ترامب: أميركا أولا

21 يناير 2017آخر تحديث :
ترامب: أميركا أولا

بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة

 رام اللهصدى الإعلام– 21/1/2017 تم أمس تنصيب الرئيس الأميركي ال45، دونالد ترامب وسط إحتفال مهيب. القى في أعقاب ذلك كلمة قصيرة وجهها للشعب الأميركي والعالم. أكد فيها على: إعطاء الأولوية لإميركا وجيشها وصناعاتها ومكانتها، وطرح شعاره “أميركا اولا”، الذي سيكون الناظم لعمله والحقبة الأميركية الجديدة؛ اشار إلى ان يوم تنصيبه، يوم تاريخي مختلف، حيث أعاد فيها الحكم للشعب الأميركي؛ واكد انه لا يميز بين أميركي وأميركي إن كان ابيضا ام اسودا، فالجميع دمهم واحد، احمر؛ وأكد على أن يصنع من اميركا نموذجا لشعوب الأرض، دون ان تدفع تريليونات الدولارات لها؛ وأضاف انه سيحرص على التحالفات القديمة، لا بل سيوسعها، ولكن على ارضية التركيز على العمل للإميركيين، والحماية لهم وتعزيز صناعاتهم، التي يجب ان تحظى بإقتنائها من قبلهم، وهو يذكرني “بالعمل العبري”  . … إلخ

الرئيس ترامب شاء ان يقول، وداعا لمرحلة العولمة، التي قادها بوش الأب. ونعم للقومية الأميركية. التي شهدت في السنوات الأخيرة تراجعا مريعا نتاج السياسات الأميركية ذاتها للإدارات الأميركية السابقة، حيث أفرزت هويات دينية وإثنية، كاد العالم ينساها ويتخلى عنها. وهو ما يعني عمليا إنكفاء الإدارة الأميركية الجديدة نحو الداخل الأميركي، وبتعبير آخر، العزل النسبي لإميركا عن العالم، وبالتالي إعادة رفع مكانة القومية على حساب العولمة.

من المؤكد أن الرئيس ال45 لن يستطيع عزل أميركا كليا عن العالم وهمومه ومشكلاته. ولكنه يستطيع ان ينأى بالولايات المتحدة عن الكثير من القضايا الدولية او بتعبير آخر، تقليص حجم التدخل الأميركي فيها. غير ان السؤال، الذي يطرح نفسه على الإدارة الجديدة، هل تستطيع  رفع يدها عن هموم العالم؟ هل دولة بوزن وحجم الولايات المتحدة يمكن لها ان تبتعد عن التطورات، التي تعصف بالعالم؟ وهل المنظومة السياسية والأمنية والإقتصادية تسمح له بذلك؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا تقحم الولايات المتحدة نفسها  في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ ولماذا يعتبر حماية الإستعمار الإسرائيلي قضية أميركية؟ لماذا لا يكون وسيطا محايدا ونزيها بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية؟ والآ يعني ذلك تناقضا في ما طرحه الرئيس ترامب في خطاب التنصيب، مع ما جاء في تصريحاته وتغريداته على مواقع التواصل الإجتماعي حول الإصرار على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية المحتلة في 1967؟ وأي منطق عقلاني يحكم إدارة الرئيس الجديد؟ والشيء بالشيء يذكر، حول العلاقة مع دول الخليج العربي وإيران وأوروبا والمكسيك واميركا اللاتينية؟

إبنة ترامب غردت على موقعها للمعارضين لحكم والدها: “إعطوه فرصة للحكم”. وهي دعوة معقولة ومنطقية. ولكن مع إستلامه لمقاليد الحكم، عليه ان يعي جيدا، اهمية ما جاء على لسانه، عندما قال ان الرؤساء الأميركيين السابقين، كانوا يقولوا ما لا يفعلوا، معتبرا نفسه شخصا مختلفا عنهم، وما يقوله يلتزم به. وهذا يعني إن كان صادقا فيما ذكره، اولا الإبتعاد عن التطرف في طرح القضايا الداخلية والدولية؛ ثانيا الإلتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب والدول الأخرى؛ ثالثا تعزيز السلام العالمي من خلال سياسات راشدة ومنسجمة مع مواثيق وأعراف وقوانين الأمم المتحدة ودستور الولايات المتحدة، الداعي لمنح الشعوب حق تقرير المصير؛ رابعا تكريس العلاقات الإيجابية مع دول وشعوب العالم، وخلق مناخ عالمي جديد يشيع لغة التسامح والتعاون بين شعوب الأرض؛ خامسا سحب الأساطيل والجيوش الأميركية من بحار ومحيطات الأرض، ووقف إنتاج السلحة النووية والهيدروجينية والجرثومية والكيماوية…إلخ

مرحلة اميركية جديدة، او بتعبير ادق حقبة اميركية نوعية، لا يملك المرء سوى ان يتمنى للولايات المتحدة، أن تكون دولة سلام وعدالة وحيادية، ونصير لشعوب الأرض وخاصة الشعوب الواقعة تحت الإحتلال، كما الشعب العربي الفلسطيني وليس العكس.

موضوع الحالة الأميركية في حقبة ترامب تحتاج إلى قراءات متواصلة ومتجددة إرتباطا بما شهدته عملية التنصيب والسياسات، التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب.

الاخبار العاجلة