تونس..اتحاد الشغل يصرّ على التصعيد مقابل صمت رئاسي وحكومي

28 نوفمبر 2022آخر تحديث :
تونس..اتحاد الشغل يصرّ على التصعيد مقابل صمت رئاسي وحكومي

صدى الإعلام _ يصر الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في البلاد على التصعيد دون النظر بعين الاعتبار إلى التحديات التي تعترض الدولة، وهو ما تواجهه الرئاسة والحكومة بـ”الصمت الإستراتيجي”.

ويحمّل مراقبون الرئيس قيس سعيد مسؤولية تمادي اتحاد الشغل في الضغط وتجاهل الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد؛ إذ عمد الرئيس إلى استثناء الاتحاد من “إستراتيجية الإهمال” التي طبّقها على المنظمات والأحزاب، واستقبل أمينه العام نورالدين الطبوبي أكثر من مرة وفسح له مجال التفاوض مع الحكومة.

ويرى المراقبون أن على السلطة أن تراعي قضيتين أساسيتين في التعامل مع اتحاد الشغل، تتمثل الأولى في تجاهله وعدم منحه فرصةَ لعبِ دورٍ سياسي، تماما كما فعلت ذلك في تعاملها مع الأحزاب، أما الثانية فتتمثل في ضرورة الرد على ادعاءاته باعتماد الحجج والأرقام.

وبحسب هؤلاء فإن الاتحاد منظمة مطلبية تقدم نفسها باسم الشعب وليست مثل الأحزاب التي تقدم نفسها بفكرها ومشروعها السياسي، لهذا من الصعب توخّي الصمت الإستراتيجي تجاه حركة مطلبية.

وأفاد حاتم المليكي، الناشط السياسي والنائب في البرلمان المنحل، بأن “الصمت ليس بصمت الحكومة وإنما صمت الرئيس سعيد، لأنه هو من اختار الحكومة، وهذا الصمت يدخل في الأجندة السياسية للرئيس”.

وقال لـ”العرب”، “الرئيس لا يريد أن يشوّش على المسار الذي يتبعه، وإستراتيجية الصمت خاطئة لأن محاولة فرض الأمر الواقع سياسيا والخوض في مسألة الإصلاحات والتكتم عليها ستؤدي إلى تناقض وتباعد كبير بين الحكومة والاتحاد وكذلك المواطنين”.

وأضاف “ربما سيدفع هذا الصمت نحو المواجهة في المستقبل، وعلى الرئيس أن يخرج ويخاطب الجميع”.

في المقابل قال المحلل السياسي باسل ترجمان، لـ”العرب”، “أعتقد أن ردّ الحكومة على تحركات الاتحاد لن يتأخر وسيكون ردا كلاسيكيا كالذي اعتمدته الحكومات السابقة في تونس، كما أن وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية ربما تخرج وتوضح الكثير من الأمور”.

ولوح الاتحاد العام التونسي للشغل السبت بإمكانية التظاهر في حال تواصل تدهور القدرة الشرائية للتونسيين.
جاء ذلك على لسان الطبوبي، خلال افتتاح مؤتمر النقابة العامة لموظفي التربية المنعقد في مدينة الحمامات شرق تونس.

وقال الطبوبي إن “المنظمة ترفض تحميل المواطن مزيدا من الحيف الجبائي (الضريبي)، وإثقال كاهله بضرائب لتعبئة ميزانية الدولة لعام 2023، في ظل وضع يزداد غلاء وتدهورا للقدرة المعيشية للمواطن”. وأضاف أن “النقابيين مستعدون للنزول إلى الشارع في حال تواصل تدهور القدرة الشرائية للعامل والموظف”.

وأعلن عن “تحرك احتجاجي قادم لنقابيي عمال قطاع النقل رفضا للجباية (الضرائب)، سيتم تنظيمه يوم 30 نوفمبر الجاري”.

وخاطب الطبوبي حكومة بلاده قائلا “لا يمكن للأجراء (العمال والموظفين) تحمّل المزيد من الجباية دونا عن بقيّة الفئات الاجتماعية”. وشدد على أن “الاتحاد مستعد للنزول إلى الشارع لخوض معركته من أجل فرض عدالة جبائية واجتماعية”.

وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية زادت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ بدء الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021.

ويواصل التضخم في تونس الارتفاع حيث بلغ 9.1 في المئة خلال سبتمبر الماضي، صعودا من 8.6 في المئة خلال أغسطس، وسط استمرار تذبذب وفرة السلع الأساسية محليا، وارتفاع أسعارها عالميا.

يذكر أن البرنامج الإصلاحي الذي مضت فيه الحكومة التونسية، والذي اشترطه صندوق النقد الدولي، يتضمن إصلاحات مالية وجبائية تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الأجور.

ويفسر مراقبون إصرار اتحاد الشغل على التصعيد بأنه محاولة متأخرة للانضمام إلى المعارضة، حيث اتسم موقف الاتحاد من مسار 25 يوليو بالتناقض؛ ففي الوقت الذي يعلن فيه دعمه لإجراءات الرئيس لا تتوقف قياداته عن إصدار تصريحات ومواقف لا تخدم سوى المعارضة.

وقال الناشط السياسي المنذر ثابت إن “تصعيد الاتحاد ليس جديدا، والطبوبي أشار منذ أكثر من شهر إلى أن نقاط الاختلاف مع حكومة نجلاء بودن نقاط مهمة”، وهو يعتبر أن “الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي مرفوضة”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “ثمة تمشّ يرفضه الطبوبي، والمعارضة وجبهة الخلاص كانتا تفتقدان إلى التحاق الاتحاد بهما، لكن الطبوبي حسم أمره في المراهنة على مسار 25 يوليو، ومن الواضح أن الاتحاد قطع الخيط الذي يصله بقصر قرطاج، وهو يضغط الآن من أجل تسجيل الحضور على سبورة المعارضة”.

وفسر ثابت صمت الحكومة والرئاسة بالقول “الحكومة في وضع دقيق جدا لأنها تحتاج إلى الحصول على القسط الأول من القرض المنتظر من صندوق النقد الدولي، وهي تدرك أن هذا لن يحصل قبل الانتخابات التشريعية، لذلك تريد العبور إلى ما بعد الانتخابات بأخف الأضرار”.

واستطرد “هو صمت تكتيكي لعدم الدفع نحو اشتعال الساحة، ودخول الحكومة في سجال مع الاتحاد سينقلب عليها بالضرورة، وبالتالي ليس بإمكانها الردّ على الاتحاد الذي يعتبر رقما صعبا في المعادلة السياسية بالبلاد”

الاخبار العاجلة