تونس..مخاوف من مقاطعة محتملة للانتخابات

5 ديسمبر 2022آخر تحديث :
تونس

صدى الإعلام _ تتصاعد المخاوف من العزوف عن التصويت في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في السابع عشر من ديسمبر الجاري في تونس، وسط دعوات سياسية متزايدة لمقاطعتها وتغذية الأزمات في البلاد، بالموازاة مع اختلاف مواقف الناخبين بين “ضعف برامج” المترشحين وتراجع الثقة في مكونات المشهد السياسي.

وانتقد محمد علي البوغديري، عضو مبادرة “لينتصر الشعب”، الدعوات المطالبة بمقاطعة هذه الانتخابات، وأكد في تصريح لإذاعة محلية أن “المقاطعة ستُعمق الأزمة”، داعيا إلى “ضرورة إجراء الانتخابات لاستكمال إرساء المؤسسات”.

وندّد البوغديري بما اعتبره “محاولات توتير الأجواء في البلاد”، مشيرا إلى أن مسار 25 يوليو هو حدث شعبي و”الرئيس قيس سعيد قد استجاب للشعب”.

وفي خطوة تغذي المخاوف من العزوف عن التصويت دعا حزب العمال والحزب الجمهوري وحزب التيار الديمقراطي والتكتل الوطني من أجل العمل والحريات وحزب القطب الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات.

واعتبرت هذه الأحزاب في بيان مشترك أن “الانتخابات التشريعية المرتقبة تفتقد إلى أبسط معايير النزاهة والشفافية والديمقراطية، وأن الانتخابات تستند إلى دستور تم سنه بشكل انفرادي، دون أن يشارك أحد في صياغته ومناقشته، حيث تم فرضه عبر استفتاء لم تبلغ فيه نسبة المشاركة ثلث الناخبين”.

وجاء في البيان أن “القانون الانتخابي صيغ بشكل انفرادي، حيث شهد إقصاء الأحزاب والقوى السياسية المنظمة وتراجع عن دعم مشاركة النساء في الحياة السياسية”.

وتتواصل الحملة الخاصة بالانتخابات التشريعية في تونس، بينما يواجه المترشحون للانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر الجاري صعوبات في تمويل حملاتهم.

وقالت شيراز الشابي، النائبة في البرلمان السابق،” الوضعية التي وصلنا إليها اليوم هي نتيجة التعنت السياسي، حيث كنّا نعتقد أن مسار 25 يوليو سيؤدي إلى بروز فترة انتقالية”.

وأكّدت لـ”العرب” أن “الأفراد مهما اجتهدوا لن يقدّموا حلولا حقيقية لإنقاذ البلاد، وكنّا قد طالبنا منذ 2019 بتشكيل حكومة وحدة وطنية للقيام بإصلاحات جذرية”.

وتابعت الشابّي “من الطبيعي أن تعمّق مقاطعة الانتخابات الأزمة الشاملة في تونس، لأن التونسيين اليوم مشاغلهم ليست سياسية بقدر ما هي اقتصادية واجتماعية”.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي توجد انتقادات واسعة لنشاط المترشحين خلال الحملة الانتخابية، وسط مخاوف من أن تكون ملامح البرلمان الجديد دون انتظارات الشعب.

ويقول متابعون للشأن التونسي إن حملات المترشحين للانتخابات تثير الجدل، حيث يوجد استهتار كبير من المترشحين في الدفاع عن مطالب الشعب، وفيهم من قدّم برامج غير منطقية، وهو ما يساهم في ترذيل المشهد السياسي وقد ينتج برلمانا جديدا أسوأ من سابقه.

وأفادت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة بأن “إمكانية مقاطعة الانتخابات واردة، وأعتقد أن نسبة المشاركة فيها ستكون ضعيفة جدا نظرا لوجود الشعبوية”، واصفة ما يجري بـ”المهزلة”.

وقالت في تصريح لـ”العرب”، “بات من الواضح اليوم أن ما سيأتي أسوأ مما سبق، بسبب غياب البرامج السياسية للمترشحين، والقانون الانتخابي الجديد جعل الأفراد يتكلّمون باسم المنطقة والمدينة، كما أن ثقة التونسيين في المشهد السياسي تراجعت”.

في المقابل ترى شخصيات سياسية أن دعوات المقاطعة هي حملات تقودها الأطراف المعارضة لتوجّهات الرئيس سعيّد في البلاد، معتبرة أنها لن تؤثّر على المسار بأكمله. وأقرّت بوجود تباينات بين إمكانات المترشحين وسجلاتهم السياسية.

وأفاد الناشط السياسي نبيل الرابحي بأن “هناك مفاهيم تغيرت بعد 25 يوليو 2021، والأهم في هذه الانتخابات اليوم أنه لا يوجد مال سياسي فاسد”، وقال “من 2014 إلى اليوم دائما يكون عدد الناخبين في حدود 3 ملايين ناخب، ومن المنتظر أن يشارك هؤلاء في الانتخابات التشريعية”.

وأوضح الرابحي “حملات المقاطعة تسوّق لها المعارضة، وأعتقد أنه ليس لها أي تأثير على المسار الانتخابي والسياسي، ولا يمكن الحديث عن المقاطعة إلا إذا تراجع عدد الناخبين بشكل كبير”.

وأردف “هناك عناصر نوعية مترشحة للانتخابات، ولكن هناك من هم دون المطلوب، ومازلنا في مرحلة الغربلة السياسية وأولى سنوات الممارسة الديمقراطية، كما أن ملامح البرلمان الجديد ستكون صورة مصغّرة للمجتمع التونسي”.

واستطرد “ربحنا حرية التعبير من ثورة يناير 2011، والآن هناك مهمات إستراتيجية تبدأ بإصلاح التعليم وثورة ثقافية ومعرفية”. ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المواطنين إلى المشاركة في التصويت.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في تصريح صحفي السبت إن “نسق الحملات الإعلامية للمترشحين يكون تصاعديا، حيث تبدأ بنسق منخفض وبطيء وتحتد قبل أيام من عملية التصويت”.

وأضاف “رصدنا بعض المخالفات البسيطة في الحملات الانتخابية لبعض المترشحين فيما يخص وضع اللافتات والمعلقات في الشوارع، وبعض مظاهر الإشهار السياسي في عدد من وسائل الإعلام السمعي والبصري، وبعض خطابات المترشحين التي فيها نوع من العنف أو دعوات الكراهية”، مؤكّدا أن الهيئة وثّقت كل تلك المخالفات وأرسلت بدورها تنبيهات وإنذارات للمترشحين المخالفين كمرحلة أولى، وفي بعض الحالات تُحيل الهيئة المخالفات إلى النيابة العامة إذا اقتضى الأمر”.

وتأتي الانتخابات في وقت تقرّ فيه مختلف الأطراف باحتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بعد استفحال المديونية وتدهور وضع المالية العامة وازدياد عجز الدولة عن احترام تعهداتها تجاه مواطنيها والأطراف التي تتعامل معها في الداخل والخارج.

وحذّر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي السبت من أن بلاده “تعيش وضعا خانقا وتدهورا على جميع الأصعدة”، مؤكدا “عدم قبول الاتحاد بالمسار الحالي”.

ونبّه في كلمة بثها الاتحاد عبر صفحته على فيسبوك إلى أن “تونس باتت مقسمة ومشتتة وفاقدة للطريق”، مشددا على أن “كل المؤشرات تنذر بخطر داهم”.

وانتخابات 17 ديسمبر الجاري هي أول انتخابات تشريعية في تونس بعدما أعلن الرئيس سعيد حل البرلمان في مارس الماضي، عقب الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو 2021 وشملت تجميد البرلمان وإقالة الحكومة.


للمزيد: سوريا – اللحظات الاخيرة لمقتل زعيم «داعش»


الاخبار العاجلة