إنه إضراب المواجهة

29 سبتمبر 2022آخر تحديث :
رمزي عودة

صدى الإعلام / الكاتب د. رمزي عودة – إنه إضراب المواجهة

أعلن ثلاثون أسيراً من الأسرى الإداريين على البدء في إضراب مفتوح عن الطعام رفضاً لسياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاعتقالهم التعسفي. البعض منهم قضى سنتين في الاعتقال، والبعض الآخر استمر اعتقاله لأكثر من 8 سنوات بشكل متقطع، بين كل تمديد وآخر عدة أشهر خارج المعتقل. ومن بين هؤلاء الأسرى الذين أمضوا فترات طويلة في السجن الإداري الأسير غسان زواهرة والأسير نضال أبو عكر من مخيم الدهيشة في بيت لحم. وفي هذا المخيم، نصب أهاليه خيمة تضامن مع هؤلاء الأسرى المضربين وذويهم. الأطفال والفتيات والشباب وأمهات الاسرى وزوجاتهم وأبناؤهم .. الجميع كان حاضراً ليعبر عن حالة التضامن والصمود إجلالاً لقضية الاسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال، وخاصة الاسرى الاداريين الذين تجاوز عددهم حتى بداية هذا الشهر 743 معتقلا إداريا حسب إحصاءات مؤسسة الضمير.

سألت أحد الأطفال من أبناء الأسرى الإداريين المضربين عن شعوره في هذه الخيمة، فأجاب أنه قلق خوفاً على تدهور صحة أبيه الاربعيني. وأخفت إحدى الأمهات حسرتها أن تفقد ابنها المضرب عن الطعام كما فقدت أخاه شهيداً قبل عدة سنوات على أيدي قوات الاحتلال في مظاهرة في مدينة بيت لحم، مطالبةً بالافراج عن الأسرى وتحسين أحوالهم. وفي زاوية أخرى في الخيمة، يتحدث أحد الآباء للشباب من حوله حول اعتقالات ابنه الإدارية المتكررة معتزاً بصموده في معركة الأمعاء الخالية أكثر من مرة. وشابة في ركن معاكس، تتجول بين الصفوف، تصور المشهد عن كثب من هاتفها الخلوي، وهي تحبس دموعها خوفاً من تصدع الروح المعنوية لزوجات وأمهات المضربين. الجميع في الخيمة يتحدث، ولكنهم يدركون أنها مسألة وقت حتى يعم الصمت والقلق والخوف جدران هذه الخيمة، حينها سيراقب الجميع فقط الأخبار عن صحة الاسرى المضربين ويدعون الله أن ينتصر الأسرى. إنها معركة الصمود، وليس الأسرى وحدهم يخوضونها، وإنما الأهل والأصدقاء والأبناء، جميعهم جزء من هذه المعركة، وجميعهم يؤمن بحتمية الانتصار على السجان.


أبو بكر: قضية الأسرى تمر بمرحلة حرجة تتطلب التكاتف وتحمل مسؤولياتنا الحقيقية


بالرغم من تجريم منظومة القانون الدولي للاعتقال الإداري، الا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تبرر الحبس الإداري بأسباب أمنية لا يمكن الإفصاح عنها أمام المحاكم حسب إدعائهم!. غير أن الواقع لا يؤيد هذا التبرير الإسرائيلي! فأغلبية الأسرى الإداريين يعودون الى المعتقل بعد فترات وجيزة من اعتقالهم، ولا يعلم أي منهم سبب اعتقاله.

من زاوية آخرى، تشير بعض الشواهد إلى أن عملية الاعتقال الإداري عبثية وتهدف فقط الى كسر إرادة الأسرى. على سبيل المثال، أخبر أحد ضباط “الشاباك” الأسير غسان زواهرة أثناء اعتقاله الإداري للمرة الخامسة، بأنه “يدرك أنه لم يفعل شيئاً أثناء خروجه القصير من المعتقل، ولكنه اعتقله مرة أخرى حتى لا يقلق منه مستقبلا”..!! أسير مناضل آخر اسمه أحمد قطامش تم اعتقاله إداريا لمدة 4 شهور وعمره قد تجاوز 75 عاما. وتكرر نفس المشهد حينما داهمت قوات الاحتلال منزل المناضل عطا الله أبو غطاس ليتم اعتقاله إدارياً، فتفاجأ الجنود أنه ثمانيني مقعد في سريره لا يقوى على فعل أي شيء!. هذه الحالات وغيرها توضح لنا أن الهدف من الاعتقال الإداري هو فقط كسر الوعي النضالي وتهشيمه. إنه لا يتعلق بالأمن كما يزعم المحتلون ولكنه مرتبط بالفكر، فهم يريدون تدمير العقل الفردي والجماعي النضالي لدى الشعب الفلسطيني، إنهم باختصار، يعتقلون المناضلين الفلسطينيين لكي يخبروهم ويخبروا أهاليهم بأن الاحتلال موجود في كل مكان، يراقبهم حتى في غرف نومهم، يستطيع أن يعتقلهم في أي لحظة وفي أي مكان، والهدف من كل هذا تخويفهم وترويعهم وكسر إرادة المقاومة لديهم. ولكنهم مع كل ما يفعلونه لم يستطيعوا كسر إرادة المعتقلين ولن يستطيعوا، وأبسط دليل على ذلك هو تحدي الاسرى الاداريين لإرادة السجان في هذا الاضراب. انه ليس إضراباً للافراج عنهم، ولكنه أيضاً إضراب لكسر إرادة السجان، إنه اضراب انتصار الوعي النضالي والاشارة الى أنه لن يركع أو ينكسر حتى لو تكررت مرات الاعتقال الإداري بالعشرات.

الاخبار العاجلة