نقل السفارة الامريكية الى القدس سيضع المنطقة على حافة الانفجار

19 يناير 2017آخر تحديث :
نقل السفارة الامريكية الى القدس سيضع المنطقة على حافة الانفجار

بقلم: سمير عباهرة عن وكالة PNN

منذ ان صدر قرار مجلس الامن الدولي الاخير رقم “2334”بإدانة الاستيطان الاسرائيلي وطاقم ادارة الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب لا يهدأ في تصدير المواقف الداعمة والمؤيدة لإسرائيل والاستيطان الاسرائيلي والإعلان عن اصرار ترامب على نقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس في خطوة لاقت استغرابا من قبل المجتمع الدولي بحكم وضع القدس الشرقية كأرض فلسطينية محتلة اضافة الى ان مثل هذه الخطوة تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وحقوق الانسان في الوقت الذي تدعي فيه الولايات المتحدة زعامتها للعالم الحر في حفاظها على القيم والمفاهيم الديمقراطية وتمسكها في الدفاع عن حقوق الانسان.

رغم التحذيرات التي صدرت وتصدر من هنا ومن هناك ومن مستويات سياسية تحذر ترامب من مخاطر خطوته هذه التي يمكن ان تضع المنطقة على حافة الانفجار وتعيد الصراع الى عناصره البدائية فقد هددت منظمة التحرير الفلسطينية بسحب الاعتراف بإسرائيل وهذا سيكون له  تداعيات على المجتمع الدولي بأسره ويضعه تحت الضغط اذ ان نقل السفارة هو انتهاك لشروط الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل وانتهاكا للمبادئ التي قامت عليها عملية السلام وللضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة للجانب الفلسطيني لقبوله الانخراط في ملف التسوية.

لماذا تحاول الولايات المتحدة ادخال المنطقة الى بوابات العنف مجددا بعد ان ادركت الادارات الامريكية السابقة ان عدم حل الصراع هو سبب كل الازمات الحاصلة في المنطقة وتأكد لها ذلك بعد ازمة الخليج الثانية التي كشفت عن عمق ازمة الشرق الاوسط  حينما صرح رولان دوما وزير الخارجية الفرنسي انذاك ان الصراع العربي الاسرائيلي والموقف الغربي منه هو احد اسباب الازمة الراهنة القابلة للتفجر وصدرت تصريحات من موسكو تؤكد على الموقف الفرنسي وتنادي بضرورة معالجة قضية فلسطين اذا اريد استئصال ازمات الشرق الاوسط الامر الذي دعا الولايات المتحدة لإطلاق عملية السلام ليس حبا بالفلسطينيين بل بعد ان ادركت ان عدم حل مشكلة الشرق الاوسط سيبقي المنطقة في حالة من عدم الاستقرار وسببا رئيسيا في زيادة التطرف مع تأكيد الولايات المتحدة بان الاستقرار في المنطقة هو مصلحة امريكية، وعمليا فقد ربطت هذه المبادرة الامريكية ازمات المنطقة بالصراع العربي الاسرائيلي لتصبح قضية الربط هذه محل اهتمام عالمي ولتجعل الصراع العربي الاسرائيلي في بؤرة الاهتمام الدولي من جديد وادى ذلك الى احداث تغيير في طبيعة المناخ السياسي في الشرق الاوسط وكان لها انعكاسات استراتيجية لعبت دورا محوريا في تسريع عملية التسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي على اساس حل لدولتين.

نقل السفارة الامريكية الى القدس يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى قدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على القانون الدولي وحمايته في ظل الاجماع الدولي برفض الخطوة الامريكية كما ان الخطوة الامريكية ستكشف ظهر الولايات المتحدة في الجغرافيا السياسية بإخراجها من عباءتها كقوة داعمة ومحافظة على مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان. كمان الخطوة الامريكية ستعجل بنهاية عملية السلام وينتهي دور الولايات المتحدة في هذه العملية وليس من حقها بعد الان مطالبة الجانب الفلسطيني بالعودة الى المفاوضات اذ انه ستكون هناك اجندة فلسطينية وخيارات وبدائل كثيرة لمجابهة الموقف الامريكي،وبذلك تكون الولايات المتحدة قد حكمت بالإعدام على عملية السلام التي بنت اسسها ووضعت مبادئها لان تحقيق السلام يصبح في غاية الاستحالة لأنه اصبح خاضعا لموازين القوى ولقواعد الضغط المشتركة، وهكذا ستكون الولايات المتحدة قد فتحت الطريق امام العودة بالمنطقة الى دوامة العنف في ظل المتغيرات والتحولات والتحالفات التي استجدت خلال العقدين الماضيين حيث برزت على الساحة الدولية والإقليمية تحالفات وتكتلات تركت اثرها على طبيعة الصراع وبرزت هناك قوى اقليمية استطاعت التأثير على جوهر الصراع ايضا، وهذا بدوره سيفتح المجال امام بروز حركات تطرف جديدة وتعزيز مواقف الحركات الموجودة في الاصل وستسقط نظرية الولايات المتحدة في حربها على الارهاب ما دام الارهاب الاسرائيلي مستثنيا من هذه القاعدة.

نقل السفارة الامريكية الى القدس سيعيد الصراع الى المربع الاول ويضع المنطقة كلها في مأزق وفي وضع قابل للانفجار وفي هذا السياق حذر رئيس معهد الاستشراق الروسي فيتالي نعومكين من أن “نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس سيؤدي إلى موجة تطرف جديدة في الشرق ألأوسط ولن تشارك أي دولة في هذه الخطوة الفظيعة ولن تعترف أي دولة بالقدس على أنها عاصمة إسرائيل”.

الاخبار العاجلة