صدى الإعلام: يصادف اليوم السبت السادس عشر من أبريل/نيسان، ذكرى اغتيال (خليل الوزير) أبو جهاد، مهندس الانتفاضة الأولى، الذي استشهد عام 1988، حين هاجمت فرقة اغتيال إسرائيلية منزله في ضاحية سيدي بوسعيد شمالي العاصمة التونسية، وأطلقت عليه النار فاستقرت سبعين رصاصة في جسده.
فجر السادس عشر من نيسان 1988، وصلت فرق “كوماندوز” إسرائيلية، إلى شاطئ تونس، وتم إنزال 20 عنصراً مدربين من قوات وحدة “سييريت ماتكال” من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة، لتنفيذ مهمة اغتيال “أبو جهاد” على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة.
واقتحمت إحدى الخلايا البيت بعد تسللها للمنطقة، وقتلت الحارس الثاني الشهيد نبيه سليمان قريشان، وتقدمت أخرى مسرعة للبحث عن الشهيد “أبو جهاد”، فسمع ضجة في المنزل خلال انشغاله في خط كلماته الأخيرة على ورق كعادته، وكان يوجهها لقادة الانتفاضة.
وذهب وهو يرفع مسدسه ليستطلع الأمر، كما روت زوجته انتصار الوزير، وإذا بسبعين رصاصة تخترق جسده ويصبح في لحظات في عداد الشهداء ليتوج أميراً لشهداء فلسطين، علما أن آخر كلمة خطتها يده هي (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة).
دُفن “أمير الشهداء” في العشرين من نيسان 1988 في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك في دمشق، في مسيرة حاشدة غصت بها شوارع المدينة، بينما لم يمنع حظر التجول الذي فرضه الاحتلال جماهير الأرض الفلسطينية المحتلة من تنظيم المسيرات الغاضبة والرمزية وفاء للشهيد الذي اغتيل وهو يتابع ملف الانتفاضة حتى الرمق الأخير.
الإرث النضالي
وبالعودة إلى حياة الشهيد، وإرثه النضالي، فقد ولد العام 1935 في مدينة الرملة، وغادرها إلى غزة إثر حرب 1948 مع أفراد عائلته، ودرس في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام، وبعدها توجه إلى الكويت وظل بها حتى العام 1963، وهناك تعرف إلى الشهيد ياسر عرفات والرئيس محمود عباس وشاركا معه بجانب الشهيد صلاح خلف وعدد من القياديين في تأسيس حركة “فتح”.
وفي العام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل خلال هذه المدة على إذن من الحكومة بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
غادر الشهيد أبو جهاد الجزائر العام 1965 إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكُلف بالمسؤولية عن العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين.
كما شارك في حرب 1967 وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى، وتولى المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة فتح، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة.
وخلال توليه قيادة هذا القطاع في الفترة ما بين 1976 – 1982 عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت العام 1982 والتي استمرت 88 يوماً خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
وتسلم القائد أبو جهاد خلال حياته مواقع قيادية عدة، فكان عضو المجلس الوطني الفلسطيني خلال معظم دوراته، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة، كما يعتبر مهندس الانتفاضة وواحداً من أشد القادة المتحمسين لها.
بعد حصار بيروت العام 1982 وخروج كادر وقوات الثورة من المدينة عاد الوزير، مع رفيق دربه ياسر عرفات إلى مدينة طرابلس ليقودا معركة الدفاع عن معاقل الثورة في مواجهة المنشقين، وبعد الخروج من طرابلس توجه أبو جهاد إلى تونس حيث مقر المنظمة ومقر إقامة أسرته، ومن هناك أصبح دائم التجوال بين العواصم العربية للوقوف عن كثب على أحوال القوات الفلسطينية المنتشرة في تلك البلدان، وكان من عادته لا يمكث في تونس بين أهله، سوى بضعة أيام، لكنه مكث 15 يوما في الزيارة الأخيرة له في ربيع 1988.
“فتح”: ماضون على درب القادة المؤسسين حتى التحرير والعودة
وفي هذه الذكرى أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” أنها ماضية في الكفاح بالإصرار والعزيمة ذاتها على درب الحرية، والعودة، الذي رسمه لنا القادة التاريخيين، الذين أسسوا “فتح”، وانطلقوا بالثورة الفلسطينية العظيمة عام 1965، درب الشهداء، وفي مقدمتهم ياسر عرفات “أبو عمار”، وخليل الوزير “أبو جهاد، وصلاح خلف “أبو إياد”، وكافة القادة المؤسسين.
وأوضحت “فتح”، في بيان صدر اليوم السبت، لمناسبة الذكرى الـ34 لاغتيال القائد خليل الوزير “إن ما يميز الشهيد “أبو جهاد” ان بوصلته النضالية لم تحد يوم لا عن فلسطين، ولا عن أهداف التحرير والعودة وحق تقرير المصير، وبصمته موجودة في كل تفاصيل تاريخ الحركة، والثورة الفلسطينية.
وأشارت إلى أن خليل الوزير، ابن الرملة، الذي صقلت تجربة النكبة المريرة عام 1948 وعيه الوطني مبكرا، فجاءت ردة فعله الأولى في تشكل خلايا الفدائيين في قطاع غزة في مطلع خمسينات القرن العشرين، والتي مثلت مصدر الهام والنواة الأولى المبكرة لقوات العاصفة، الجناح العسكري لحركة “فتح”.
وأوضحت، أن “أبو جهاد” الذي التقى ياسر عرفات لاحقا في القاهرة، وكانا الى جانب صلاح خلف، وكمال عدوان، وابو يوسف النجار، ومحمود عباس “أبو مازن”، وخالد الحسن “ابو السعيد”، وآخرين، شكلوا الخلية الأولى المؤسسة لـ”فتح” في نهاية الخمسينات.
وتطرّقت في بيانها، إلى الدور البارز للأخ “أبو جهاد” في مجلة ” فلسطيننا – نداء الحياة” التي كانت تصدر في بيروت، وتقف من ورائها “فتح”، وخاصة دوره في رسم الأهداف، والتأكيد على أهمية الاعتماد على النفس، والإرادة الوطنية الحرة، وأن يكون القرار الوطني الفلسطيني بأيدي أصحابه.
وعاهدت حركة “فتح” الشهيد القائد “أبو جهاد” على التمسك بالأهداف ذاتها التي تأسست عليها “فتح”، وانطلقت بالثورة من أجل تحقيقها، وفي مقدمتها حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أكدت ثقتها بقدرة شعبنا الفلسطيني العظيم على الصمود، وتحقيق النصر في نهاية المطاف، مشيرة الى ان “فتح” تتصدر حالة الصمود في وجه العدوان الدموي الذي يشتد على شعبنا، منذ مطلع رمضان المبارك الحالي.