إلغاء قانون الإجهاض يحرك الانتخابات النصفية والرئاسية الأميركية

29 يونيو 2022آخر تحديث :
قانون الإجهاض

صدى الإعلام-  على الرغم من «الأجواء الاحتفالية» التي يعيشها الحزب الجمهوري، عقب قرار المحكمة العليا إلغاء قانون حق الإجهاض الفيدرالي، المعروف بقضية «رو ضد ويد»، بدا أن تخوفاً كبيراً يسود أوساط قياداته، من تأثير هذا القرار على معركتهم السياسية لإعادة سيطرتهم على مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات النصفية الخريف المقبل.

وفيما يحاول نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس، الاستثمار بشكل مكثف بهذا «الانتصار»، والتخطيط وراء الكواليس للتركيز على هذه القضية، ودعوته إلى حظر الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، بدا أن رئيسه دونالد ترمب، يخشى أن يضر الحكم بفرص مرشحي الحزب، على الرغم من إشادته به واعتباره «انتصاراً مدى الحياة»، بحسب ما نقل عن مستشاريه.

وفيما دعا بعض المحافظين الجمهوريين إلى سن قوانين لتشديد القيود على الإجهاض في ولاياتهم، تجنب آخرون تبني مثل هذه التوجهات، على الأقل في هذه الفترة قبل الانتخابات النصفية، مخافة أن تتحول إلى قضية جذب كبرى لدى الناخبين الأميركيين، بعدما أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الأميركيين، ومن بينهم كثير من الجمهوريين يعارضون تلك القيود. ويخشى هؤلاء أن ينجح الديمقراطيون في تحويل هذه القضية إلى معركة رئيسية يحشدون وراءها النساء، ما قد يغير في حظوظهم للسيطرة على الكونغرس. وفيما تؤكد ردود الفعل المختلفة المعضلة التي تواجه الجمهوريين على المدى الطويل عقب قرار المحكمة، الذي أنعش قاعدتهم الصلبة، خصوصاً لدى المحافظين المتشددين، فإنه قد يؤدي في المقابل إلى بروز تحديات ورفض من جمهور يتعاطف بالضرورة مع الجمهوريين، لكنه قد لا يُقبل على انتخاب شخصيات متشددة تؤيد سن تشريعات متشددة «ضد النساء».

وبحسب معهد «غوتماشر» الذي يدعم حق الإجهاض، فإن ما يقرب من نصف الولايات «من المحتمل أو المؤكد، أنها ستحظر أو تقيد الإجهاض»، من بينها ولايات تعد ساحات معارك انتخابية رئيسية، مثل أريزونا وويسكنسن وميشيغان، ستكون حاسمة في الانتخابات الرئاسية عام 2024. ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن استراتيجيين جمهوريين وهيئات نسائية، أن انقساماً يسود القاعدة الجمهورية في كل مكان.

في المقابل، وعلى الرغم من «الوحدة» الشكلية لدى الديمقراطيين، فإنهم يعانون من انقسامات في كيفية الاستفادة من هذه القضية واستغلالها لتحسين فرصهم في انتخابات الخريف. وفيما حض الرئيس جو بايدن، الذي يؤكد حتى الساعة أنه سيترشح مجدداً في انتخابات 2024، الناخبين على توجيه غضبهم في صناديق الاقتراع، في نوفمبر (تشرين الثاني)، وانتخاب الديمقراطيين لمنع صدور تشريعات مناهضة للإجهاض في ولاياتهم، بعدما أحال قرار المحكمة العليا هذا الحظر على الولايات، بدا مفاجئاً رد الفعل غير المتناسب مع قضية بهذا الحجم، سواء لدى قيادات الحزب أو حتى من الجمعيات النسائية المعروفة بقوتها.
وعلى الرغم من ذلك، يخشى الجمهوريون من أن تتحول قضية الإجهاض، إلى مادة تعبئة مناهضة لمرشحي الحزب، خصوصاً من المؤيدين لترمب، فضلاً عن تأثيرها الحتمي على انتخابات الرئاسة. وقال أحد الاستراتيجيين الجمهوريين إن الانتخابات التمهيدية الرئاسية قد تدفع مرشحي الحزب الجمهوري نحو اليمين فيما يتعلق بالإجهاض، بطرق قد تضر بهم في الانتخابات العامة.

يذكر أن السيناتور اليساري بيرني ساندرز، أعلن بشكل واضح أنه في حال لم يترشح بايدن فسيكون مرشحاً، داعياً مجلس الشيوخ إلى إنهاء المماطلة لتمكين الديمقراطيين من قوننة حقوق الإجهاض.

ويدعو خبراء جمهوريون الحزب، إلى إحالة القضية على الولايات، بدلاً من تبنيها في الانتخابات العامة أو النصفية. ورغم ذلك هناك من يتخوف من أن يتحول هذا الأمر إلى عبء على الحزب، عندما يتعلق الأمر بالنساء الجمهوريات المستقلات أو حتى الديمقراطيات المستقلات، اللاتي سيشاركن في انتخاب الرئيس المقبل. غير أن مايك بنس، يبدو أنه ذهب في الاتجاه الآخر، وهو اليوم يزايد على الجمهوريين خصوصاً على ترمب، ما يكشف أنه يستعد فعلياً ليكون أحد المرشحين الجمهوريين عام 2024. وكتب في تغريدة على «تويتر» الأسبوع الماضي، قائلاً: «يجب ألا نرتاح ولا نلين حتى تتم استعادة قدسية الحياة إلى مركز القانون الأميركي في كل ولاية». موقفه هذا اعتبر محاولة منه لدعم حظوظه في ولايات محافظة عدة، مقابل صمت كثير من القيادات الجمهورية فيها.

وبدأ بنس حملة إعلامية كبيرة لإظهار تاريخه الخاص في قضية الإجهاض، قبل انتخابه نائباً للرئيس وبعدها وخلال فترة وجوده في البيت الأبيض، حيث يراهن تحديداً على دعم الإنجيليين الذي يحظى في صفوفهم باحترام خاص.

وقال مارك شورت، كبير موظفيه السابق، ويقدم له المشورة حالياً: «لقد كانت هذه القضية جزءاً كبيراً من حياته المهنية… هذا ما كان عليه دائماً، وهو سيجول في كل الولايات للدفاع عن التشريع المناهض للإجهاض». وعد إصرار بنس على استغلال هذه القضية، رافعة سياسية كبيرة له، في مواجهة الحملات التي تعرض لها بسبب رفضه قلب خسارة ترمب في انتخابات 2020.

لكن ترمب لا يزال يمتلك أسلحة عدة، ويحظى برضا الجمهور المؤيد له بسبب دوره في تغيير التوازن داخل المحكمة العليا. وعلى الرغم من ذلك، هو لم يدعُ إلى إنهاء الحق في الإجهاض على المستوى الفيدرالي، بل دعا الولايات إلى البت فيها كل على حدة. وقال: «بفضل الشجاعة الموجودة داخل المحكمة العليا للولايات المتحدة، فإن هذه القضية الخلافية الطويلة ستحسمها الولايات والشعب الأميركي. هذه هي الطريقة التي كان ينبغي أن تكون منذ سنوات عديدة، وهذا هو الحال الآن».

وفيما يأمل الديمقراطيون في أن يؤدي الغضب من قرار المحكمة إلى تغيير حظوظهم في انتخابات منتصف المدة الصعبة، يأمل كثير من الجمهوريين، في أن يتلاشى الاهتمام بالإجهاض في الأشهر المقبلة، لمصلحة ارتفاع أسعار الوقود والتضخم وقيود فيروس كورونا في المدارس.

الاخبار العاجلة