نواب لبنانيون: ترسيم الحدود البحرية مع سوريا “مؤجل”

31 أكتوبر 2022آخر تحديث :
نواب لبنانيون: ترسيم الحدود البحرية مع سوريا “مؤجل”

صدى الإعلام _ على غرار اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، تسعى بيروت إلى ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، لكن يبدو أن موعد بدء محادثات مع الجارة “الشقيقة” لم ينضج بعد.

من جانب آخر، يعدّ ترسيم الحدود البحرية مع سوريا مدخلاً “أساسيًا” لترسيم الحدود مع قبرص الرومية، بحسب ما أعلن الجمعة كبير المفاوضين اللبنانيين بهذا الملف نائب رئيس مجلس النواب، إلياس بو صعب.

والجمعة، زار لبنان وفد من إدارة قبرص الرومية برئاسة وكيل وزارة الخارجية السابق تاسوس تزيونيس، وبحث مع مسؤولين لبنانيين مسألة ترسيم الحدود البحرية.

وعقب لقاء الوفد بالرئيس ميشال عون، قال بو صعب في مؤتمر صحفي إن لبنان “لن ينهي الملف مع قبرص إلا بعد التفاهم مع سوريا، لأن ذلك ما يحصل بين الدول الصديقة”.

 خلاف لبناني سوري
بين لبنان وسوريا منطقة بحرية متنازع عليها تتعدى مساحتها 900 كلم مربع، ومن شأن ترسيم الحدود بينهما أن يؤثر على الإحداثيات التي على أساسها سيجري ترسيم الحدود مع قبرص الرومية.

ويسعى لبنان إلى استكمال تحديد منطقته الاقتصادية البحرية عقب توقيع الاتفاق الذي تم في 27 أكتوبر/تشرين الأول الحالي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الذي وُصف بأنه “تاريخي”، بعد نزاع بينهما على منطقة بحرية غنية بالغاز.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون أعلن منتصف أكتوبر الجاري وجوب عقد “التباحث الأخوي” مع سوريا بشأن المنطقة البحرية المتنازع عليها بين البلدين.

 تأجيل زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق
الأسبوع الماضي أعلن عون أن لبنان سيرسل وفدًا إلى دمشق لبحث ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، لكن الأخيرة طلبت تأجيل الزيارة بسبب “عدم توفر الوقت”.

وقال السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي آنذاك في تصريح صحفي عقب لقائه عون، إن “الموعد أُعلن من لبنان قبل مناقشته مع سوريا”، مشيرًا أن “الزيارة لم تُلغَ إنما تأجلت”.

ويعود الخلاف بشأن المساحة الواقعة عند الحدود الشمالية للبنان إلى العام 2011، حيث اعتمد كلّ طرف خطًّا حدوديًا مختلفًا عن الآخر، وهما خطّان متداخلان بينهما ما شكل منطقة متنازع عليها.

وفي عام 2021 أثير الخلاف مجددًا، بعد أن منحت دمشق ترخيصًا لشركة طاقة روسية لبدء عمليات تنقيب في تلك المنطقة، في وقتٍ يتطلع لبنان للاستفادة من ثروته النفطية كاملةً في البحر المتوسط.

** “لا مصلحة لأحد بالعرقلة”
وفي حديث مع الأناضول، أعرب النائب اللبناني سجيع عطية، رئيس لجنة “الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه” في البرلمان، عن اعتقاده بأن “المسؤولين السوريين يريدون مزيدًا من الوقت لتجهيز ملفّ كاملٍ حول هذا الموضوع”.

وأضاف عطية: “لا أعتقد أن هناك مشكلة جوهرية مع سوريا كونها دولة شقيقة وصديقة، لكن يبدو أن المباحثات تحتاج إلى بعض الوقت، لكنها ستكون أسهل بكثير مما كانت عليه مع العدو الإسرائيلي”.

وأردف: “هم (النظام السوري) قالوا إنهم غير جاهزين لاستقبال الوفد اللبناني، لكن في الخفايا ربما هناك عراقيل مرتبطة بالوضع غير المستقر في سوريا بالوقت الراهن، وأعتقد أن الأمور بحاجة إلى وقت للنضوج”.

ويُعتبر التواصل الرسميّ بين بيروت ودمشق شبه معلّق منذ عام 2011، على أثر الأزمة في سوريا، رغم قيام بعض الوزراء اللبنانيين (القريبين من دمشق وطهران) في الحكومات المتعاقبة بزيارات لدمشق، لكنها لم تأخذ طابعًا حكوميًا رسميًا.

وقال البرلماني اللبناني: “روسيا أعربت عن جاهزيّتها للتدخل والمساعدة للتوصل إلى حلّ، لكن لا أتوقع أن يستمرّ الخلاف طويلاً، لا سيما أن هناك معالم حدودية واضحة وفقًا للقانون الدولي، بعكس ما كان في الجنوب (مع إسرائيل)”.

وتوقع عطية “أن يكون الجو إيجابيًا وأن يكون هناك حلّ لاحقًا، لأن لا مصلحة لأحد بالعرقلة، هم بحاجة للنفط ونحن كذلك”.

 أطماع سورية في لبنان
في المقابل، اعتبر النائب زياد حوّاط من كتلة “الجمهورية القوية” أن ترسيم الحدود مع دمشق ليس سهلاً، لأن المسؤولين في النظام السوري “لديهم أطماع في لبنان وأهدافهم كبيرة تجاهه”.

وقال حواط: “كما يوجد أطماع إسرائيلية في لبنان، كذلك يوجد أطماع سورية فيه”، محمّلاً “الجانبين (إسرائيل والنظام السوري) مسؤولية ما وصل إليه لبنان في السنوات الأخيرة الماضية”.

وأضاف أنه “بالإضافة إلى الأطماع السورية البحرية ثمة أطماع برية تدفعهم (النظام) لعدم ترسيم الحدود في البر أيضاً، ما يسهّل التهريب نتيجة التداخل الجغرافي، لذلك يجب ترسيم الحدود البرية وضبطها مع سوريا”.

وتابع حوّاط: “نطالب ببلد سيّد وحرّ، تكون حدوده البحرية والبرية واضحة”، مضيفاً أن “على إسرائيل استكمال الترسيم البري، وعلى سوريا البدء جدّيًا بأسرع وقت بالترسيم البري والبحري، وهكذا تصبح حدودنا وثروتنا البحرية واضحة”.

ومنذ استقلال البلدين عن الانتداب الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي، لم يجر أيّ ترسيم ميداني للحدود بين لبنان وسوريا سواء البرية أو البحرية، في ظل تداخل جغرافي على طول الحدود البرية بينهما البالغة حوالي 340 كلم.

 “لمصلحة كل الأطراف”
أما النائب قاسم هاشم، من كتلة التنمية والتحرير التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، رأى أن “الأمر لا علاقة له بترسيم الحدود البرية إنما يهدف إلى تحديد المناطق البحرية في كل اتجاهاتها الشمالية والجنوبية والغربية تمهيدًا لاستثمار الثروات الطبيعية”.

وأضاف أنه “أمرٌ طبيعي أن يبحث لبنان في الأمر مع الشقيق السوريّ أو الجار القبرصي”، مشيرًا إلى أنه “من مصلحة الأطراف كافة أن يوضع هذا الملف على طاولة البحث”.

ولفت الى أن “لبنان ربما يكون قد تأخر بفتح هذا الملف مع دمشق بسبب الأزمة في سوريا وابتعاد المسؤولين اللبنانيين عنها وعدم الحفاظ على العلاقة الأخوية، نتيجة عدم الجرأة في مقاربة العلاقات معها في ظل الأزمة التي تعيشها”.

والحال نفسه بالنسبة إلى الحدود البرية، وفق هاشم، الذي اعتبر أن “لبنان تأخّر كثيرًا بالتواصل مع دمشق لحلّ مثل تلك المشكلات”.

وقال: “ها نحن اليوم نحصد النتائج السلبية لهذا الأمر، لأن لبنان تخلى عن هذه العلاقة مع سوريا”، متسائلاً: “هل من المنطقي أن نسرّع الخطى حاليًا ونحاول إعادة التواصل بمستوى ملتوٍ لتحقيق ُمصالح معينة؟”.

ويرى محللون ان الرئيس عون حاول أن يسجل إنجازات لفريقه السياسي في آخر أيام عهده من خلال ترسيم الحدود البحرية سواء مع إسرائيل أو سوريا أو قبرص، إلا أنه بالنسبة لدمشق قد تكون الحسابات مختلفة ما أدى الى تأجيل البت بهذا الملف.


للمزيد:انتخابات الكنيست.. خلافات داخل الأحزاب الإسرائيلية وانقسامات متوقعة بعدها


الاخبار العاجلة