المشهد السياسي الليبي يتجه نحو التعقيد .. هل الحرب خلف الابواب

2 نوفمبر 2022آخر تحديث :
المشهد السياسي الليبي يتجه نحو التعقيد .. هل الحرب خلف الابواب

صدى الإعلام _ تؤكد جميع المؤشرات الأمنية والسياسية أن المشهد الليبي يتجه نحو مزيد من التعقيد لا سيما إثر تمسك رأسي السلطة التنفيذية، حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والحكومة الليبية بقيادة فتحي باشاغا، بسدة الحكم.

عرفت البلاد عدة تطورات بعد تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبدالله باثيلي الذي لم يمض على مباشرته نشاطه الدبلوماسي في ليبيا سوى أقل من شهر، حيث اتجهت حكومة الدبيبة إلى توقيع مذكرات تفاهم عسكرية واقتصادية مع تركيا تتيح للأخيرة استغلال التنقيب على النفط والغاز في السواحل البحرية الليبية إضافة إلى توزيع الدبيبة لأراض ليبية على عدد من السفارات الأجنبية.

خطوات وصفها المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، في كلمة له، مساء الإثنين، أمام أعيان منطقة الجفرة (تمثل أهم قاعدة عسكرية وسط الجنوب الليبي بالنسبة لحفتر) بـ”عملية بيع للوطن”.

وقال حفتر إن “الداعي إلى الحرب، هو من أنزل عساكره ومرتزقته فوق أرضنا، طمعاً في ثرواتنا مستغلاً ما تمر به بلادنا من ظروف طارئة، ليبرم صفقات العار مع الخونة والعملاء الذين باعوا وطنهم وشرفهم من أجل السلطة والمال”، في تلميح منه للاتفاقات التي وقعتها حكومة الوحدة الوطنية مع الحكومة التركية أخيراً.

هذه المستجدات رفعت من سقف مخاوف الشعب الليبي التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي من إمكانية اندلاع حرب أهلية طويلة المدى لا سيما بعد تلويح حفتر بحرب جديدة ستؤدي إلى ضياع الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً بعد تشتت أوراق التسويات السياسية في البلد الذي يتخبط في وحل المراحل الانتقالية منذ انهيار نظام معمر القذافي عام 2011.

المعركة الفاصلة

وطالب حفتر بـ”انتفاضة شعبية” ضد جميع الأجسام الموجودة في المشهد الليبي مبدياً استعداد قواته لدعم ما وصفه بـ”خيار الشعب في اختيار من يحكمه”. ودعا حفتر إلى “إخراج كافة القوات الأجنبية من أرضنا (…) وأن كل شبر من حدود ليبيا ومن ترابها (…) هو خط أحمر أمام الإرهاب وأمام المطامع الاستعمارية”.

وتابع “إذا ما فشلت كل المساعي السلمية، بعد منحها ما تستحق من دعم ووقت لخروج القوات المحتلة من أراضينا فليس أمامنا من خيار، إلا أن نخوض المعركة الفاصلة من أجل التحرير مهما كان الثمن، ومهما استغرقت من وقت، نخوضها من دون تردد، بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، وإصرار على العيش بكرامة وكبرياء فوق أرضنا”.

ونوه قائد قوات الجيش الليبي بالقطب الشرقي “لسنا بهذا ندعو إلى الحرب، بل نحن دعاة سلام ودعاة تعاون بين الشعوب بما يحقق لها التقدم والازدهار، دعاة علاقات عمادها الاحترام وحسن النوايا والمصالح المشتركة”.

ووعد حفتر في كلمته بدعم المبعوث الأممي الجديد مبرزاً “إذا ما لمسنا في مساعيه الجدية والإخلاص والصراحة والشفافية والانحياز التام لمصلحة الشعب الليبي والالتزام بما تعهد به وعدم التأثر بالضغوط الخارجية مهما بلغ حجمها”.

مربع الحرب مرفوض

وتعليقاً على كلمة حفتر أكدت القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى يائيل لامبرت في لقاء جمعها بوزيرة خارحية الحكومة الوطنية نجلاء المنقوش في القمة العربية التي تحتضنها الجزائر “رفض بلادها الحل العسكري في ليبيا وعودتها لمربع الانقسام والحرب”.

وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الخارجية في حكومة طرابلس فقد أعربت لامبرت عن “دعم الولايات المتحدة لإجراء انتخابات في ليبيا في ظروف مستقرة”.

وبحثت المنقوش ولامبرت سبل تعميق العلاقات الثنائية بين ليبيا والولايات المتحدة، وشددتا على أهمية الدور العربي الذي تمثله جامعة الدول العربية في رعاية جهود تثبيت السلام في ليبيا.

وتناول اللقاء “آخر التطورات السياسية في ليبيا وجهود حكومة الوحدة الوطنية، لتثبيت الاستقرار ودعم جهود الحل السياسي، لإجراء انتخابات وطنية على قاعدة دستورية وقوانين انتخابية عادلة ونزيهة” وفق ما جاء على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية.

الصراع موجود

“المشهد العام في ليبيا لا يتمحور حول إبرام الدبيبة مذكرات تفاهم مع تركيا أو تهديد حفتر بشن حرب جديدة، بل إن حفتر ركز في كلمته على أسباب تمديد الأزمة الليبية من دون إيجاد حلول عملية مقابل استنزاف لمقدرات للشعب الليبي”، هكذا علق رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر على كلمة حفتر وإمكانية الذهاب نحو حرب جديدة.

وقال الأسمر عن تحذير حفتر من شن حرب جديدة لـ”اندبندنت عربية” إنه “تنبيه باعتبار أن جميع الحلول والتسويات السياسية التي جابت مختلف العواصم العربية والغربية قد فشلت ولم ينتج عنها سوى حكومات أغرقت البلد في نفق المراحل الانتقالية”.

وعبر رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية عن “تأييده كلمة حفتر باعتبار أن جميع هذه المراحل لم تكن نابعة من إرادة الشعب الليبي أو عن طريق استفتاء شعبي وبالتالي تعتبر فاشلة وبالتالي فإن فرص التسوية نفذت لأنها لم تكن حقيقية”.

وأشار إلى أن “جميع الحكومات التي نتجت عن هذه التسويات لم تلتزم بنود خريطة الطريق السياسي مثل حكومة الدبيبة، ورغم ذلك لم يتم ردعها من قبل المجتمع الدولي الراعي والمنتج لهذه المراحل”، متابعاً أن “هذه التسويات بدورها غير سوية ومنتهية فعلياً فعلى سبيل المثال لم ينجح أحد إلى الآن في إماطة اللثام عن القوة القاهرة التي حالت دون إجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) 2021”.

وأكد الأسمر أن “البلاد ليست على أعتاب فصل جديد من الصراع بعد كلمة خليفة حفتر بل هي في صراع من قبل وكلمة قائد القوات المسلحة بالشرق الليبي أكدت إمكانية اندلاع حرب جديدة، ولكن الصراع لا يمكن اختزاله في الجانب العسكري فقط بل أيضاً في الصراع السياسي وإلى الآن لم يتم الاتفاق على قاعدة دستورية بين المجلسين (النواب والدولة)”.

حكومة جديدة

في المقابل أكد المحلل السياسي إبراهيم لاصيفر أن “تحذير حفتر من شن حرب جديدة لا يتخطى الكلام لأنه لا يملك قرار اندلاعها أو توقفها، والدليل واضح في الرد الأميركي الذي جاء اليوم من الجزائر وأكد رفض عودة البلد لمربع الانقسام والحرب”.

وأوضح لاصيفر أن “الظروف الدولية ليست مهيأة لصدام عسكري جديد في ليبيا فأي تسويات جديدة في ظل وجود حكومة الوحدة الوطنية المنتهية شرعيتها لن ترى النور”.

وفي إطار الإجابة حول إمكانية الذهاب نحو انتخابات مبكرة قال المحلل السياسي “ضرب من الخيال لأن الحديث عن إجراء انتخابات وطنية يتطلب تهيئة اقتصادية وأمنية لحماية الانتخابات وتوعية سياسية واجتماعية إذ لا يمكن القيام بانتخابات مثلاً قبل إجراء مصالحة وطنية شاملة بين مختلف الأطراف الليبية”.

واستدرك لاصيفر “حتى لو ذهبت حكومة الدبيبة إلى انتخابات مبكرة فلن تنجح لأن حكومته لا تسيطر إلا على جزء من المنطقة الغربية غير أن شرق وجنوب البلد بالكامل خارج سيطرته وحتى المنطقة الغربية بالكامل ليست مناصرة له”.

فحديث الدبيبة عن “أهمية الذهاب نحو انتخابات مبكرة حتى يسلم السلطة هو مجرد شماعة من أجل البقاء لأطول فترة ممكنة”.

حوار جديد

وأكد لاصيفر أن إمكانية نشوب صراع مسلح غير واردة تماماً لأن بحوزته معلومات تشير إلى أن “هناك حديثاً عن حوار جديد ترعاه الأمم المتحدة مشابه لحوار جنيف ولكن بمخرجات مختلفة”.

وأضاف “لن يكون الانتخاب وفق القائمة وإنما سيكون هناك توافق بين أعضاء لجنة الحوار الجديدة على جسم رئاسي جديد وحكومة تنفيذية جديدة على غرار ما حدث في الصخيرات المغربية حيث تم التوافق على حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج أواخر 2015، ولكن بتشكيلة مختلفة إذ ستتكون هذه الحكومة الجديدة من عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة وجزء من مجلس النواب وأعضاء من البلديات والشخصيات المؤثرة في الساحة السياسية، وسيتم استبعاد كل من تقلد منصباً في كل من حكومة الدبيبة أو حكومة باشاغا أو من تم تعيينهم كمندوبين أو سفراء للدولة الليبية”.


للمزيد : مظاهرات طلابية في إيران.. وارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات

الاخبار العاجلة