لنوحد موقفنا ومطلبنا بما يخص المطار

1 أغسطس 2022آخر تحديث :
المطار

صدى الإعلام: الكاتب باسم برهوم-

كغيره من ابناء البشر، يريد الفلسطيني داخل الارض المحتلة، ان يكون حر الحركة، ان يتحرك داخل بلده بحرية، وان يسافر الى الخارج بسهولة ويسر، متى يشاء وكيفما يشاء، وهذا يتطلب حدودا مفتوحة برا وجوا وبحرا. على دولة الاحتلال ان تدرك ان احتلالها المستمر منذ 55 عاما لم يعد مقبولا به بتاتا، وان اعتقال شعب كامل بحجة الامن هو امر لا يمثل انتهاكا للقانون الدولي وحسب، وانما يجب ان يكون مرفوضا من العالم اجمع، إذا كان لدى هذا العالم أدني درجة من الضمير.

بعيدا عن نكبة عام 1948، التي لها حديث اخر لا يقل اهمية، وانما نتحدث هنا عن خمسة ملايين فلسطيني هم في معتقل منذ 55 عاما منذ ان احتلت إسرائيل الضفة وقطاع غزة في حرب حزيران/ يونيو 1967… كيف هم معتقلون؟

هناك مليونا فلسطيني محاصرون تماما في جنوب فلسطين، (قطاع غزة)، لا يستطيعون حتى التواصل مع ابناء جلدتهم في الضفة، وسفرهم الى الخارج اشبه بعملية تعذيب، هي عملية محدودة ومقيدة جدا عبر معبر وحيد يفتح ابوابه لأيام قليلة ولبضع ساعات (لا يتعدى ما مجموعه شهرين في العام بضغوط إسرائيلية). وفي الضفة، حيث يعيش أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني، فبالإضافة الى عشرات الحواجز العسكرية التي تحد وكثيرا ما تمنع حركة المواطنين الفلسطينيين بين المدن، كما انهم- فلسطينيي الضفة- ممنوعون كليا من الوصول الى قطاع غزة. اما سفرهم للخارج، فهم ايضا لديهم معبر واحد، ربما هو أفضل قليلا من معبر رفح في غزة، ولكن هو مغلق ليلا على مدار العام، ومغلق من ساعات الظهر ايام الجمعة والسبت، ومغلق خلال ايام الاعياد اليهودية، وإسرائيل تقرر متى والى متى يمكن لمعبر الكرامة ان يعمل، فأحيانا يفتح لساعات قليلة جدا لا تتحاوز الساعتين او الثلاث في النهار، وأحيانا يمتد الى سبع ساعات وفي فترات اقل يمتد الى عشر ساعات.

سفر الفلسطيني -اضافة إلى انه شاق ومرهق- مكلف، وهو همّ أكثر من كونه فرجا وراحة، حتى لو كان الفلسطيني ذاهبا في اجازة ليرتاح ويرفه عن نفسه قليلا، فإن السفر هو امر مؤرق ومرهق، وعندما يعود ينسيه عبور جسر الصعب متعته وراحته.

والان لنأت لموضوع المطار، وفي ظل حديت إسرائيل عن السفر عبر مطار رامون، في “ايلات” على خليج العقبة، ان الاقتراح الذي تجري التسريبات بشأنه، هو باختصار نوع جديد من تعذيب الفلسطينيين، لانه اولا- لطول مسافة الوصول اليه والإجراءات التي لن تختلف عن اجراءات الجسر.

ثانيا- السفر منه محدد بدول بعينها اي على الفلسطيني حتما ان ينزل في أحد المطارات الإقليمية ومنها يذهب الى وجهته النهائية، وهو بهذا المعنى عذاب ومشقة أكثر، وإجراءات سفر طويلة ومعقدة.

ثالثا- لن يكون الشعب الفلسطيني منقذا لمطار فاشل اقتصاديا، لا تجد إسرائيليا واحدا يرغب بالسفر منه.

من هنا تأتي اهمية توحيد الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي من موضوع المطار، ومخاطبة إسرائيل والعالم بالموقف ذاته.

وقبل مناقشة خيارات الموقف الموحد الفلسطيني، لابد من الاشارة الى بعض الحقائق التاريخية، أبرزها ان مطار اللد، الذي أطلقت عليه إسرائيل منذ العام 1973 اسم مطار “بن غوريون” هو مطار فلسطيني بني في فترة الانتداب ليخدم كل سكان البلاد من النهر الى البحر، الامر ذاته بالنسبة لمطار القدس، مطار “قلنديا”، بل ان هذا الاخير هو جزء من الارض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بمعنى انه –حكما- مطار فلسطيني. وربما تجدر الاشارة هنا الى مشروع الوسيط الدولي الكونت برنادوت، الذي جاء بعد ان احتلت القوات الإسرائيلية مدينة حيفا ومن ثم مطار اللد خلال حرب 1948, فإن أحد اهم بنود مشروع برنادوت، ان يبقى 5 ميناء حيفا ميناء مفتوحا للجميع، وكذلك الامر بالنسبة لمطار اللد، ان يكون متاحا للجميع استخدامه والا يحتكره طرف من أطراف الصراع لنفسه.

المقصود ان نصر على السفر من مطار اللد وان نعامل معاملة متساوية هناك، او ان تخصص قاعة سفر خاصة بنا “Terminal”. فالخيارات التي يمكن ان نجمع على أحدها او بعضها او كلها:

أولا- الإصرار على إعادة ترميم وتأهيل مطار القدس (قلنديا)، ويمكن ان تقوم السلطة الوطنية الفلسطينية بترميم المطار على نفقتها.

ثانيا- الإصرار على حرية سفر الفلسطيني عبر مطار اللد وليس رامون، وان تكف دولة الاحتلال التصرف بعنصرية مع الشعب الفلسطيني، فكما ذكرنا فإن المطار يجب ان يكون لخدمة جميع سكان البلاد، فالسماح للفلسطينيين بالسفر عبره ليس منة من أحد.

ثالثا- السماح للفلسطينيين ببناء مطار في منطقة أريحا، مطار للمسافرين والتجارة نستورد ونصدر منه وذلك في حال رفض الاقتراحات سالفة الذكر.

ان الحجج الامنية لم تعد نقنع احدا، فهذه يمكن الاتفاق عليها اما ثنائيا او مع طرف ثالث. ففي هذه الايام باتت إجراءات الامن هي تقريبا ذاتها في كل مطارات العالم، ويمكن الاتفاق على صيغ مراقبة مشتركة، على الا تسبب اراهاقا للمسافرين، وان يشعر هذا الاخير بكرامته وانه حر وتنقل بسلاسة. لقد جاءت التسريبات الإسرائيلية بخصوص سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون شبه المهجور محاولة لقطع الطريق على مطالبة الرئيس الاميركي بايدن للإسرائيليين، خلال زيارته الاخيرة، بضرورة ان ايكون لدى الفلسطينيين وسائل سفر أكثر استقلالية، بمعنى ان يكون لهم تحكم بها.

ان البقاء ضمن الوضع الحالي هو أمر لم يعد مقبولا، على الاحتلال ان يرحل، فرحيله هو انهاء لكل عذبات الشعب الفلسطيني وصداعه المستمر. فالاقتراحات سابقة الذكر، ليس المقصود منها التعايش مع الاحتلال بل هي خطوة في سياق رحلة الاستقلال الفلسطيني وتحقيق السيادة على ارض دولتنا فلسطين، بأن يكون الفلسطيني حر الحركة والتنقل.

الاخبار العاجلة