تونس.. هل تنجح المعارضة في ثني سعيد عن تنفيذ برامجه؟

6 يونيو 2022آخر تحديث :
سعيد

صدى الإعلام- تشهد الساحة السياسية في تونس مؤخرا، بروز جبهات وتنسيقيات معارضة لقرارات الرئيس قيس سعيد، الذي وضع أجندة لبرنامجه السياسي بدءا باستشارة وطنية إلكترونية وحوار وطني، وصولا إلى الاستفتاء على النظام السياسي والانتخابي والدستور المقرر إجراؤه في 25 يوليو / تموز القادم.

“جبهة الخلاص” واحدة من الجبهات المعارضة، دعا إلى تكوينها رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل، أحمد نجيب الشابي، منذ 18 فبراير/شباط الماضي، وأعلن رسميا عن تكوينها يوم 31 مايو/أيار.

تضم القائمة عدة كيانات سياسية بينها “حركة النهضة” و”قلب تونس” و”ائتلاف الكرامة” وحزب الأمل” و”حراك تونس الإرادة”، فضلا عن حملة “مواطنون ضد الانقلاب” وعدد من البرلمانيين.

كما تجمعت 5 أحزاب تونسية أخرى في حملة لإسقاط الاستفتاء، تضم كلا من الحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (اجتماعية)، وحزبا العمال والقطب (يسار).

أما الحزب الدستوري الحر، فاختار بدوره معارضة قرارات الرئيس بشكل منفرد .

واتخذ الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر منظمة نقابية بالبلاد، مسافة من قرارات الرئيس وبرامجه، وأعلن في عدة مناسبات أنه يرفض المشاركة في الحوار الذّي أطلقه سعيد رغم دعوته مع مجموعة من المنظمات الكبرى بالبلاد.

فهل ستكون هذه المعارضة قادرة على إثناء سعيد الذّي بدأ منذ 25 يوليو الماضي بفرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة وصولا إلى حل البرلمان ومجلس القضاء وعزل قضاة، عن تنفيذ برامجه أم أنه سينجح في المضي فيه؟

** تشتت وانقسام
الباحث في العلوم السياسية وتاريخ الاقتصاد، الأستاذ بالجامعة التونسية أيمن بوغانمي، اعتبر أنّه، “في ظل تشتت مواقف الأحزاب المعارضة للرئيس قيس سعيد ورفض الاصطفاف في صف واحد، فإنه من المتوقع أن يكون هناك فشل على المدى القصير”.

وتابع في حديث للأناضول: “هناك انقسام في عدة جبهات ولم تستطع المعارضة رص الصفوف وتوحيدها ضمن جبهة واحدة.”

وأوضح أن الأطراف اليسارية ترفض الانضمام إلى جبهة الخلاص رغم أنها الكتلة المعارضة الأكبر، إضافة إلى وجود الحزب الدستوري الذّي يعارض سعيد ولكنه يلعب منفردا، فضلا عن دخول الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) خانة المعارضة ويرى أنه يجب أن يقود الجميع.

وتابع بوغانمي: “كل ذلك يجعل المعارضة أقرب للعب المنفرد، في مقابل رئيس يركز بيديه كل الصلاحيات، ويصدر ويشرع القوانين ويغيرها بجرة قلم، ويخالف حتى القوانين التي يضعها هو”.

وتابع: “ما دامت الأطراف السياسية لم تقبل بضرورة الاستعجال بتوحيد الصفوف من أجل معركة واحدة لإيقاف السلطة، ومادامت مصرة على إقصاء بعضها البعض دون مراعاة القاسم المشترك بينها، يبقى الفشل هو النتيجة”.

يجد الباحث في العلوم السياسية كذلك أنه ضمن ملامح الوضع الحالي، اختيار السياسيين معارضتهم لبعضهم البعض، فيما اختار الشعب أن يثق في الرئيس على حساب المؤسسات، وهو ما يثبت في رأيه “هشاشة الوعي الديمقراطي في تونس”.

وأضاف: “كل هذه المعادلة تخدم الرئيس على المدى القصير، ولكن لا تحملنا إلى المجهول بل إلى الدمار”. وفق قوله.

** معارضة قرارات وليس برامج
من جانبه، اعتبر الأكاديمي والباحث في القانون الدستوري والنّيابي رابح الخرايفي أنّ المعارضة الحالية هدفها “معارضة القرارات وهي ليست معارضة برامج ومؤسسات”.

وذهب في حديثه للأناضول إلى أنه، يرى أن هذه المعارضة، هي في الواقع ملتفة حول أشخاص، وليس برامج، وهو إضافة إلى تشتتها وغياب رؤية واضحة، يمثل بذور فشلها.

ويرى أنه “لا فاعلية لهذه المعارضة”، ففي مقابل ما تقدم به نفسها من كونها ممثلة للشارع التونسي، يؤكد الرئيس سعيد كذلك ذات الأمر لنفسه، ومن ثم فلن يفصل بينهما لاحقا سوى الناخب الذّي سيقرر”.

ويشير الخرايفي إلى أنّه بالنظر لـ “سوسيولوجيا تركيبة المعارضة، سنجد ذات الأشخاص الذّين تظاهر المواطنون ضدهم في 25 يوليو، الأمر الذي يجعلنا أمام إعادة تدوير لا جدوى منها” حسب تقديره.

** “حكم اعتباطي”
في توصيفه للمشهد، يرى بوغانمي “أننا في محرة حكم اعتباطي، فإرادة الرّئيس هي القانون، وقلمه هو المشرع الوحيد، ورضا الرئيس هو القضاء الذي يصفه بالصادق والوطني”.

وبحسب بوغانمي، فان سعيد “سيمضي في تنفيذ برنامجه بغض النظر عن معارضيه، ولن يتراجع لأنه لم يعودنا على محاسبة النفس”، وفق قوله.

وأضاف: “ستذهب الفوضى إلى أقصاها ومداها، كي نعلم النتيجة التي يؤدي إليها الخروج عن المعايير، ومن ذلك التفرد بالحكم والقرار”.

ويتوقع الباحث السياسي أن استفتاء 25 يوليو، “سيكون على ما يحب سعيد، وبالنتيجة التي يريدها، تحت إشراف الهيئة الانتخابية التي عينها”.

** تجاوز للصلاحيات
واعتبر الخرايفي أن الاتحاد العام التونسي للشغل “تجاوز صلاحياته، عبر إقحام نفسه في أمور تتجاوزه باعتباره هيئة نقابية تدافع على العمال، ويفترض أن لا تتفاوض الدولة مع نقابات.. ولا تتحاور معهم”.

وتابع: “أنا مع إنهاء فكرة الحوار، ومع فكرة أن يكون هناك طرف في الحكم وفريق آخر يعارض، لكني ضد فكرة التوافق التي عادة ما تقود إلى المصائب، وهو في تقديري فكر سياسي مريض، يشل القدرة على المبادرات”.

ويرى الخرايفي أن رفض وعدم حضور البعض ممن تمت دعوتهم للحوار الوطني، “لن يوقف الروزنامة (الأجندة) التي وضعها سعيد، وسينفذها، إلا إذا كانت هناك قوة قاهرة وأحداث غير متوقعة حالت دون ذلك”.

وأكد أن “الأجندة ستنفذ كما هي، وعدم تنفيذها هو نهايته (سعيد) سياسيا، و لا أعتقد أن تثنيه الضغوط الإقليمية والمعارضة الداخلية، عن الأمر”.

الاخبار العاجلة