أربعون عاما ولم ننسَ

17 سبتمبر 2022آخر تحديث :
صبرا

صدى الإعلام: الكاتب: عمر حلمي الغول – أربعون عاما ولم ننسَ

مرت أمس ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا الـ 40، التي أدمت قلوب وعقول الشعب الفلسطيني خصوصا وشعوب العالم عموما لهول ما حملت من وحشية إسرائيلية انعزالية.

القوات الانعزالية المجرمة، أداة إسرائيل في لبنان ما كان لها أن تقوم بمجزرتها لولا عاملان الأول خروج مقاتلي الثورة الفلسطينية إلى العديد من الدول الشقيقة، وفق الاتفاق مع فليب حبيب، ممثل الإدارة الأميركية آنذاك؛ والثاني الدعم والمساندة اللوجستية والغطاء الذي قدمته القوات الإسرائيلية، وعبر عنه رفائيل ايتان، رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك، بأن الهدف تطهير المخيم من “المخربين (الفدائيين) الفلسطينيين”، ولهذا قامت تلك القوات بإضاءة سماء مخيم شاتيلا وحي صبرا بالقنابل المضيئة، وأمنت لهم الحماية لتنفيذ المهمة، كما شارك عدد من المستعربين الصهاينة في محرقة القرن العشرين الثانية.

حوالي خمسة آلاف شهيد سقطوا على يد مصاصي دماء الشعوب وخاصة دماء الشعب الفلسطيني، وعلى مرأى ومسمع من العالم، رغم الوعود الأميركية والفرنسية والإيطالية بعدم التعرض لأبناء الشعب الفلسطيني الاعزل وفق ذلك الاتفاق مع حبيب. وهو ما يؤكد، أن واشنطن لا تفي بالتزاماتها، وليست معنية بحياة أبناء الشعب الفلسطيني، ولا بحياة أي إنسان في المعمورة بمن في ذلك الأميركيون أنفسهم.

الوفاء الوحيد الذي تلتزم به ذو شقين الأول الوفاء لرأسمال ونهب خيرات وثروات الشعوب؛ الثاني لإسرائيل وحماية تغولها واستقوائها على الفلسطينيين والعرب وشعوب الشرق الأوسط الكبير. وهو ما يحتم على كل من له صلة مع الولايات المتحدة، ويعتقد أنه يقع ضمن دائرة الرعاية الأميركية، أن يحسس على رأسه، لأن أميركا لا يعنيها من تحالفاتها وزعماء الدول التابعين، الذين يرتبطون معها إلا مصالحها، وعندما تشعر أن شركاءها باتوا عبئا عليها، تنقض عليهم فجأة، ودون سابق إنذار، وتضحي بهم لقاء حماية عمليات اغتصاب أموال الشعوب وثرواتهم، وتأتي برموز أخرى لتحقيق غايتين، تجديد أدواتها، وزيادة أرصدتها من عملياتها اللصوصية. لأن الزعماء الجدد يقدمون ولاءات أكثر إذلالا وتبعية واستجابة لأهدافها الاستعمارية.

وبالعودة لمحرقة صبرا وشاتيلا التي استمرت طيلة ثلاثة أيام متكاملة، ونجم عنها أبشع جرائم القتل وحشية من بقر بطون النساء الحوامل، وذبح الأطفال والشيوخ والنساء، وهدم البيوت والمساجد على رؤوسهم، ووضع الجثث في حفر (قبور جماعية)، وحرق بعض الجثث بعد التنكيل بها، وبعد اغتصاب الفتيات، واستخدام القنابل الفسفورية والنابالم أثناء اقتحامهم للبيوت وبيوت العبادة. كانت مجزرة صبرا وشاتيلا علامة متميزة في سجل دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، وتعكس صورة الدولة التي أسسها وأنتجها وزرعها الغرب الرأسمالي كخنجر في قلب الوطن العربي، الدولة العنوان لكل موبقات الحثالة الإنسانية، المنتجة للحقد والكراهية والموت والجريمة المنظمة، واستباحة حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني.

وصبرا وشاتيلا ليست سوى لحظة من لحظات الجريمة المتعاقبة في دورة حياة دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية، وهي لحظة انعطافية في عمليات القتل والذبح والحرق، التي ارتكبتها ضد أبناء الشعب الفلسطيني منذ عشرينيات القرن العشرين، وستبقى ذكرى المجزرة وكل المحارق الصهيونية حاضرة في ذاكرة الشعب الفلسطيني وقطاعاته وأجياله المتعاقبة دون استثناء. ولن ينسى أياً من الجرائم والمذابح الصهيونية، وسيلاحق كل القتلة أحياء أو أمواتا في المحاكم الأممية، وفي كل منبر أممي أو إقليمي وحيثما يتاح القصاص منهم. ولن يدخر وسيلة قانونية أو سياسية او ثقافية او فنية أو تربوية لفضح وتعرية المحارق الإسرائيلية وفي المقدمة منها محرقة صبرا وشاتيلا.
من المؤكد، أن شعب فلسطين العظيم سيأخذ حقه يوما ما من شارون وشامير وبيغن وايتان ونتنياهو وهرتسل ووايزمن وبيرس ورابين ويعلون وباراك ومئير واشكول والون وبن غفير وسموتيريتش وليبرمان وشاكيد وبينت ولبيد وغانتس وقائمة القتلة الصهاينة الطويلة، ولن يذهب الدم الفلسطيني المستباح ذات يوم هدرا، وكل يد صهيونية تغولت بالدم الوطني حية أم ميتة ستدفع الثمن غاليا. وكل الرحمة لأرواح شهداء صبرا وشاتيلا وكل شهدائنا الأبرار حيثما سقطوا ودافعوا عن ثرى وعروبة وهوية فلسطين وشعبها.

الاخبار العاجلة