تعديل النظام الانتخابي يهدد الهدنة السياسية في الكويت

19 ديسمبر 2022آخر تحديث :
تعديل النظام الانتخابي يهدد الهدنة السياسية في الكويت

صدى الإعلام _  تقول أوساط سياسية كويتية إن الهدنة القائمة بين حكومة الشيخ أحمد نواف أحمد الجابر الصباح، ونواب المعارضة الذين يسيطرون على مجلس الأمة معرضة للاهتزاز على خلفية إصرار النواب على المضي قدما في مقترح تعديل النظام الانتخابي، في مقابل تحفظات كثيرة للحكومة على هذه الخطوة.

وسعت الحكومة منذ تشكيلها في أكتوبر الماضي على تعزيز جسور الثقة مع المعارضة، وتفكيك أي ألغام يمكن أن تطرأ على مسار العلاقة بين الجانبين، بما قد يؤثر على جهود إطلاق الإصلاحات الاقتصادية التي ترنو الحكومة إلى القيام بها.

واستجاب الشيخ أحمد النواف في البداية لشروط النواب بشأن التشكيل الحكومي، كما حرصت حكومته على التعاطي بإيجابية مع حزمة المقترحات النيابية لاسيما بشأن جهود مكافحة الفساد، وهو ملف كان محل تجاذب كبير بين الحكومة والمجلس السابقين.

وترى الأوساط أن نواب المعارضة اعتبروا هذا التمشي يعكس شعور الحكومة بحالة من الضعف حيال سيطرتهم على مجلس الأمة، وأن كل مطالبهم ستكون مجابة، ومن بينها تعديل النظام الانتخابي، لكن موقف الحكومة الأخير من شأنه أن يدفع النواب إلى إعادة النظر في اعتقادهم، حيث أبدت الحكومة رفضا قاطعا للمقترح المطروح.

وتلفت الأوساط نفسها إلى أن هذا الرفض الحكومي هو في واقع الأمر انعكاس لموقف القيادة السياسية التي لديها تحفظات كثيرة على مسألة تعديل نظام “الصوت الواحد”.

وأرجأت لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة مؤخرا البت في مقترح لتعديل النظام الانتخابي كان قد تقدم به خمسة نواب ويقضي بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، على أن تجرى الانتخابات وفق نظام القوائم النسبية، بسبب رفض الحكومة للمقترح.

ونقلت صحيفة “القبس” الكويتية عن مصادر مطلعة أن التأجيل جاء بسبب رفض الحكومة للمقترح، وأنه لم يتم تحديد موعد جديد لإعادة النظر فيه.

وأوضحت المصادر أن هناك محاولات نيابية تجري حاليا لإقناع حكومة الشيخ أحمد النواف بأهمية التعديل الهادف إلى معالجة عيوب النظام الانتخابي الحالي وتحقيق تمثيل أكثر عدالة.

وتستبعد الأوساط أن تغير الحكومة من موقفها وأن تقبل بالسير في الطرح المقدم حاليا، لافتة إلى أن المعارضة قد تلجأ في هذه الحالة إلى تأجيل فتح هذه المعركة لكن ذلك لن يدوم طويلا مع تمسكها بموقفها لجهة تغيير النظام القائم.

وتعتبر المعارضة أن سيطرتها على المجلس التشريعي يشكل بالنسبة إليها فرصة ثمينة عليها استغلالها لتحقيق الهدف المشود.

ويلقى النظام الانتخابي الحالي القائم على الصوت الواحد رفضا واسعا من قبل أطياف المعارضة التي اعتبرت أن إقراره يستهدف بالأساس تحجيم نفوذها لصالح الفريق المؤيد للحكومة، وهي حجة لا تبدو مقنعة بالنسبة إلى الأخيرة، مستدلة على ذلك بنجاح المعارضة في السيطرة على مجلس الأمة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في سبتمبر.

ووفق نص المقترح، الذي تقدم به كل من عبدالله جاسم المضف وحسن جوهر ومهند الساير وعبدالكريم الكندري ومهلهل المضف في أكتوبر الماضي سيجري تقسيم “الكويت إلى خمس دوائر انتخابية، لعضوية مجلس الأمة، تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء، ويكون الترشيح بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة أو في الانتخابات التكميلية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم”.

ويقضي المقترح بأن يكون “تصويت الناخبين على القوائم بحسب أرقامها المعلنة وفقا لحكم المادة الثالثة من هذا القانون، ولا يجوز للناخب أن يصوت لأكثر من قائمة واحدة وإلا اعتبرت ورقة التصويت باطلة”.

وشدد النواب في المذكرة الإيضاحية للمقترح على أن القانون يستهدف معالجة العيوب التي شابت نظام الانتخابات والاقتراب من الوضع الديمقراطي الأمثل.

وذكر النواب أن المشروع سيحدث تغييرا جذريا في النظام الانتخابي الكويتي، وسيحقق عدالة أكبر في تمثيل الكيانات والكتل السياسية، ويضمن تمثيلا متكافئا للأطياف السياسية في البلاد، ويحول دون هيمنة أو احتكار المؤسسة التشريعية لفئة دون أخرى أو لتوجه بعينه.

وأشاروا، بحسب المذكرة التي تناقلتها حينها وسائل إعلام محلية، إلى أن نمط القوائم حقق نجاحا منقطع النظير في الكثير من الدول، وكان سببا في إزالة الاحتقان السياسي وتحقيق توافق ورضا اجتماعيين وتعايش سلمي بين مكونات المجتمع، ولاسيما أنه يضمن لسائر هذه المكونات تمثيلاً وحضورا داخل البرلمان يمكنانها من إسماع صوتها والدفاع عن مصالحها.

ويعود قانون الصوت الواحد في الكويت إلى العام 2012، حينما قرر أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حلّ مجلس الأمة المنتخب آنذاك، والذي سيطرت عليه المعارضة حينها، وحاولت تمرير عدد من القوانين التي لم يوافق عليها الأمير.

وقام الأمير الراحل بإصدار مرسوم ضرورة لتعديل الأصوات الانتخابية، وفقا للمادة الحادية والسبعين من الدستور الكويتي والتي تخول له إصدار قوانين ضرورية دون الرجوع إلى مجلس الأمة.

وتم تقليص عدد الأصوات الممنوحة لكل مواطن إلى صوت واحد بعد أن كانت أربعة أصوات، مع إبقاء الدوائر الانتخابية على حالها. وذلك لإنهاء سيطرة الكتل السياسية المعارضة، وفي مقدمتها الكتل الإسلامية، على البرلمان.

وأدى المرسوم إلى إعلان المعارضة عن أكبر مقاطعة للعملية الانتخابية في تاريخ البلاد، إذ قاطعت انتخابات عام 2012 الثانية، وانتخابات عام 2013، قبل أن تقرر العودة بشكل جزئي في عام 2016، بعد أن فرضت الحكومة الصوت الواحد بحكم الأمر الواقع.

وكانت المحكمة الدستورية الكويتية، وهي أعلى سلطة دستورية في البلاد، قضت في يونيو 2013، وفي حكم وصف بـ”التاريخي”، بتحصين مرسوم الصوت الواحد والتأكيد على دستوريته.

وقالت المحكمة في حكمها آنذاك “مرسوم الضرورة جاء لمعالجة سلبيات وعيوب تهدّد وحدة الوطن ونسيجه الاجتماعي”، مشيرة إلى أن الهدف من قرارها هو “تحقيق المصلحة الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار”.

الاخبار العاجلة