نكبة.. نكسة.. لكننا هنا باقون

4 يونيو 2022آخر تحديث :
نكبة نكسة

صدى الإعلام / الكاتب: باسم برهوم – أحيانا اشعر بالحزن على حرف النون “ن”، وهو من اجمل احرف اللغة العربية، لأنه بداية لمصطلحات تخنق الفلسطيني، تألمه وتغضبه في آن معا، “نكبة ونكسة”، والغريب بالأمر ان الجيل الفلسطيني الذي لم يعش التجربة المرة للحدثين اللذين ضاعت فيهما فلسطين، لا يقل ألمه وغضبه عن ذلك الجيل الذي عاش الحدثين ان لم يكن اكثر. الفارق بين الجيلين، ان الاول يمتلك الذكريات الحسية المباشرة، ومثلت رواية عمره التي لا نهاية لها، والثاني قام بمشقة على تركيب علاقته مع ذكريات الجيل الاول وابدع بربط نفسه بالمكان وكون علاقة لا انفصال فيها على طريقة الاساطير القديمة.

لست من الجيل الذي عايش النكبة لكنني عشت وطأتها الثقيلة الاولى، لكني ممن عايش نكسة حزيران/ يونيو عام 1967 ويعي تفاصيلها وما صاحبها من صدمة وإحباط كبيرين، وهي في واقع الامر ليست نكسة، كما حلا للأنظمة العربية تخفيف وقع الهزيمة، هي بالنسبة للفلسطيني النكبة الثانية، لان المشروع الصهيوني تمدد على كل فلسطين وأضاف مئات الآلاف من اللاجئين الجدد، ومنهم من عاش مرارة التشريد للمرة الثانية.

وبعد النكسة القاسية، لم يكن غريبا ان تصل نظرة الجماهير الفلسطينية والعربية الى الفدائي نظرة فيها شيء من التقديس، خاصة بعد معركة الكرامة في مطلع ربيع العام 1968، فقد اعادت الثورة الفلسطينية للأمة روحها وأعادت لها الأمل بإمكانية الحاق الهزيمة بجيش الاحتلال الاسرائيلي، الذي بدا انه لا يهزم.

لقد انتظر الشعب الفلسطيني طويلا حتى نضجت الظروف لتعطي انتفاضة شعبية كبرى في فلسطين المحتلة، انتفاضة كسر خلالها الفلسطينيون شوكة الاحتلال الذي اعتقد انه فرض هيمنته على الشعب الفلسطيني. لقد جاءت الانتفاضة ثمرة للثورة الفلسطينية المسلحة في المنفى، وثمرة لصمود الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة، ولتراكم نضالاتهم على مدار عشرين عاما، وما لديه من تراث كفاحي يمتد لعقود طويلة.

واليوم بعد 55 عاما من النكسة، تستطيع إسرائيل ان تدعي انها حققت الكثير من أهدافها، شردت الجزء الأكبر من الشعب الفلسطيني، استولت على مساحات واسعة من الأرض وبنت عليها عشرات المستوطنات، ويمكن ان تدعي أنها هودت القدس، واستحوذت عليها “عاصمة لها”، ولكن النتيجة النهائية، فقد تحولت إسرائيل إلى دولة فصل عنصري، دولة مهزومة من الداخل، ولا مجال لها الا ان تعترف بأنه عمليا تتقاسم الهواء والحياة اليومية مع الشعب الفلسطيني، الذي يحقق النصر بالنقاط يوما بعد يوم. ليس مفاجئا ان ترتفع وتيرة البطش الإسرائيلي، فهذا تعبير عن عجز اكثر وعدم ثقة بالمشروع، اكثر من كونها تعبيرا عن قدرة الانجاز.

المعادلة هي في غاية البساطة هم يملكون كل وسائل القوة، ونحن نملك سلاح الصمود والصبر، هم يعتقدون بأنهم كسبوا الحرب، ونحن واثقون من النصر، هم يشعرون بالتفوق، ونحن نؤمن بقوة الحق، وليس بالضرورة من يملك التفوق ينتصر دائما خاصة مع شعب عادي بسيط هو صاحب الارض الحقيقي. ومع مرور الوقت سيكون الشعب الفلسطيني هو من يضحك أخيرا لكنه سيضحك كثيرا على واحد من المستعمرين العابرين، وكما قال محمود درويش وعندما يرحلون عليهم أن يأخذوا أسماءهم وينصرفوا.

الاخبار العاجلة