسيعودون إلى عواصمهم لإجراء مزيد من المشاورات قبل الجولة الثانية من المفاوضات.

في سياق متصل، نقلت صحيفة ”فاينانشيال تايمز“ البريطانية عن محللين قولهم: ”نخشى أن يكون تصعيد القوة في أوكرانيا قد أعاد إلى الأذهان المراحل الأولى من تسوية روسيا لغروزني في عام 1999، حيث كان من أوائل أعمال بوتين كرئيس قصف عاصمة الشيشان كجزء من الحرب على الانفصاليين الإسلاميين التي تركت معظم المدينة في الخراب وقتل ما يصل إلى 8000 مدني“.

وأضاف المحللون، وفقاً للصحيفة: ”على الرغم من ادعاءات بوتين بأنه يريد (تحرير) أوكرانيا، تقع خاركيف في منطقة تتحدث الروسية في أوكرانيا، على بعد 40 كم فقط من الحدود،“ مشيرين إلى أنه ”بالطبع، كانت غروزني مدينة روسية أيضًا، لكن ذلك لم يوقف بوتين“.

وقالت الصحيفة البريطانية إن محللين آخرين يرون أن استخدام قذائف المدفعية يمثل عودة روسية إلى التكتيكات العسكرية التي تم تجربتها واختبارها بعد تعثر تقدمها في شمال وشرق أوكرانيا بعد فشل ما وصفه محللون روس بأنه ”نهج أولي هادئ“.

ووفقًا لـ“فاينانشيال تايمز“، يرجح المحللون والمسؤولون الغربيون أن النكسات التي تعرضت لها القوات الروسية بسبب المقاومة الأوكرانية الصامدة حتى الآن، هي التي زادت من وتيرة القصف العنيف وربما تتسبب في شن هجمات ”أكثر عنفاً“ باستخدام الأسلحة الحرارية في الأيام المقبلة، والتي تستخدم الأكسجين من الهواء المحيط لتوليد انفجار شديد ودرجات حرارة عالية.

وذكرت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، أعلن مساء الاثنين، أنه سيبدأ تحقيقًا في جرائم حرب محتملة أو جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، على الرغم من أن الأخيرة ليست عضواً في المحكمة.

ونقلت الصحيفة عن خان قوله: ”هناك أسباب لفتح تحقيق بناءً على تحقيق أولي سابق حول شبه جزيرة القرم ودونباس نُشر العام الماضي، وعلى الأحداث الجارية في أوكرانيا. لقد كلفت فريقي بالفعل باستكشاف جميع فرص الحفاظ على الأدلة“.

وأضاف، وفقاً للصحيفة، أنه يمكنه الذهاب إلى قضاة المحكمة الجنائية الدولية للموافقة على التحقيق، ”ولكن سيكون الأمر أسرع إذا أحالت دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية القضية إلى مكتبه، ما سيسمح لنا بالمضي قدمًا بنشاط وعلى الفور في تحقيقات المكتب المستقلة والموضوعية“.

آثار العقوبات

إلى ذلك، توقعت مجلة ”فورين أفيرز“ الأمريكية أن يعاني الاقتصاد الروسي، بشكل كبير مع اشتداد العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن سوق الأسهم والروبل (العملة الروسية) في البلاد ستنخفض إلى مستويات متدنية جديدة، وسيقفز التضخم، وستبدأ الضائقة المالية في الظهور، وستنخفض مستويات المعيشة، وقد يضغط الاضطراب الاقتصادي على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لإنهاء الحرب.

وأوضحت المجلة أن مثل هذه العقوبات ستدفع موسكو إلى اتخاذ موقف أكثر عداءً مع واشنطن والدول الغربية، وستؤدي إلى تفاقم موقف روسيا في تنافسها الطويل الأمد مع هذه الدول أيضًا، داعية الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين إلى الاستعداد لمثل هذا الموقف يوماً ما.

وعن الآثار المترتبة على العقوبات، قالت المجلة في تحليل لها: ”أولاً، ستؤدي العقوبات المالية إلى إبطاء النمو الاقتصادي لروسيا، ومن المحتمل أن ينكمش اقتصاد البلاد هذا العام بسبب العقوبات الحالية التي تفرضها واشنطن وبروكسل“.

وحذرت المجلة من أن العقوبات ستفرض أيضًا بعض التكاليف على الدول الغربية التي لا يمكن لصانعي السياسات تجاهلها، بما في ذلك ارتفاع أسعار صادرات السلع الأساسية الروسية مثل النفط والغاز وأنواع عديدة من المعادن.

وأضافت: ”ثانياً، هناك طريقة أخرى يمكن أن تحد بها العقوبات من قدرة روسيا على إبراز قوتها وهي تعقيد حسابات بوتين المحلية، ويمكن أن يؤدي تصاعد الاستياء الاقتصادي في الداخل إلى تحفيز الكرملين على تحويل موارده بعيدًا عن أولويات السياسة الخارجية والعسكرية وتوجيهه نحو دعم مستويات المعيشة. وحتى لو لم يحدث مثل هذا التحول، فإن موقف بوتين المحلي سيصبح حتماً أكثر هشاشة“.

وتابعت المجلة: ”وأخيرًا، يمكن للعقوبات وضوابط التصدير أن تحد من قدرة روسيا على إنتاج وتطوير معدات عسكرية متطورة، حيث تعتمد موسكو بشكل كبير على التكنولوجيا الأجنبية – بما في ذلك الأدوات الآلية والبرمجيات وأشباه الموصلات – وتكافح روسيا بالفعل لإنتاج كميات كبيرة من بعض المعدات العسكرية مثل الذخائر الدقيقة“.

أزمة طاقة عالمية

من جانبها، أيدت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية رواية نظيرتها ”فورين أفيرز“ وزادت عليها أزمة الطاقة العالمية، حيث اعتبرت أن العقوبات المفروضة على روسيا ستتسبب في أزمة طاقة على مستوى العالم الذي يعاني بالفعل منذ بداية جائحة كورونا بسبب نقص الإمدادات.

ووصفت المجلة العقوبات التي فرضها الغرب وأمريكا في بداية الأسبوع الجاري بأنها ”القشة التي قصمت ظهر البعير“، وقالت في تحليل لها: ”على الرغم من أنها وضعت بعناية لإعفاء صادرات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، إلا أنها ستقللها دون قصد“.

وأضافت: ”مثل سوق النفط العالمية، كانت سوق الغاز الأوروبية بالفعل في أزمة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بسبب تصرفات الاتحاد الأوروبي، وعلى أمل تعزيز استخدام الطاقة المتجددة بشكل أكبر، اتخذ الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية في السنوات الأخيرة سياسات تضر بشدة بأمن الطاقة في أوروبا عن طريق كبح جهود تنويع الإمدادات“.

وتحت عنوان ”بوتين دفع العالم إلى أزمة طاقة أكبر“، تابعت المجلة: ”تؤكد الأزمة الحالية أن الوقت قد حان لأن تكون الحكومات الغربية صادقة مع شعوبها بشأن الحقائق الأساسية لأمن الطاقة، واستعادة إنتاجها من الطاقة، وتعزيز موثوقية واردات الطاقة الأوروبية“.

وأردفت: ”حتى لو تم حل الأزمة مع روسيا قريبًا – وهي أزمة كبيرة جدًا – تحتاج الحكومات الغربية إلى إجراء تغييرات جوهرية في مناهجها لسياسة الطاقة. ولم تختف مسألة أمن الطاقة أبدًا، لكن حرب روسيا أعادتها إلى قمة جدول الأعمال“.

ودعت ”فورين بوليسي“ العالم إلى التعايش مع الوضع الراهن، واختتمت تحليلها بالقول: ”في الأيام المقبلة، ستتقلص صادرات الطاقة الروسية – النفط والغاز الطبيعي والفحم – بشكل كبير، حتى إذا لم تُفرض العقوبات“.

الاخبار العاجلة